للشعر في اللغة العربية سمات خاصة لا تتوافر في غيره من اللغات، وللغة العربية قداسة مختلفة عن غيرها من اللغات، ذلك أنها لغة القرآن الكريم وكفاها ذلك فخرا، والشعراء منذ العصر الجاهلي إلى يومنا هذا استطاعوا أن يجعلوا منها بحرا، بل ومحيطا، يغرق فيه الباحث، فلا يوجد حرف ينطقه اللسان، إلا وجدنا له في اللغة العربية مكان، وكما قال شاعر النيل حافظ ابراهيم على لسان اللغة العربية «أنا البحر في أحشائه الدر كامن.. فهل سألوا الغواص عن صدفاتي».
لكل هذا كان موضوع «العربية والشعر» عنوانا لجلسة ديوان الشعر العربي في انعقاده الثالث والتي أدارها باقتدار رئيس مجمع الشعر وعضو مجلس إدارة رابطة الأدباء الكويتيين والاستاذ في الهيئة العامة للتعليم التطبيقي والتدريب الشاعر سالم الرميضي، وأثراها بالنقاش نخبة من الشعراء والمثقفين والأدباء الذين تباروا في ذكر محاسنها، مشيرين الى أن للشعر في اللغة العربية سمات خاصة لا تتوافر في غيره من اللغات الاخرى، فهي ليست مادة ثابتة يستعيرها الشعراء كلما طرق بابهم الإلهام، بل هي خلق متكرر، وهي في كل قصيدة كائن جديد مختلف عما قبله ولا يشبه ما بعده إلا على المستوى الشكلي.
تعزيز مكانة الشعر
ما ميز الجلسة أنها جاءت متزامنة مع الاحتفال باليوم العالمي للغة العربية الذي يصادف الثامن عشر من ديسمبر من كل عام، وتزينت الجلسة بمداخلات ألقت الضوء على أهمية اللغة العربية وثراءها وتزينت كذلك بإلقاء أبيات من الشعر حبا فيها وتمجيدا لها.
المداخلة الأولى كانت لراعي الديوان الشاعر عبدالعزيز سعود البابطين رئيس مجلس أمناء مؤسسة عبدالعزيز سعود البابطين الثقافية الذي تحدث عن مسعى أكاديمية البابطين للشعر العربي نحو تعزيز مكانة الشعر العربي في نفوس الأجيال، كونها مصدرا مهما من مصادر اللغة العربية التي تعمل المؤسسة منذ زمن على تكريسها سواء في داخل الوطن العربي أو نشرها خارجه من خلال الدورات والكراسي الجامعية التي تنشأ لهذا الغرض.
وأضاف ان الحفاظ على جودة القصيدة العربية ولغتها الجزلة والانضباط بقواعد النظم يمثل مهمة جليلة تتجسد في تعليمها والتدريب على استخدامها تحقيقا للهدف السامي المتمثل في الوصول إلى قمة الإبداع الشعري وفق قواعد اللغة العربية وتبسيط أساليب تعليمها، وذلك من خلال دورات تؤهل الدارس بشكل صحيح وفق أسس علمية وتربوية وإجرائية يقوم بها أكاديميون متخصصون ذوو خبرة طويلة ليتمكن الدارس من قراءة الشعر ونظمه باقتدار، فاهما ومستوعبا لخصائصه وموضوعاته وأوزانه وبحوره.
وتوجه مدير الجلسة الشاعر سالم الرميضي بسؤال الشاعر عبدالعزيز سعود البابطين حول اللغة العربية في القصيدة المغناة ومشاعره بعد فوز قصيدته «لن أسلاكم» بجائزة الأمير عبدالله الفيصل للشعر العربي كأفضل قصيدة مغناة في الموسم الرابع 2022.
تحدث البابطين حول فوزه بالجائزة، معتبرا أن ذلك شرف لا يدانيه شرف كون الجائزة تحمل اسم الشاعر والأديب الراحل الأمير عبدالله الفيصل، وهو شاعر كبير مخضرم من شعراء الأغنية العربية تغنى بقصائده العديد من كبار نجوم الغناء العربي.
كما أكد البابطين أنه عندما تلتقي القصيدة مع صوت المطرب أو المطربة والموسيقى في إطارها الصحيح، فستقدم للمتلقي فنا متكاملا بصورة جذابة تستهويه وتذكره بجمال اللغة العربية وبإمكانياتها وقدرتها على أن تكون قريبة من الناس رغم تبدل الأزمان، والمطربة ولاء الجندي نجحت في تحقيق ذلك الالتقاء بصوتها الرائع والملحن محمد الأسود استطاع أن يلتقي مع شعري بموسيقاه وألحانه المتميزة.