- المذكور: التقتير منهيّ عنه والإسراف والتبذير سلوكان محرّمان ومذمومان
- البراك: كان النبي صلى الله عليه وسلم والصحابة يكتفون باليسير من المؤونة والطعام
- الناشي: السرف يبغضه الله ويضر ببدن الإنسان ومعيشته
قال الله عزّ وجلّ (وكلوا واشربوا ولا تسرفوا)، ولكن نجد كثيرا من المسلمين يعدون موائد كبيرة في شهر رمضان تشتمل على عدة أصناف من المأكل والمشرب وأغلب هذه الأطعمة تزيد عن حاجتهم وترمى في القمامة وهذا حرام ومنهي عنه. فماذا يقول أهل الشرع في ذلك؟
في البداية يؤكد د.خالد المذكور أن الأصل في رمضان أنه شهر التخفيف من الطعام والشراب والشعور بالجوع والعطش، وهذا من حكم هذا الشهر الكريم لكن الأعراف المتبعة في سائر البلاد الإسلامية جعلت من هذا الشهر موسم التفنن في أنواع الطعام وكل ما لذ وطاب حتى بلغ الناس في ذلك مبلغ السرف المذموم او المكروه او المحرم، اذ الشراب والطعام بقدر ما يدفع به الهلاك واجب، فإن كان بقدر الشبع المعتدل فهو مباح، وما زاد عن الشبع فهو مكروه، وإن زاد في طعامه وشرابه بحيث ادخل الضرر على نفسه أو عاقه ذلك عن اداء عباداته او تسبب في اضاعة ماله او منع عياله نفقتهم فهو محرم.
ودليل ذلك قوله تعالى: (وكلوا واشربوا ولا تسرفوا) فالأمر بالأكل والشرب مطلوب ليقيم الإنسان حياته، والإسراف محرم لأنه يؤدي الى خلاف المقصود من الاكل والشرب مما سبق ذكره، وقال النبي صلى الله عليه وسلم: «ما ملأ ابن آدم وعاء شرا من بطنه، بحسب ابن آدم أكلات يقمن صلبه فإن كان لا محالة فثلث لطعامه وثلث لشرابه وثلث لنفسه». ودعا د.المذكور المسلمين في رمضان الى ان يتذكروا حاجة اخوانهم المسلمين الى الطعام والشراب، مشيرا الى ان المسلم اذا اقتصد في مأكله ومشربه استطاع ان يرسل قيمة ما يزيد عن حاجته الى المستحقين من الفقراء والمساكين وما أكثرهم، مؤكدا ان التقتير منهي عنه والإسراف والتبذير محرمان.
يضر بالجسم
من جهته، يؤكد الإعلامي سالم الناشي ان الاسراف في كل شيء مذموم ومنهي عنه، لاسيما في الطعام والشراب، قال الله تعالى: (وكلوا واشربوا ولا تسرفوا إنه لا يحب المسرفين - الأعراف: 31).
قال العلامة السعدي في تفسيره: «يقول تعالى: (وكلوا واشربوا) أي: مما رزقكم الله من الطيبات (ولا تسرفوا) في ذلك.
والإسراف اما ان يكون بالزيادة على القدر الكافي والشره في المأكولات الذي يضر بالجسم، وإما ان يكون بزيادة الترفه والتنوع في المآكل والمشارب واللباس، وإما بتجاوز الحلال إلى الحرام.
قال تعالى: (إنه لا يحب المسرفين) فإن السرف يبغضه الله، ويضر بدن الإنسان ومعيشته، حتى إنه ربما ادت به الحال الى ان يعجز عما يجب عليه من النفقات، ففي هذه الآية الكريمة الامر بتناول الاكل والشرب، والنهي عن تركهما، وعن الاسراف فيهما.
وقال النبي صلى الله عليه وسلم: «ما ملأ آدمي وعاء شرا من بطن، بحسب ابن آدم لقيمات يقمن صلبه، فإن كان لا محالة، فثلث لطعامه، وثلث لشرابه، وثلث لنفسه».
ولفت الى ان الاسراف في الطعام والشراب فيه مفاسد كثيرة: منها ان الانسان كلما تنعم بالطيبات في الدنيا قل نصيبه في الآخرة، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إن اكثر الناس شبعا في الدنيا اكثرهم جوعا يوم القيامة».
ومنها: ان الانسان ينشغل بذلك عن كثير من الطاعات، كقراءة القرآن الكريم، والتي ينبغي ان تكون هي الشغل الشاغل للمسلم في هذا الشهر الكريم، كما كانت عادة السلف.
فتجد المرأة تقضي جزءا كبيرا من النهار في اعداد الطعام، وجزءا كبيرا من الليل في اعداد الحلويات والمشروبات. ومنها: ان الانسان اذا اكل كثيرا اصابه الكسل، ونام كثيرا، فيضيع على نفسه الأوقات.
ظاهرة الإسراف
من جهته، قال الشيخ د.محمد البراك: الإسراف في رمضان أصبح ظاهرة بين الأغنياء والفقراء، وآفة من آفات العصر ينبغي البعد عنها والتخلص منها، فالغاية من الطعام والشراب هي التقوي على العبادة وطاعة الله عزّ وجلّ والفوز برضوان الله والعتق من نيرانه ومن حكمة مشروعية الصيام الشعور بالفقراء والمساكين والمحتاجين وتذكر حقوقهم على الاغنياء، وليدفعنا ذلك لنزكي انفسنا ونطهر قلوبنا ونزداد تقوى وقربا من الله عزّ وجلّ وبذلك يكون الصوم عبادة ربانية فيها تدريب النفس على الصبر والسكينة ورفع الهمة والعزيمة وكبح هوى النفس عن المباحات والتقليل منها لتكون بعد رمضان اقدر على البعد عن المحرمات. فعلينا ان نحذر من الاسراف في اقامة الولائم والتنافس في أنواع الطعام والشراب وألا نجعل شهر العبادة والصيام موسما سنويا للأكل والتباهي والتفاخر بكثرة اصناف الطعام والشراب مما يجعل الفقراء يزدادون شعورا بالجوع وضيق ذات اليد والحاجة، ولا يجدون من يعطف عليهم ويسد رمقهم ويقضي حاجاتهم.
وطالب البراك الناس بأن تبتعد عن مظاهر الاسراف في شهر رمضان وكثرة التسوق بشراء كميات كبيرة من الطعام والشراب واللباس والزينة للمنازل بكميات زائدة عن الحاجة، فقد كان رمضان يمر على النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه باليسير من المؤونة والطعام لأنهم كانوا يهتمون بصرف الجوارح إلى فضائل العبادات في هذا الشهر وتحصيل تقوى الله تعالى التي هي الغاية من شهر رمضان. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم «ما ملأ آدمي وعاءً شرا من بطنه حسب ابن آدم اكلات يقمن صلبه فإن كان فاعلا لا محالة فثلث لطعامه وثلث لشرابه وثلث لنفسه».