- الرئيس الفرنسي: على الدول الغنية دفع حصتها لمساعدة الدول الفقيرة في مواجهة التغير المناخي
شرم الشيخ ـ خديجة حمودة ووكالات
توجهت أنظار العالم امس الى مدينة شرم الشيخ المصرية التي شهدت افتتاح الشق الرئاسي من الدورة الـ 27 لمؤتمر الدول الأطراف لاتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن المناخ (COP27) والتي تترأسها مصر، وتضمنت انطلاق النسخة الثانية من قمة مبادرة الشرق الأوسط الأخضر، برئاسة مشتركة بين صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان ولي العهد رئيس مجلس الوزراء السعودي، والرئيس المصري عبدالفتاح السيسي.
وأكد الرئيس عبدالفتاح السيسي، أن العالم في حاجة إلى مواجهة التغيرات المناخية وآثارها وما تسببه من خسائر كبيرة للبشرية، وقال: «إن تغير المناخ هو أحد أكثر القضايا العالمية أهمية وإلحاحا وهي مواجهة تغير المناخ من خلال أعمال الدورة الـ 27 لمؤتمر الدول الأطراف لاتفاقية الأمم المتحدة لتغير المناخ (COP27) الذي ينعقد في دورته الحالية بمدينة شرم الشيخ (مدينة السلام) وأولى المدن المصرية التي تعرف طريقها نحو التحول الأخضر التي تتعلق بها أنظار وعقول العالم لمتابعة وقائع مؤتمرنا وما سيسفر عنه من نتائج تسهم في تحول مصائر ملايين البشر نحو الأفضل وفي خلق بيئة نظيفة ومستدامة ومناخ أكثر استجابة لمتطلبات الشعوب وظروف مواتية للحياة والعمل والنمو دون أضرار بموارد عالمنا التي يتعين العمل على تنميتها واستثمارها وجعلها أكثر استدامة».
وأضاف الرئيس السيسي، في كلمته امس أمام الجلسة الافتتاحية لأعمال الشق الرئاسي للمؤتمر، «إن تغير المناخ من أكثر القضايا إلحاحا والتي تتسبب في ضحايا وخسائر بشرية كبيرة»، مضيفا: «إننا نجتمع على هدف واحد في شرم الشيخ بمشاركة القادة الحاضرين وهناك الملايين التي تتابعنا عبر العالم أمام الشاشات يطرحون أسئلة صعبة ولكن ضرورية وإننا هنا اليوم من أجل الإجابة عن تلك الأسئلة وشواغل ملايين البشر حول العالم الذين يعانون من كوارث مناخية تتصارع وتشتد حدتها في مناطق متفرقة من العالم».
وتابع الرئيس: «أثق في أنكم هنا اليوم من أجل الإجابة عن تلك الأسئلة والرد على شواغل الملايين حول العالم الذين يعانون الآن أكثر من أي وقت مضى من كوارث مناخية تتصارع وتيرتها وتزداد حدتها على نحو غير مسبوق يوما بعد يوم في شتى أنحاء كوكبنا.. فما تلبث أن تنتهي كارثة في مكان ما حتى تبدأ أخرى في مكان آخر مخلفة وراءها آلاف الضحايا والمصابين والنازحين ومسببة خسائر مادية بالمليارات وكأن العالم قد أصبح مسرحا لعرض مستمر للمعاناة الإنسانية في أقصى صورها».
وأكد الرئيس أن ما يحتاجه عالمنا اليوم، لتجاوز أزمة المناخ الراهنة وللوصول إلى ما توافقنا عليه، كأهداف في «اتفاق باريس» يتجاوز مجرد الشعارات والكلمات، مضيفا: «إن ما تنتظره منا شعوبنا اليوم، هو التنفيذ السريع والفعال والعادل، وتتوقع منا شعوبنا خطوات حقيقية وملموسة نحو خفض الانبعاثات، وبناء القدرة على التكيف، مع تبعات تغير المناخ وتوفير التمويل اللازم للدول النامية، التي تعاني أكثر من غيرها من أزمة المناخ الراهنة»، مشيرا إلى أنه من هذا المنطلق، فلقد حرصنا على تسمية هذه القمة: «قمة التنفيذ» وهو الهدف الذي يجب أن تتمحور حوله، كافة جهودنا ومساعينا.
