يستحب للمسلم في هذه الأيام المباركة أن يتوب الى الله عزّ وجلّ وأن ينبذ الخلافات وأن يبتعد عن الحسد والغل للناس حتى تصفو قلوبنا لله سبحانه ويكون ذلك بالتوبة والندم على ما فات وتوطيد الصلات بالناس فإن ذلك من أفضل العبادات، وإلا فكيف يستجاب له وقد قطع ما بينه وبين الناس من صلات؟
الإصلاح بين الناس
يقول د.أحمد الكوس: من الأهمية ان يسعى المسلم في هذه الأيام المباركة للصلح بين الناس، فالإصلاح بين الناس من الأمور التي أمر الله بها قال تعالى: (فاتقوا الله وأصلحوا ذات بينكم وأطيعوا الله ورسوله إن كنتم مؤمنين) وعلى الرغم من أن الكذب محرم شرعا فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم رخص فيه عند الإصلاح بين الناس فينمي خيرا أو يقول خيرا، وما ذلك إلا لأهمية الإصلاح بين الناس في الإسلام، وقد قال الله سبحانه وتعالى: (إنما المؤمنون إخوة فأصلحوا بين أخويكم) وهو أمر من الله عزّ وجلّ للعمل على إزالة العداوة والبغضاء بين الناس. ويؤكد د.الكوس ان العبادات ليست مقصورة لذاتها بل تلازمها بقية الطاعات والتمسك بما امر الله به والانتهاء عما نهى الله عنه، فالصوم ليس مجرد الامساك عن الطعام والشراب وإنما هو الامساك عن كل ما ينافي الايمان ولا يتفق مع التقوى والمراقبة لله عزّ وجلّ، فالذي يوقع بين الناس ويحارب الله ورسوله عن طريق ايذاء جماعة المسلمين لا صوم له، والذي يقوي قلبه على الحقد والحسد وكراهية المسلمين وإضعاف سلطانهم لا صوم له، كما ان الذي يعاون المفسدين على الفساد لا صوم له، فالمسلم في عمومه لا يكذب ولا يغتاب ولا يمشي بين الناس بالنميمة ويشير الكوس الى ان الغاية المبتغاة من الصوم هي التقوى التي تعمر بها القلوب والتقوى هي التي تصون النفس عن المعاصي والمؤمنون هم الذين يعرفون مقام التقوى عند ربهم العزيز الرحيم، كما يدركون ثقلها في الميزان، ومن ثم كانت التقوى غاية اليها تتطلع ارواحهم والصوم اداة من اقوى ادواتها وهو الطريق المستقيم الموصل اليها.
مكانة عظيمة
وبين الباحث الشرعي خالد العبدالله أهمية السعي لإنهاء الخلافات بين المسلمين فيقول: رمضان فرصة مهمة لإنهاء الخلافات والنزاع، حيث إنه شهر التسامح والرحمة والرأفة والصفح لافتا الى ان الاصلاح بين الناس بالشهر الكريم يحقق الطمأنينة والهدوء والاستقرار والأمن وينشغل الناس بالعبادة وصلة الرحم بلا مشاكل، وقد حث النبي صلى الله عليه وسلم على الاصلاح بين المتخاصمين وإصلاح ذات البين قائلا: «ألا أخبركم بأفضل من درجة الصيام والصدقة والصلاة؟ أي درجة الصيام النافلة وصدقة نافلة والصلاة النافلة فقال ابوالدرداء قلنا بلى يا رسول الله، قال: إصلاح ذات البين».
وهذا العمل في شهر رمضان له مكانة عظيمة في الاسلام وفي رمضان خاصة ليعم الصفاء والمغفرة والتسامح بين المتخاصمين وإنهاء الخصومات التي تكدر عيش الناس، فالصيام يهذب النفس ويجعل من الانسان متسامحا راضيا.