تمكن ريشي سوناك، وزير المالية السابق، من تجاوز منافسيه بوريس جونسون وبيني موردنت لينتخب زعيما لحزب المحافظين، وبالتالي أصبح أول رئيس حكومة من أصول آسيوية يدخل «10 داوننغ ستريت»، ليتولى بذلك مهمة قيادة دولة منقسمة بشدة خلال تباطؤ اقتصادي من المتوقع أن يؤدي إلى تفاقم فقر الملايين.
وذكرت وسائل إعلام بريطانية ان الملك تشالز الثالث توجه إلى قصر باكنغهام الرسمي لقبول استقالة رئيسة الوزراء المنتهية ولايتها ليز تراس، وتكليف خليفها ريشي سوناك، أحد أغنى السياسيين في وستمنستر، تشكيل حكومة.
وتفوق سوناك على السياسية الوسطية موردنت، التي لم تحصل على دعم 100 نائب المطلوبة للترشح، بينما عزف منافسه رئيس الوزراء السابق جونسون عن المنافسة، قائلا إنه لم يعد بإمكانه توحيد الحزب.
وقال زعيم المحافظين الجديد إن «أولويته الأولى هي الاستقرار الاقتصادي ثم يمكننا النظر في العمل على تعهدات عام 2019».
وأضاف في أول كلمة له، ان وقت السجالات الداخلية انتهى، ودعا زملاءه في الحزب «إلى التركيز على السياسات لا على الشخصيات، وأناشدكم العمل من أجل الوحدة».
وقد انتقد حزب العمال المعارض فوز سوناك برئاسة الحكومة، وقال انه «لا يعلم ما يحتاجه البريطانيون»، ودعا الى اجراء انتخابات مبكرة.
وبذلك، سيدخل سوناك، البالغ من العمر 42 عاما، التاريخ كأول شخص غير أبيض يدير حكومة المملكة المتحدة، وهو حفيد مهاجرين من أصول هندية ومصرفي سابق ثري، سلك الطريق المعتاد للنخبة البريطانية.
ويأتي فوز النائب الذي أدى اليمين أمام البرلمان على البهاغافاد غيتا، وهو أحد النصوص الأساسية للهندوس، في الوقت الذي يحيي فيه الهندوس عيد الدويلي.
وقال المسؤول عن تنظيم الاقتراع غراهام برايدي «يمكنني أن أؤكد أننا تلقينا ترشيحا واحدا صالحا فقط»، مضيفا «هكذا انتخب ريشي سوناك زعيما لحزب المحافظين».
وبما أن حزب المحافظين يملك الغالبية في مجلس العموم، أصبح سوناك رئيسا للحكومة في مواجهة أزمة اجتماعية عميقة وفي ظل محاولة توحيد الأغلبية التي يعتبرها البعض غير قابلة للإدارة بعد 12 عاما على وجودها في السلطة.
وبعد عطلة نهاية أسبوع شهدت مداولات مكثفة، أعلن سوناك ترشيحه الأحد قائلا «أريد إصلاح اقتصادنا وتوحيد حزبنا وتقديم المساعدة لبلدنا».
ولتمييز نفسه عن بوريس جونسون، وعد بـ «النزاهة والاحتراف والمسؤولية».
وبمجرد تسليم استقالة ليز تراس رسميا إلى الملك تشالز الثالث يكلف ريشي سوناك بتشكيل حكومة جديدة، في إطار جدول زمني يجب توضيحه قريبا.
وستكون هذه المرة الأولى التي يقوم فيها الملك الجديد بتكليف رئيس حكومة، بعدما كان قد اعتلى العرش في الثامن من سبتمبر بعد وفاة والدته إليزابيث الثانية.
وبذلك يصبح سوناك خامس رئيس للحكومة منذ إجراء الاستفتاء على خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي في العام 2016، والذي فتح الباب أمام فصل طويل من الاضطرابات الاقتصادية والسياسية غير المسبوقة في المملكة المتحدة.
وكان سوناك قد خسر السباق إلى داونينغ ستريت هذا الصيف، والذي فازت فيه ليز تراس، إلا أن هذه الأخيرة أعلنت استقالتها بعد 44 يوما فقط على تسلمها منصبها كرئيسة للحكومة اثر تأزم الوضع في البلاد بسبب خططها الاقتصادية.
ورفض ترشح الوزيرة المسؤولة عن العلاقات مع البرلمان بيني موردونت البالغة من العمر 49 عاما، بعدما فشلت في جمع 100 صوت يسمح لها بخوض هذا السباق. واعترفت موردنت بخسارتها عبر تويتر، قبل وقت قليل على الإعلان الرسمي عن الأمر.
بناء عليه، لم يعد من الواجب استشارة أعضاء حزب المحافظين البالغ عددهم 170 ألفا، وهي عملية كانت ستؤخر ظهور الفائز حتى يوم الجمعة.
ويحظى سوناك وزير المالية السابق المؤيد للانضباط في الميزانية والعمل الكثيف بتأييد قسم كبير من حزبه فيما البلاد تشهد أزمة اقتصادية واجتماعية حادة، تفاقمت بسبب أخطاء تراس والتي زعزعت استقرار الأسواق وتسببت في انخفاض قيمة الجنيه الاسترليني.
واستمر الوضع في التدهور في الأشهر الأخيرة، حيث أصيبت الحكومة بالشلل بسبب الاضطرابات المتتالية التي أزعجت الغالبية.
وكان سوناك قد شجب بانتظام خطة ليز تراس الاقتصادية هذا الصيف، كما يظهر كشخصية مطمئنة للأسواق البريطانية.
وكان جونسون أعلن في بيان مساء أمس الأول أنه حصل على المائة صوت اللازمة لدعم ترشيحه في هذه العملية الداخلية في حزب المحافظين لكنه عدل عن الترشح بسبب الانقسامات في الحزب اليميني.
وقال «خلال الأيام القليلة الماضية توصلت للأسف إلى نتيجة مفادها أنه لن يكون الشيء الصحيح الذي ينبغي عمله. لا يمكنك الحكم بفعالية إذا لم يكن لديك حزب موحد في البرلمان».
وكان جونسون (58 عاما) الذي غادر السلطة مطلع سبتمبر بعد سلسلة فضائح عاد السبت من عطلة في الكاريبي لتأمين الأصوات المائة اللازمة لدعم ترشحيه، ونال 102.
وجونسون الواثق من نفسه على الدوام قال لسوناك إنه على قناعة بأنه كان ليحصل «على فرصة جيدة للعودة الى دوانينغ ستريت» لو قرر البقاء في السباق، وقد استقال جونسون في يوليو بعد توالي الاستقالات في حكومته وبينها استقالة سوناك نفسه.
كما قال إنه «في وضع جيد» لقيادة معسكره خلال الانتخابات التشريعية المقبلة المرتقبة بعد عامين.