حين أمرنا الله جل وعلا بالصوم بيّن لنا حكمته وأظهر هدفه الأسمى رحمة منه وتفضيلا، وقد حصر هذا الهدف في تحصيل التقوى، فنسمع ذلك في قوله تعالى من سورة البقرة: (يا أيها الذين آمنوا كُتب عليكم الصيام كما كُتب على الذين من قبلكم لعلكم تتقون)، فالتقوى أسمى غايات الصوم، وأرقى أهدافه، وهي تعني دوام المراقبة لله تعالى في السر والعلن. وعندما يعمر بها قلب المؤمن فإنها تترفع به على التردي في مزالق المعاصي، فيعيش مع ربه سعيدا بخشيته وحبه، بالخوف منه والرجاء فيه، وهنا لا يراه يخشى من أي قوة إلا قوة ربه، ولا يتوجس خيفة من أي خطر يتهدده مادام مع ربه، ولا يقلقه التفكير في تحصيل الرزق لأنه يتلو قول ربه ويؤمن به (ومن يتق الله يجعل له مخرجا ويرزقه من حيث لا يحتسب ومن يتوكل على الله فهو حسبه).
ويقول الله تعالى: (يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وقولوا قولاً سديداً)، فالتقوى هي وصية الله عز وجل للأولين والآخرين، ويقول الله تعالى (ولقد وصينا الذين أوتوا الكتاب من قبلكم وإياكم أن اتقوا الله)، وعن أبي ذر رضي الله عنه قال: قلت: يا رسول الله أوصني قال: «أوصيك بتقوى الله فإنها رأس أمرك».