بيروت خلدون قواص - منصور شعبان
يضرب لبنان موعدين مهمين على جدول ازماته المتفاقمة العصية على الحل حتى الآن، واذا كان ثمة أمل ولو ضئيلا معقودا على ضوء قد يطل من نفق الاجتماع الخماسي الباريسي الذي تحشد له فرنسا، فإن المخاوف من تداعيات الجولة الجديدة من «الكباش» القضائي حول تفجير المرفأ يوم الاثنين ايضا موعد الاستجوابات التي حددها المحقق القاضي طارق البيطار في ذات التاريخ، قد تطغى على أي ضوء فرنسي، خصوصا ان الاجتماع الذي يضم ممثلين عن الولايات المتحدة والسعودية وقطر ومصر اضافة الى فرنسا، لايزال موضع شك لناحية المخرجات المعول عليها. وهذا ما تشير اليه مصادر صحيفة «الديار» حيث ابلغت ايران الجانب الفرنسي انه لاحاجة لها للتدخل في لبنان بوجود حزب الله.
على خط الاستحقاق الرئاسي، ناشد رجال الدين الساسة الاسراع بانجاز الاستحقاق الرئاسي. وجدد مفتي لبنان الشيخ عبد اللطيف دريان دعوته للاسراع بانتخابه، مشددا على انه «لن تقوم قائمة للبنان إلا بانتخاب رئيس للجمهورية، وتعزيز هيبة الدولة وتفعيل مؤسساتها باتخاذ الإجراءات الإصلاحية المطلوبة».
وطالب القوى السياسية في البلد بتكثيف الحوار فيما بينهم لانتخاب رئيس للجمهورية بأسرع وقت ممكن، معولا على حكمة رئيس مجلس النواب نبيه بري في إنجاز الاستحقاق الرئاسي، ونوه بالجهود والمساعي التي يقوم بها رئيس الحكومة نجيب ميقاتي انطلاقا من حرصه على الدستور والقوانين المرعية وعلى تسيير أمور الدولة رغم الظروف الصعبة والتعقيدات المتعددة. وهنا دعا لأن تكون جلسات مجلس الوزراء مفتوحة للحد من الانهيار الذي يعاني منه الناس في ظل الشغور الرئاسي لمعالجة القضايا المعيشية والصحية والتربوية والاقتصادية الملحة داخل مجلس الوزراء، وإيقاف التناحر بين الأطراف السياسية، فالحكم يجب أن يكون في خدمة المواطن.
من جهته، أسف نائب رئيس المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى العلامة الشيخ علي الخطيب في خطبة الجمعة امس، كون السياسيين مازالوا «يلعبون لعبة حافة الهاوية دون اكتراث بمعاناة الناس وانحلال مؤسسات الدولة، فإلى متى هذا التجاهل؟»
وسأل: متى تستفيق ضمائر المعنيين للخروج من حال المراوحة والانتظار بالإسراع بالتفاهم والاتفاق على الحل الذي يبدأ بانتخاب رئيس للجمهورية؟
بدوره، توجه المفتي الجعفري الممتاز الشيخ أحمد قبلان الى القوى السياسية في خطبة الجمعة، قائلا: «الانهيار يسابق الجميع، وبلدنا مهدد والمخاطر الأمنية الاجتماعية والمعيشية هائلة، ولابد من طبخة رئاسية إنقاذية، وحذار من لعبة قمار رئاسية، لأن البلد شراكة وطنية». وأضاف «جماعة أنا أو لا أحد يرتكبون أسوأ خطأ تاريخي في حق هذا البلد، ومن يلعب على حافة التوازنات السياسية إنما يضع لبنان بعين العاصفة. والمطلوب شجاعة وطنية، بعيدا عن جماعة الارتزاق السياسي والمنطق الوطني يقول: لبنان أكبر من الجميع، وباب الإنقاذ السياسي يمر بمجلس النواب».
وحث «القوى الروحية والوطنية على الضغط في اتجاه حلول وطنية لا طائفية»، مشددا على ان «لبنان لا يمكن أن يكون لفريق دون فريق، بل التوافق هو رأس حماية لبنان».
وتوجه الى رؤساء الطوائف المسيحية بالقول: «البلد شراكة وطنية، والبلد والمنطقة على كف عفريت، والمطلوب أن نتفق على رئيس جمهورية وطني لأن لعبة الروليت الرئاسية نحر للبنان».
أما رئيس حزب الكتائب النائب سامي الجميل، فكان أكثر وضوحا ومباشرة حين حذر من «اننا سنعطل الانتخابات اذا اراد الفريق الآخر الإتيان برئيس يغطي سلاح حزب الله لست سنوات مقبلة».
وأكد خلال المؤتمر العام الـ 32 للحزب، «أننا قبلنا ان نلعب اللعبة الديموقراطية غير ان الفريق الآخر رفضها، ولكن تطبيق الدستور لا يكون حسب توقيتكم»، مشيرا الى «اننا سنعتمد الاسلوب نفسه من دون ان نجر البلاد الى الخراب». وختم: «ما رح نتعدى على حدا وبدنا الدولة تحمينا ولكن بس حدا يقرب عبيوتنا رح ندافع عن حالنا».
في الاثناء، ترأس رئيس الحكومة نجيب ميقاتي اجتماعا لـ «اللجنة الوزارية المكلفة معالجة تداعيات الأزمة المالية على سير المرفق العام» بعد ظهر امس في السرايا. وتحدث وزير العمل مصطفى بيرم بعد الاجتماع فقال: «ناقشت اللجنة في اجتماعها الاوضاع المرتبطة بتفلت سعر الدولار والزيادات الكبيرة في أسعار المحروقات، مما يؤثر على عمل الموظفين في القطاع العام. تم التداول في العديد من الاقتراحات في شقين: الاول يتعلق بسعر معين لـ«صيرفة» مرتبط بالقطاع العام، وقسم متعلق بالتغطية اليومية لبدلات النقل. لم نصل الى تحديد رقم نهائي، ولكن طلب من بعض الوزراء اجراء بعض المداولات للوصول الى نتيجة تكون مناسبة تضمن الحد الادنى من حقوق الموظف، ومن الاستقرار بعد التغييرات السريعة التي تحصل».
قضائيا، الترقب لايزال سيد الموقف، بعد وصول محاولات رأب الصدع بين المحقق العدلي طارق البيطار ومدعي عام التمييز غسان عويدات الى «حائط مسدود»، وفشل كل المحاولات لدفع مجلس القضاء الأعلى للاجتماع لمناقشة التطورات الأخيرة، وسط ترقب لاستئناف البيطار، تحقيقاته يوم الاثنين المقبل، بجلسة مخصصة لاستجواب وزير الداخلية الأسبق نهاد المشنوق، والنائب غازي زعيتر، فيما يتجه عويدات الى سحب المساعدين القضائيين الموضوعين بتصرف المحقق العدلي لتدوين محاضر التحقيق، وعاد الى التلويح بالضغط لتنفيذ مذكرة اعتقال بحقه اذا اصر على الاستمرار بإجراءاته.
من ناحية اخرى، أعلن مصرف لبنان في بيان، أنه «تم الاتفاق بين وزير المالية في حكومة تصريف الأعمال يوسف الخليل وحاكم مصرف لبنان رياض سلامة، على اعتماد سعر 38000 لسحوبات رواتب القطاع العام لشهر فبراير، وفقا للتعميم الأساسي 161، بما انه حصل تأخير من قبل الوزارة بتحويل تلك المعاشات الى المصارف، ولإنصاف موظفي القطاع العام».