وقال الرئيس السيسي إنه على الرغم من كل التحديات، التي واجهناها خلال الفترة الماضية، ولا نزال نواجهها، فضلا عن جميع العوامل التي أعلم أنها تلقي بظلال من الشك وعدم اليقين إزاء قدرتنا على الوصول إلى أهداف «اتفاق باريس»، وحماية كوكبنا من مستقبل، يصل فيه ارتفاع درجات الحرارة إلى درجتين ونصف، بل 3 درجات مئوية على الرغم من ذلك كله، فإن هناك شواهد وعوامل أخرى، تدعونا إلى التمسك بالأمل في قدرة البشرية، على صنع مستقبل أفضل لأجيال قادمة، لا يجب عليها أن تتحمل نتائج أخطاء لم ترتكبها وفي شعوب باتت أكثر وعيا ودراية، بحجم التحدي ومتطلبات مواجهته، وبالثمن الباهظ للتقاعس أو التراجع والأمل أيضا في حكومات، تعلم ما يتعين عليها القيام به، وتسعى بالفعل إليه، وفقا لقدراتها وإمكانياتها وفي قطاع أعمال عالمي ومجتمع مدني، أصبح يمتلك من الأدوات، ما يؤهله للعب أدوار مهمة في هذا الإطار.
في غضون ذلك، قال الأمير محمد بن سلمان خلال كلمته في افتتاح قمة «مبادرة الشرق الأوسط الأخضر» إن تحقيق أهدافها يتطلب استمرار التعاون الإقليمي للوصول للأهداف المناخية العالمية، وأضاف أن تحقيق الأهداف المرجوة من المبادرة يتطلب استمرار التعاون الإقليمي والإسهامات الفاعلة من قبل الدول الأعضاء.
وأكد أنه بتضافر الجهود الإقليمية تسعى المبادرة لدعم الجهود والتعاون في المنطقة لخفض الانبعاثات وإزالتها بأكثر من 670 مليون طن مكافئ ثاني أكسيد الكربون، وهي الكمية التي تمثل الإسهامات الوطنية المحددة من جميع دول المنطقة، كما تمثل 10% من الإسهامات العالمية عند الإعلان عن المبادرة، بالإضافة إلى زراعة 50 مليار شجرة، وزيادة المساحة المغطاة بالأشجار إلى 12 ضعفا، واستصلاح 200 مليون هكتار من الأراضي المتدهورة مخفضة بذلك 2.5% من معدلات الانبعاثات العالمية.
وأشار إلى أنه تحقيقا لمستهدفات خفض الانبعاثات، أطلقت المملكة مبادرة «السعودية الخضراء» لخفض الانبعاثات بأكثر من 278 مليون طن مكافئ ثاني أكسيد الكربون بحلول 2030، من خلال تطبيق النهج الاقتصادي الدائري للكربون، وإنشاء صندوق استثماري إقليمي مخصص لتمويل حلول تقنيات الاقتصاد الدائري للكربون، بالإضافة إلى مبادرة الحلول والوقود النظيف من أجل توفير الغذاء.
وأضاف أن المملكة قامت بتسريع وتيرة تطوير وتبني تقنيات مصادر الطاقة النظيفة متمثلة باستخدام الطاقة المتجددة بهدف إدارة انبعاثات الموارد الهيدروكربونية، وإبراز هذه الخطوة يتمثل في تتويج مزيج الطاقة المستخدم في توليد الكهرباء في المملكة، بحيث يتم إنتاج 50% من الكهرباء داخل المملكة بالاعتماد على مصادر الطاقة المتجددة بحلول 2030، والوصول إلى إزالة 44 مليون طن من الانبعاثات الكربونية أي ما يعادل 15% من إسهامات المملكة المحددة الوطنية حاليا بحدود عام 2035.
وأوضح أنه تحقيقا لمستهدفات التشجير، تم في القمة السابقة إطلاق مبادرات عديدة منها تأسيس مركز إقليمي للتغير المناخي وبرنامج إقليمي لاستمطار السحب، وإسهاما في تنفيذ هذه الأهداف ومبادراتها، أعلنت المملكة عن استهداف زراعة 10 مليارات شجرة، وزيادة مناطق المحميات البرية والبحرية إلى 30% من إجمالي المساحة الوطنية.
