مفرح الشمري
«مجاريح» من المسلسلات الاجتماعية التي تحمل بين طياتها قضايا واقعية مثل الظلم، الطمع، الشك، الاستغلال، الابتزاز، الطيبة، السذاجة، التعالي، العلاقات الانسانية والمخدرات وغيرها من القضايا التي تحمل رسائل مهمة للمشاهدين للابتعاد عنها لأنها تجلب المشاكل لأصحابها.
نص المسلسل الذي كتبه المؤلف جمال سالم لا يخلو من الثغرات ومكامن الخلل، وكان يحتاج الى معالجة أكثر تنظيما في ظل كثافة خطوطه.
سالم من الكتاب المميزين في الأعمال التراثية، وهو نجمها في الإمارات، وفي رصيده العديد من الأعمال الناجحة، لكن أعماله التي تتناول قضايا معاصرة لا تحقق النجاح ذاته، فهي تتطلب نفسا طويلا بالكتابة لإعطاء كل قضية حقها في البحث.
تنطلق أحداث «مجاريح» بعد خروج (غنيمة) سعاد عبدالله من السجن بعد 36 سنة بسبب اتهام زوجها (غازي) عبدالإمام عبدالله لها بقتل زوجته الثانية ومحاولة قتله بالسمّ، لتبدأ (غنيمة) حياتها وفي قلبها غلّ كبير على زوجها الذي ظلمها واستغل حبها وطيبتها واستولى على أملاكها، تذهب (غنيمة) الى صديقة عمرها (هيا) اسمهان توفيق لتتعرف على (فوزية) هنادي الكندري زوجة ولدها (خالد) محمد الحداد ضابط المباحث، وبعد مرور الحلقات تشتري (فوزية) جهاز تلفون لغنيمة وتعلمها كيف تستخذمه لتصور لاحقا «هوشة» عبدالله الطراروة (عبدالله مدمن مخدرات)، وهو يضرب رجلا مسنّا فتفزع غنيمة للرجل، وتُفاجأ غنيمة بأن (عبدالله) ابن حفيدها (مشعل) الذي مع مرور الحلقات يكتب لجدته غنيمه توكيلا عاما تدير به حلاله لتصرف على زوجته (حنان) نور وابنته (ياسمين) صمود المؤمن.
يذهب (مشعل) الى الخارج للعلاج ويتعرض لغيبوبة بعد العملية فتبدأ غنيمة بإدارة «حلال» حفيدها فتتعرض لمشاكل كثيرة من بدرية وعبدالله بالإضافة الى فوزية التي تبلغ زوجها خالد بأن غنيمة قتلت (نعمان) ابراهيم الشيخلي صديق عبدالله بعد أن دخل البيت لأخذ چنطة المخدرات، ليقوم خالد بالقبض عليها وتحويلها للنيابة التي تفرج عن غنيمة لعدم وجود جثة وتشتكي على خالد باستغلال وظيفته للضرر بها، وبعد ذلك يستقيل خالد من عمله بعد أن تم تحويله للتحقيق.
وعلى هذا المنوال تسير الحلقات كل يوم، غنيمة تتعرض لمشكلة ولكن تحل الأمر.
الجهد المبذول من مخرج العمل عيسى ذياب من العناصر الجيدة في العمل ولكنه أيضا لا يخلو من الأخطاء في حركة الكاميرا والكادرات والمونتاج والانتقال من مشهد الى آخر أكثر من مرة بطريقة غريبة ومن دون مقدمات ولاحوار، هذا الأمر يشتت المشاهد.
على المستوى التمثيلي، لايختلف اثنان على نجومية الفنانة سعاد عبدالله التي تعتبر «ملح العمل» لأنها بخبرتها الطويلة استطاعت أن تنعش نص المسلسل بإضافات ارتجالية كوميدية تتماشى مع الحدث، بالاضافة الى الفنانة القديرة اسمهان توفيق، فأي مشهد يجمع سعاد واسمهان تشعر من خلاله بجمالية الحوار خصوصا في استذكارهما لأغنية الراحلة عايشة المرطة «اطاوع الدنيا»، كما تميزت هنادي الكندري وعبدالله الطراروة الذي يقدم «كركتر» صعبا بكل تمكن، بينما ذكّرت هند البلوشي المشاهدين بشرها في «أمنا يارويحة الجنة» ولكن في «مجاريح» بزيادة، أما نور الدليمي فأداؤها لا جديد عليه، وصمود المؤمن بحاجة الى تدريب على التلوين والتنويع بالحوار، وأما محمد الحداد فمميز في أداء شخصيات رجال الأمن شكلا ومضمونا، وهناك عدد كبير من الفنانين ضيوف شرف في هذا المسلسل مثل شايع الشايع وميثم بدر وفاطمة الطباخ وشوق وغرور وعبدالإمام عبدالله وعبدالله غلوم ومحمد أشكناني وأحمد الحليل وابراهيم الشيخلي وجنى الفيلكاوي التي جسدت غنيمة بأيام شبابها بكل براعة ونالت إعجاب الجميع لأدائها الجميل العفوي.
مسلسل «مجاريح» دراما اجتماعية كانت تحتاج لمعالجة درامية أكثر دقة، لكنها تبقى من أعمال الموسم الأكثر حضورا ومتابعة من الجمهور.