- لمواجهة هذا الإدمان لابد من زرع مراقبة الله وتعظيمه في نفوس الأبناء والبنات
يقول الشيخ يحيى العقيلي: إن الادمان الذي اشغل مجتمعات وشتت أسرا واضاع من الشباب زهرة اعمارهم وخيرة اوقاتهم، ليس ادمانا على المسكرات والمخدرات، بل هو الادمان على اجهزة الاتصال ووسائل التواصل الاجتماعي، فبسبب الادمان على هذه الاجهزة، وما فيها من سيل متدفق من الغث والسمين، ومن النافع والضار، من المعلومات والشبكات والاخبار والحسابات والمقاطع والمنتديات، اعيد تشكيل عقول الشباب بعيدا عن والديهم واسرهم ومعلميهم، فغلب على معظمهم التمرد والتفرد، والانعزالية والانطواء، والتسخط والانكفاء، فضلا عما يسببه هذا الادمان من اشغالهم عن تحصيلهم العلمي ودراستهم.
تزييف الحقائق
وتابع: وبسبب وسائل التواصل الاجتماعي، نتجت اخلاق ليست سوية، وممارسات غير مرضية، كنشر الاكاذيب، وبث الاراجيف، واتهام الابرياء، وقلب الحقائق، وتزييف الانباء، متناسين تحذير النبي صلى الله عليه وسلم «كفى بالمرء كذبا ان يحدث بكل ما سمع»، ومنها ضياع الاوقات وهدر الطاقات وتشتيت الاذهان والتفريط في الواجبات، ونشر المحرمات المرئية والمسموعة التي تضاعف الآثام على صاحبها بعدد من سمعها او رآها، قال صلى الله عليه وسلم «من دعا الى هدى كان له من الاجر مثل اجور من تبعه لا ينقص ذلك من اجورهم شيئا، ومن دعا الى ضلالة كان عليه من الاثم مثل آثام من تبعه لا ينقص ذلك من آثامهم شيئا» (صحيح مسلم: 2674)، ويزداد الإثم ويعظم اذا كان فيها نشر للفواحش، قال تعالى (إن الذين يحبون أن تشيع الفاحشة في الذين آمنوا لهم عذاب أليم في الدنيا والآخرة والله يعلم وأنتم لا تعلمون ـ النور: 19)، وهذا وعيد لمن أحب نشر الفاحشة، فكيف بمن يباشر نشرها وبوسائل سريعة النشر واسعة الانتشار؟
أخطرها
وأكد أن من أخطر آثار تلك الوسائل تشكيك النشء والشباب في دينهم، وزعزعة ايمانهم بعقيدتهم، وترويج الإباحية وتزيين الالحاد، واخطرها تلك الألعاب التي تروج على الشبكة للفتيان والفتيات، تنشر الفساد والافساد وتجمل الجريمة والانحراف، رأينا كيف استشاط الغرب المنافق، الذي تغنى دهرا بالحرية الفكرية، استشاط غضبا على استنكار اللاعب المسلم محمد ابوتريكة للشذوذ الذي تأباه الشرائع والأديان السماوية والفطرة الإنسانية، قام الغرب ولم يقعد لكلمة الحق التي ينبغي ان تقال امام هذا الانحطاط الذي لم يسبق له مثيل في التاريخ، يريدون ارغام شعوبنا وشبابنا على قبوله والرضا به، كبرت كلمة تخرج من أفواههم إن يقولون إلا كذبا، هكذا يراد لأبنائنا وبناتنا ان تنحط اخلاقهم وتنحرف غاياتهم وتضيع هويتهم ويتبدد ايمانهم.
العلاج
ولــفت الى ان تلك الاجهزة وهذه الوسائل انما هي اوعية ووسائل واسباب، يكون اثرها بحسب استخدامها، ان كان خيرا بنشر فضيلة او صلة رحم او تعميم فــائدة او تعلم علم او اكتساب مهارة كان ذلك خيرا ونفعا للشاب واسرته ومجتمعه، وان كان غير ذلك كان ضررا وشرا واثما، وانه لا غنى لمواجهة ضرر ذلك الادمان عن زرع مراقبة الله تعالى ومحبته وتعظيمه في نفوس الابناء والبنات، كما اوصى المصطفى صلى الله عليه وسلم وقال «اتق الله حيثما كنت»، ووصيته لابن عباس «يا غلام احفظ الله يحفظك»، ثم تعاهدهم بالموعظة والتذكير والبيان والتوجيه، وبأساليب متنوعة مشوقة، وتوجيههم الى استخدام هذه الوسائل فيما ينفع ولا يضر، مع اشغال اوقاتهم بما ينفع ويحد من ادمانهم عليها، ومعالجة الانزواء والانطواء على هذه الاجهزة وتنظيم ذلك بالاوقات المناسبة، وذلك امتثالا لقوله تعالى (يا أيها الذين آمنوا قوا أنفسكم وأهليكم نارا وقودها الناس والحجارة عليها ملائكة غلاظ شداد لا يعصون الله ما أمرهم ويفعلون ما يؤمرون ـ التحريم: 6)، وليتحقق فينا قوله تعالى (والذين يقولون ربنا هب لنا من أزواجنا وذرياتنا قرة أعين واجعلنا للمتقين إماما ـ الفرقان: 74).