بقلم: الدكتور خالد البقاعين، رئيس كلية الكويت للعلوم والتكنولوجيا
تتطلع رؤية حكومة الكويت لتحويل الدولة إلى مركز إقليمي ودولي للتجارة والخدمات المالية في إطار رؤية الكويت 2035 "كويت جديدة".
ولا شك أن المرتكز الرئيسي لهذه الرؤية الطموحة هي البنية التحتية المتينة لتقنية المعلومات والاتصالات التي تنطوي على أهمية كبيرة لدفع عجلة التنوع الاقتصادي وخلق المزيد من فرص العمل وبالتالي ترسيخ التنافسية العالمية.
تحتل الكويت تصنيفاً متقدماً ضمن مؤشرات تقنية المعلومات والاتصالات العالمية، مستفيدة من معدلات انتشار الإنترنت العالية التي تضاهي المستويات العالمية، وسعة تغطية شبكات الجيل الخامس، وتنامي منظومة خدماتها الرقمية.
وتسير الدولة بخطى ثابتة نحو ترسيخ دعائم مفاهيم "الحكومة الذكية" و"المدينة الذكية"، مقدمة للسكان والمؤسسات معاملات يسيرة وتسهيلات عديدة عبر الإنترنت وقدرات وصول واتصال متفوقة.
وبحسب أبحاث مؤسسة البيانات الدولية، من المتوقع أن يزيد نمو استثمارات التحول الرقمي بمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا بمقدار الضعف خلال الفترة الممتدة من عام 2020 ولغاية 2025، لتصل إلى 58 مليار دولار.
وفي غضون ذلك، يقدر الخبراء بأن الإنفاق على قطاع تقنية المعلومات والاتصالات في الكويت سينمو بمعدل سنوي يبلغ 10.2% ليصل إلى 10.1 مليار دولار بحلول عام 2024.
وترى شركة "جلوبال داتا" بأن النمو الاقتصادي سيكون مدعوماً بالتقنيات المتطورة على غرار الذكاء الاصطناعي والبيانات الضخمة والحوسبة السحابية وإنترنت الأشياء.
وعلى الرغم من أن رؤية الكويت 2035 تولي القطاع التقني أهمية قصوى، إلا أنه تجب الإشارة إلى أن وفرة المواهب المتمرسة أمر يعادلها أهمية، نظراً لقدرة هذه المواهب على الاستفادة من البنية التحتية التقنية المتطورة في الدولة، ودورها الحيوي في تحقيق مستهدفات الرؤى والأهداف الوطنية.
وتواصل جامعات الكويت تعليم وصقل مهارات خبراء في تقنية المعلومات والاتصالات، إلا أنه يتعين الانتباه إلى أن الطلب على هؤلاء الخبراء يفوق توافرهم.
لذلك لا بد لنا من ضخ الاستثمارات الكفيلة بتنمية المواهب وضمان وصول المؤسسات المحلية لكوادر مؤهلة ومتمرسة بشكل كافٍ لتتمكن من دعم أهدافها المؤسسية ذات الصلة بالتحول الرقمي.
ولا شك بأن الركن الرئيسي لهذا التحول يكمن في توافر البرمجيات والمعدات، في حين يجب إجراء التدريبات الرقمية المتقدمة وصقل المواهب الضرورية لتلبية الطلب المتنامي في مشهد الاقتصاد الرقمي الآخذ في الازدهار.
من هنا يتوجب على المجتمع الأكاديمي تكثيف علاقات الشراكة مع الحكومة والقطاع الخاص ضمن تعاون ثلاثي الأطراف للوقوف على الاحتياجات التقنية وضرورة توافر المواهب في الوقت الراهن، ناهيك عن تلبية كافة الاحتياجات المطلوبة في سوق العمل في المستقبل.
ودعماً لهذه الرؤية، تهدف كلية الكويت للعلوم والتكنولوجيا إلى تأهيل خريجين قادرين على قيادة المجتمع، وذلك عبر منحهم فرص التدريب لدى نخبة من الشركاء في القطاع والمتفوقين في تقنيات الجيل الخامس وأنظمة الاتصال والشبكات المتقدمة، والأمن السيبراني، والذكاء الاصطناعي والروبوتات.
