عبدالعزيز المطيري
أشاد النائب سعود العصفور بدور الحركة التقدمية الكويتية، واصفا إياها بأنها كانت ومازالت تقوم بدورها الوطني بالدفاع عن الحقوق والمكتسبات الشعبية للمجتمع الكويتي، وأنها قد تجاوزت التقسيمات المجتمعية والطائفية.
جاء ذلك خلال ندوة أقامتها الحركة التقدمية مساء أمس الأول تحت عنوان «60 عاما على مجلس الأمة بين النقد والتقييم» في مقرها الكائن في منطقة الأندلس.
وقال العصفور: «كنا نتمنى أن نقف في هذه الندوة ونتحدث عن 60 عاما من الإنجازات والتشريعات والرقابة والازدهار لكن للأسف نحن نتحدث اليوم عن 60 عاما من الصراع بين أطراف وبين دولة المؤسسات».
وأكد العصفور أن الدستور هو استحقاق طبيعي لهذا الشعب بأن يشارك في إدارة شؤونه ومكتسباته، مذكرا بما قاله الشيخ عبدالله السالم الصباح، رحمه الله، في افتتاح المجلس التأسيسي بأن دور المجلس مهم بأن يضع أساس الحكم في الدولة ولكن للأسف لم نعش تجربة برلمانية صحيحة وكاملة منذ عام 1962 إلى هذا اليوم.
وقال إن ذلك نتيجة إبطال وحل المجالس السابقة عند حدوث أي أزمة بين السلطتين التشريعية والتنفيذية أو كما حصل اليوم من استقالة الحكومة التي أدت إلى تعطيل عمل المجلس بشكل غير مباشر.
وأكد انه لكي تكون هناك تجربة برلمانية حقيقية يجب أن تكون هناك مؤسسة تشريعية مستقلة تماما عن السلطة التنفيذية ولا يمكن أن نقبل أن تصبح السلطة التشريعية «بقالة» تفتح وتغلق متى ما أرادت الحكومة.
وأضاف العصفور: الكويت في المؤشرات الأخيرة في «سلم مدركات الفساد» وهي تتنافس مع دولة خليجية في المركز الأخير خليجيا، وهذه نتيجة طبيعية لسوء حال البلد في شتى المجالات الاقتصادية والسياسية، بسبب قوى الفساد التي باتت تتحكم في مؤسسات الدولة والتي تحاول السيطرة على المؤسسة التشريعية.
وأعرب عن أسفه في أننا «أصبحنا نمثل صورة سيئة لدول الجوار في العمل البرلماني والمشاركة الشعبية»، مؤكدا أن دور مجلس الأمة التاريخي مهم، وهناك الكثير من التشريعات التي نعيشها اليوم خرجت من مجلس الأمة كالمؤسسة العامة للتأمينات وغيرها من التشريعات».
وقال إن تجارب انفراد الحكومة بالعمل السياسي كانت سيئة، فقد رأينا ما حدث بعد التعليق غير الدستوري لمجلس الأمة عام ١٩٧٦ والتي نتج عنه أكبر كارثة اقتصادية في تاريخ الكويت وهي سوق المناخ، ناهيك عن الكارثة الحقيقية بعد تعليق المجلس في عام ١٩٨٦ وهي غزو الكويت، وفي عام ٢٠١٣ كان مهادنا للسلطة ونتجت عنه قضية اليوروفايتر وضيافة الداخلية وقانون الجرائم الإلكترونية الذي تسبب في سجن أبناء الكويت وتهجير الكثير إلى الخارج، وهذه نتائج انفراد الحكومة بالعمل السياسي وغياب المشاركة الشعبية في القرار السياسي.
وقال: «كانت ومازالت هناك محاولات لمحو الطبقة الوسطى في الدولة والإبقاء على طبقتين فقط طبقة من الأثرياء وطبقة معدومة لاعتقادهم بأن الطبقة الوسطى لديهم الكثير من المفكرين والمثقفين والوطنيين الذين سوف يحدون من تبوؤ قوى الفساد المناصب في شتى المجالات».
