التسامح من اخلاقيات الصائم، فالصوم مدرسة ربانية ومشفى ايماني لتهذيب النفس وتزكية السلوك والتدرب على فضائل التسامي عن الرذائل والطموح لأرفع الفضائل، فالصوم جوهره لا الإمساك عن الطعام والشراب والشهوة فحسب، بل الامساك عن كل قبيح والتحلي بكل صحيح، فليكن رمضان مدرسة لتهذيب النفس وتدريبها على المزيد من فضائل التسامح والصبر على اذى الخلق واحترام حقوق الآخرين. والتسامح من اسباب راحة القلب واجتناب العداوة مع الآخرين، إذ يجنب الانسان كثيرا من الحقد والشر، ولهذا امر الاسلام بالعفو والصفح الجميل في العديد من الآيات الكريمة والاحاديث الشريفة، ومن ذلك قوله تعالى (خذ العفو وأمر بالعرف وأعرض عن الجاهلين)، وقوله (فاعف عنهم واستغفر لهم)، ورمضان فرصة لكل متخاصم ان يبادر بالعفو والصفح، فهو شهر التسامح والغفران والحب والرحمة والجود والكرم.
فالتسامح قيمة عظيمة حثّ عليها رسول الله صلى الله عليه وسلم وطبقها في حياته، وكان صلى الله عليه وسلم سمحا إذا باع وإذا اشترى، ومما يدل على سماحته صلى الله عليه وسلم حين نصره الله عزّ وجلّ في فتح مكة، قال لهم «ما تظنون أني فاعل بكم» قالوا وهم في ذلة ومسكنة: خيراً أخ كريم وابن أخ كريم، وأصدر صلى الله عليه وسلم العفو العام وقال «اذهبوا فأنتم الطلقاء».