سئل الإمام الشافعي: أيهما افضل للمرء ان يمكّن او يبتلى؟ فقال: لا يمكّن حتى يبتلى، فالتمكين الحقيقي يأتي بعد امتحان وتمحيص، قال الله تعالى (وليمحص الله الذين آمنوا ويمحق الكافرين ـ آل عمران: 141).
فالابتلاء يكون اختبارا من الله لعباده، حتى يعرف الصادق من الكاذب، فكم سقطت شعارات وأقنعة كانت مرفوعة، فعندما نزل البلاء انكشفت وظهرت عوراتها، نسأل الله العفو والعافية.
قال الله تعالى (ونريد أن نمنّ على الذين استضعفوا في الأرض ونجعلهم أئمة ونجعلهم الوارثين ونمكن لهم في الأرض ـ القصص: 5 و6).
فهذا المن والخير من الله كان بعد استضعاف لهم، ومغالبتهم لأهل الباطل، فلما صبروا وثبتوا على مرادهم ومبادئهم ولم يداهنوا، وجاهدوا في تحقيق هدفهم، جازاهم الله بالتمكين الحقيقي، ولو بعد حين، فهؤلاء نالوا خيري الدنيا والآخرة، ومنهم من يتوفاه الله قبل ان يرى هذا النصر والتمكين فيكون قد نال اجر المجاهدة والثبات، كما قال الله جل شأنه (من المؤمنين رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه فمنهم من قضى نحبه ومنهم من ينتظر وما بدلوا تبديلا ـ الأحزاب: 23).
وهذا التمكين الحقيقي له اسبابه وشروطه ولا يكون الا بعد تحققها، فلنحذر من الاغترار بالتمكين المؤقت، لأنه في حقيقته ابتلاء، يختبر الله فيه الفئة المؤمنة، هل تثبت على دينها ودعوتها وتحقق اهداف التمكين من اقامة المجتمع المسلم، ونشر الدعوة الاسلامية، ام تغتر بزخرف الحياة الدنيا فتتنازل عن تحكيم شرع الله وتطبيق امره؟