وفي هذا الإطار، تستضيف الجامعة أول مختبر للجيل الخامس بنظام تدريب محاكاة الجيل الخامس "منصة نجم الجيل الخامس" من شركة هواوي في الكويت، وهي مبادرات تندرج ضمن أكاديمية هواوي لتقنية المعلومات والاتصالات.
وسيدعم هذا التعاون تنمية المواهب في الدولة، ويساهم في تأسيس نماذج أعمال رقمية جديدة، ليضع بصمة جلية في التحول الاقتصادي تماشياً مع مستهدفات الرؤية الوطنية.
ويقدم مختبر الجيل الخامس للطلاب رؤى معمقة حول أحدث التطورات التقنية.
وسيستفيد المشاركون من العلاقات الوثيقة مع القطاع وسيحظون بفرص تقاسم المعارف حول سيناريوهات تقنية المعلومات والاتصالات التي تحاكي الحالات على أرض الواقع.
كما تقدم "منصة نجم الجيل الخامس" برنامجاً تدريبياً على مجالات القطاع وخبراته بناءً على محطات هواوي للجيل الخامس.
وسيتعلم الطلاب مهارات العالم الحقيقي ضمن بيئة تعليمية غامرة، باستخدام الواقع الافتراضي لاكتساب معارف تقنية معقدة.
وتمثل أكاديمية هواوي لتقنية المعلومات والاتصالات برنامج شراكة عالمي بين المؤسسات التعليمية والشركات، وتقوده هواوي لتشجيع الطلاب الجامعيين على الالتحاق بمهن تقنية المعلومات والاتصالات.
وبمنحهم شهادات مهنية، تقدم الأكاديمية الموارد والمهارات المطلوبة للمواهب المحلية للمساهمة في تطوير القطاع والمجتمع الرقمي بأسره.
وتضع هذه الشراكة مع هواوي الطلاب أمام مجموعة من أكثر التقنيات تطوراً في مجال الجيل الخامس، استعداداً لتطوير كفاءاتهم التقنية وتسهيل وصولهم إلى سوق العمل وبالتالي تعزيز الاقتصاد الرقمي في الدولة.
ولتعزيز الاهتمام بتقنية المعلومات والاتصالات وإثراءً لمعارفها على مستوى المنطقة، تنظم هواوي أيضاً برامج ومنافسات لتطوير المواهب على غرار مسابقة هواوي لتقنية المعلومات والاتصالات في منطقة الشرق الأوسط، وبرنامج بذور من أجل المستقبل، وأكاديمية المطورين ، ومبادرة تمكين المرأة في قطاع التقنية.
وتمكن هذه البرامج الطلاب من التدريب على أحدث التوجهات التقنية، واستكشاف النظام الإيكولوجي التقني في الكويت، واكتساب المعرفة من خبراء القطاع.
كما وتقدم هواوي جلسات تدريبية عالية الجودة وخدمات داعمة للجامعات في الكويت التي تساعد في تدريب المعلمين والأساتذة المختصين، وتأسيس وتحسين تخصصات تقنية المعلومات والاتصالات، والارتقاء بالمناهج التعليمية وإنشاء المختبرات، حيث تساهم هذه الجهود في تطوير مواهب تقنية ذات كفاءة عالية وعملية في الكويت.
وبينما تعني شراكاتنا الوثيقة مع رواد قطاع التقنية، على غرار هواوي، تزويد طلابنا بأفضل المهارات والخبرات لشق طريقهم وتحقيق الازدهار في الاقتصاد الرقمي الناشئ، وترسيخ مكانة الكويت المتفوقة في مواهب المستقبل، نحتاج لبذل مزيد من الجهد في هذا الإطار.
إذ يتعين علينا مد الشباب بكافة سبل الدعم للالتحاق بمهن تقنية المعلومات والاتصالات وضمان لعب الشركات الرائدة مثل هواوي لدورها البناء في مبادرات التدريب الوطنية.
تفخر كلية الكويت للعلوم والتكنولوجيا بتولي دور حيوي في التحول الرقمي الذي تشهده الكويت، وتقديم التدريب والمهارات المواهب.
إلا أنه يمكننا ضمان استعدادنا جميعاً للمستقبل الرقمي الجديد والمشرق فقط من خلال شراكات القطاع الطويلة والمدروسة، كونها السبيل لتحقيق التفوق الرقمي لدولة الكويت.