وأشار إلى أن هناك سوء فهم لدى العاملين تجاه البديل الاستراتيجي، فهو لم يأت لزيادة الرواتب بل هو بالفعل لتخفيض رواتب المواطنين القادمين لسوق العمل، وليس للمواطنين الذين على رأس عملهم، الأمر الآخر سعت الحكومة إلى تقسيم فئات الشعب، ورأينا كيف التفت الكتل الشعبية والسياسية بجميع طوائفها لإقرار الدوائر الخمس من خلال تكتل الـ 29 عام 2006، حيث استشعرت الحكومة الخطر وافتعلت أزمات فئوية وطائفية لتقسيم فئات المجتمع، كأزمة «التأبين» ما بين السنة والشيعة، وبعدها أزمة ٢٠٠٩ ما بين الحضر والبدو، وكل ذلك كان من خلال أدوات حكومية طالبت بتقسيم المجتمع.
وأكمل العصفور «في الانتخابات الأخيرة تفاءل الشعب الكويتي بشكل واضح بأننا أمام نهج جديد والتزمت السلطة بخطابها الواضح بعدم التدخل في انتخابات مجلس الأمة وعدم التدخل في انتخاب رئيس المجلس واللجان البرلمانية، وقابلها مجلس الأمة باجتهاد واضح والتزام في العمل البرلماني لنفاجأ بعد ذلك بأننا أمام حكومة لا تملك قرارا، وهذه حالة سياسية لا يمكن لها أن تستمر».
وتابع: «نتيجة ذلك رأينا كيف استقالت الحكومة وهذه حالة طبيعية لأن السلطة التنفيذية التي لا تملك القرار ولا تستطيع ان تتعاون مع السلطة التشريعية، ونتج عن ذلك تعطل الحياة البرلمانية وهذا مجرد تكرار لحالة سابقة ومشابهة».
وبين العصفور أن «حساسية الحكومة من الاستجوابات قديمة وليست بجديدة، فسحب الاستجواب لا يمكن أن يفرض على مجلس الأمة، ولا يملك حق السحب إلا النائب الذي تقدم بالاستجواب، وأمام الوزير خياران دائما إما أن يستقيل أو أن يصعد المنصة ولا توجد خيارات أخرى متاحة».
وأكد أن «الواقع السياسي الذي نعيشه اليوم هو استمرار لحالة الفشل ما بين السلطتين التشريعية والتنفيذية عبر سنوات طويلة، ولا يتحقق العمل البرلماني الحقيقي إلى عندما تؤمن الحكومة بأهمية المؤسسة التشريعية مساواة بالسلطة التنفيذية».
من جانبه، قال عضو الحركة التقدمية الكويتية أحمد الديين إن «الأزمة السياسية التي كانت ومازالت تمر بها البلاد منذ أكثر من عقد من الزمان ليست كما يشاع بأنها بسبب الخلاف في المؤسسة التشريعية أو بسبب الاستجوابات والقوانين المقترحة غير المقبولة حكوميا».
وأضاف: «إذا نظرنا للبنية الدستورية للعمل البرلماني سنجد أن مجلس الأمة موجود كمؤسسة نيابية دستورية، لكنه يعمل في أوضاع غير مكتملة ديموقراطيا، تتمثل في عدم اكتمال شعبية التمثيل النيابي والشعبي لمجلس الأمة، وذلك عندما يكون الوزراء أعضاء في مجلس الأمة ويشاركون في التصويت والقرارات، خصوصا أن عددهم يصل تقريبا إلى ثلث النواب المنتخبين». وأكمل الديين «وفقا للمادة ٩٥ من الدستور الكويتي التي تنص على أن الأصل أن يفصل مجلس الأمة في صحة انتخاب أعضائه بمعنى أن الطعون الانتخابية يجب أن تنظر في المجلس، ويجوز أن يتعهد بها إلى جهة اختصاص قضائية، وما نراه اليوم أن المحكمة الدستورية لم تكتف فقط بالنظر في الطعون الانتخابية، بل أصبحت تبطل المجلس».
واختتم «مازلنا نسمع من يردد أن المؤسسة التشريعية ليست ذات فائدة ولم تنجز، وهذا الأمر غير صحيح فرغم الوضع السياسي البائس فالمجلس التشريعي الأول أقر قانون التعليم الإلزامي، وأنشأ ديوان المحاسبة، وأنشأ بنك التسليف والادخار، والمجلس الثالث أقر قانون تأمين النفط، وأنشأ صندوق الأجيال القادمة، وأنشأ محكمة التمييز، والمجلس الخامس تصدى للمشروع الحكومي لتنقيح الدستور، والمجلس السادس اقر خطة التنمية، والمجالس المتتالية أنجزت منها إقرار الدوائر الخمس، وغيرها من القوانين الكثيرة، لذلك فالمؤسسة التشريعية هي أساس الدولة».