ونقل ولي العهد السعودي تحيات خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز وتمنياته بنجاح أعمال قمة المناخ، معربا عن شكره للرئيس عبدالفتاح السيسي على حسن التنظيم لإنجاح العمل ضمن هذه المبادرة الإقليمية النوعية التي تأتي بالتزامن مع مؤتمر المناخ.
وقال إن المملكة ستستضيف مقر الأمانة العامة لمبادرة «الشرق الأوسط الأخضر»، وستسهم بـ 2 مليار ونصف المليار دولار دعما لمشروعاتها وميزانيتها على مدى 10 سنوات قادمة.
وأضاف أن هدف الصندوق الاستثماري الإقليمي الوصول للحياد الصفري لانبعاثات غاز الاحتباس الحراري بحلول عام 2050 من خلال نهج الاقتصاد الداعم للكربون.
واختتم الأمير محمد بن سلمان كلمته قائلا «تجدد المملكة التزامها بالعمل مع دول المنطقة من أجل تحقيق أهداف مبادرة الشرق الأوسط الأخضر لتكون نموذجا عالميا لمكافحة التغير المناخي، ونأمل أن تحقق قمة اليوم مخرجات تسهم في تعزيز العمل المشترك، لضمان مستقبل مشرق ومزدهر للأجيال القادمة».
من جهته، أكد الرئيس السيسي أن العدد الكبير الذي انضم إلى مبادرة الشرق الأوسط الأخضر دليل على الجدية التي توليها دول المنطقة لجهود مواجهة تغير المناخ، سواء على صعيد خفض الانبعاثات والتحول نحو الطاقة المتجددة أو على صعيد اتخاذ إجراءات فعالة للتكيف مع الآثار السلبية لتغير المناخ.
وقال الرئيس السيسي، في كلمته أمام قمة «الشرق الأوسط الأخضر»، إن مصر استطاعت القيام بخطوات واسعة في إطار التحول نحو الطاقة المتجددة سواء الطاقة الشمسية أو الرياح أو الهيدروجين، ونقوم في الوقت الراهن بتدشين مشروعات طموحة في مجال النقل النظيف.
وتابع: إن استضافة منطقتنا لمؤتمري أطراف تغير المناخ العام الراهن في مصر والقادم في دولة الإمارات العربية المتحدة الشقيقة هو خير دليل على الدور الذي باتت دولنا تضطلع به على صعيد عمل المناخ العالمي والتزامها بتنفيذ تعهداتها.
وقال الرئيس: عندما طرح ولي عهد المملكة العربية السعودية رئيس مجلس الوزراء منذ بضعة أشهر فكرة عقد القمة الثانية لمبادرة الشرق الأوسط الأخضر هنا في شرم الشيخ بالتزامن مع قمة المناخ وكإحدى فعالياتها، رأيت أنها تعد فرصة مواتية لتسليط المزيد من الضوء على هذه المبادرة المهمة التي أتى إطلاقها منذ نحو عام من اليوم ليعالج إحدى الجوانب الضرورية في عمل المناخ في عالمنا العربي وفي منطقة الشرق الأوسط والتي تعاني أكثر من غيرها بالآثار السلبية لتغير المناخ على جودة الأراضي الزراعية وخصوبة التربة، فضلا عن الارتفاع المطرد في درجات الحرارة وندرة المياه والجفاف.
وحذر السيسي من أن الوقت ليس في صالحنا وأن الفجوات في خفض الانبعاثات واجراءات التكيف وتوفير آليات ووسائل التنفيذ وعلى رأسها تمويل المناخ، تحتاج إلى تعامل سريع واجراءات تنفيذية على أرض الواقع.
وأكد الرئيس أنه اتصالا بما تقدم واتساقا مع ما حرصت مصر على تأكيده من أن الوقت قد حان للانتقال إلى مرحلة التنفيذ على أرض الواقع، فإن مبادرة الشرق الأوسط الأخضر تمثل فرصة ممتازة لتعزيز التعاون بين أعضائها من الدول، بهدف حشد المزيد من الاستثمارات وتوفير آليات جديدة للتمويل المبتكر لدعم المشروعات التي تقوم بها دولنا لمواجهة تغير المناخ بالتنسيق مع مؤسسات التمويل العربية والإقليمية التي تضطلع بدور مهم في هذا الإطار.
وفي استكمال فعاليات الشق الرئاسي لمؤتمر المناخ المسائية قال العاهل الأردني الملك عبدالله الثاني أمس، إن الدول النامية هي أكثر الدول التي تعاني من التغيرات المناخية التي تزداد حدتها بشكل مطرد، مشيرا إلى أن مؤتمر cop27 أمامه جملة من القرارات للتعامل مع التغير المناخي على مستوى جديد تكون قادرة على التغيير الملموس وتحقيق نتائج بسرعة وفاعلية.
كما أكد أن بلاده ملتزمة بهذه القرارات، مشيرا إلى أنه مؤخرا تراجع مستوى هطول الأمطار إلى النصف تقريبا خلال العقود الخمسة الماضية، بينما تراجع نصيب الفرد من المياه بنسبة 80%، كما تراجع منسوب مياه البحر الميت بمعدل 3 أقدام مكعبة سنويا فيما تتدفق في نهر الأردن 7% من المياه فقط مقارنة بمعدلها التاريخي، كما اختفت واحات بتنوعها الحيوي الغني في غضون عقود قليلة.
من جهته، أعرب الرئيس الفرنسي «إيمانويل ماكرون» عن رغبته في ممارسة ضغوط على الدول الغنية غير الأوروبية لاسيما الولايات المتحدة لتدفع حصتها في مساعدة الدول الفقيرة على مواجهة التغير المناخي.
وقال الرئيس ماكرون خلال لقاء مع الشباب الأفارقة والفرنسيين على هامش القمة، إنه يجب دفع الولايات المتحدة والصين لتكونا على الموعد من حيث الحد من انبعاثات غازات الاحتباس الحراري والتضامن المالي.
وأكد الرئيس الفرنسي أن بلاده وأوروبا على المسار الصحيح فيما يتعلق بخفض الانبعاثات لكنه طالب الدول الناشئة الكبرى بالتخلص من استخدام الفحم بسرعة كبيرة، مشددا على ضرورة الضغط على الدول الغنية غير الأوروبية لدفع نصيبها.
غوتيريش يخيّر البشرية بين العمل معاً أو «الانتحار الجماعي»
دعا الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش إلى تبني خارطة طريق لإيصال مساعدات التكيف مع تغيرات المناخ التي تعهدت الدول الغنية بتقديمها للدول النامية خلال مؤتمر المناخ بغلاسكو (كوب 26) البالغة قيمتها 40 مليار دولار بحلول عام 2025، محذرا في الوقت نفسه من أن احتياجات التكيف مع التغيرات المناخية سترتفع إلى أكثر من 300 مليار دولار سنويا بحلول عام 2030.
وقال غوتيريش إننا في حاجة ماسة إلى تحقيق تقدم في عمليات التكيف مع تغيرات المناخ، وإن نصف التمويل المناخي على المستوى الدولي يجب أن يخصص لخطط التكيف مع التغيرات المناخية، لافتا إلى أن نحو 3.5 مليارات شخص معرضون لمخاطر هذه التغيرات، وخير البشرية بين العمل معا أو «الانتحار الجماعي».
جون كيري: نتفهم غضب الدول النامية تجاه الدول الأكثر ثراءً
أعرب المبعوث الرئاسي الأميركي لقضايا المناخ جون كيري عن تفهمه لغضب الدول النامية الموجه نحو الدول الأكثر ثراء، بسبب عدم قيامها بما يكفي فيما يخص تغير المناخ.
وتابع في تصريح خاص لشبكة «سكاي نيوز» البريطانية، إن مناقشة قضية الأضرار والخسائر متضمنة في أجندة القمة، معربا عن دعم بلاده لهذه القضية التي أكد أنها تعد أمرا إيجابيا يتطلع لاختتام المناقشات بشأنه.
يشار إلى أن النقاش بشأن تقديم الدول الكبرى الأقل معاناة من تغير المناخ والمسؤولة عن جزء كبير من الانبعاثات الكربونية تعويضات إلى الدول الأكثر فقرا وتضررا من تغير المناخ يعد من أجدد القضايا التي تناقش خلال الدورة الحالية لقمة المناخ في شرم الشيخ.