- الوهيب: الجامعة هي أفضل مكان لطرح موضوع المواطنة ومناقشته علمياً باستفاضة
- عباس: الولاء للدولة أو للوطن أو المدينة كان من الأمور البديهية بالنسبة للمفكرين القدامى
- المطيري: المواطنة تناقش كثيراً من المفهوم السياسي لكن أيضاً هناك بُعد أخلاقي مهم جداً
- الجاسم: المواطنة موضوع مهم ليس فقط فلسفياً ولكن أيضاً من واقع الحال المعاصر
ثامر السليم
انطلقت أمس فعاليات المؤتمر السنوي الذي ينظمه قسم الفلسفة في كلية الآداب ـ جامعة الكويت بالتعاون مع المركز الفرنسي للأبحاث في شبه الجزيرة العربية تحت عنوان «المواطنة في العالم العربي»، برعاية عميد الكلية ومشاركة نخبة من المختصين في كلية الآداب بجامعة الكويت في الشدادية. وخلال كلمته في افتتاح المؤتمر، أكد عميد كلية الآداب بالإنابة د.عبدالمحسن المدعج أن إقامة مثل هذه المؤتمرات العلمية تثري الحياة العلمية وتسهم في دعم المواطنة وترسيخها بين الشعوب العربية وتفتح آفاقا علمية جديدة ونوافذ أكثر علمية لتجسيد المواطنة الحقة، مشيرا إلى أن موضوع المواطنة يعتبر من المواضيع العلمية الجديرة بالبحث والمناقشة لما يمثله هذا الموضوع من أهمية كبيرة لم تحظ بالاهتمام المطلوب حتى ربما هذه الأزمنة، حيث تعتبر المواطنة إحدى الركائز الأساسية لأي مجتمع كان، وهي الضابط الاجتماعي المهم والنسيج السياسي للفرد والمجتمع على حد سواء.
وتابع أن المعنى السياسي للمواطنة أنها الحقوق التي تكفلها الدولة لمواطنيها وهي الالتزامات التي تفرضها عليه وشعور الفرد بالانتماء إليه، لافتا إلى أنه ينعدم وجود المواطنة بعدم توافر المساواة والعدالة للجميع وهما يخلان بالانتماء والولاء اللذين يربطان الفرد بمجتمعه ووطنه والاعتزاز به. وأشار إلى أن المواطنة ركيزة من ركائز الاستقرار في أي وطن كان، فإذا تخلى المواطن عن مواطنته واعتبر هذه الأرض ما هي إلا بقرة حلوب فقط، فهذه هي الإشكالية وهذه هي بالفعل السقوط المدوي في أي مجتمع كان، مثمنا لكل القائمين على هذا المؤتمر والشكر موصول إلى جميع الأساتذة المشاركين والجهات المساهمة.
تبعات ومضامين
من جهته، قال رئيس قسم الفلسفة وأستاذ الفلسفة السياسية والمعاصرة بجامعة الكويت د.محمد الوهيب إننا نعقد هذا المؤتمر حول موضوع مهم يتعلق بالمواطنة في العالم العربي وموضوع المواطنة شائك ودقيق، مؤكدا أن مثل هذا الموضوع له تبعاته ومضامينه الفلسفية والسياسية والاجتماعية، فمنذ ظهور أول ديموقراطية في التاريخ كان يتم طرح هذا السؤال من هو المواطن؟
وأشار إلى انه دائما عندما نفكر بالمواطن فإنه هذا الشخص الذي ينتمي لهذا الوطن حتى نفكر في هذه الواجبات التي بإمكانه أن يؤديها لهذا الوطن، كما أننا نفكر بالواجبات والحقوق التي يمتلكها بالنظر إلى هذه العلاقة التي يمتلكها بهذه الأرض، لافتا إلى أن السؤال كان مهما من هو المواطن ومن هو إلا مواطن، فتاريخيا كانت فكرة المواطنة تتحدد بحدود كثيرة ومن ثم تغيرت فكرة المواطنة تماما، فأصبح المواطن هو هذا الشخص الذي ينتمي إلى دين الحاكم.
وأشار إلى أنه مع ظهور الديموقراطيات الحديثة وانتشار فكرة حقوق الإنسان تغيرت فكرة المواطنة فأصبح المواطن هو هذا الشخص الذي يولد على هذه الأرض وهو الذي يقوم بدور سياسي مهم جدا ومن خلال هذا الدور السياسي يمكن الحفاظ على الوطن، لافتا إلى أن الفكرة شائكة وتطورت تطورا كبيرا ولها مضامينها الفلسفية والاجتماعية والسياسية.
وبين أن هذه المساهمة لقسم الفلسفة بأن يطرح مثل هذا الموضوع هو بصراحة طرح مهم في وقت مهم، مشيرا إلى أن الجامعة هي أفضل مكان لطرح مثل تلك المواضيع ومناقشته باستفاضة نقاشا علميا.
تحقيق الكمالات
هذا، وقد عقدت الجلسة الأولى للمؤتمر، وترأستها أستاذة الميتافيزيقا في قسم الفلسفة د.شيخة الجاسم، بمشاركة كل من الأستاذ الجامعي في المدرسة العليا في ليون بفرنسا د.مكرم عباس وأستاذ فلسفة التربية بجامعة الملك سعود د.عبدالله المطيري وأستاذ الفلسفة المعاصرة بقسم الفلسفة بجامعة الكويت د.الزواوي بغورة.
وقال الأستاذ الجامعي في المدرسة العليا في ليون بفرنسا د.مكرم عباس إن العرب في القديم ركزوا في كتاباتهم السياسية على مسألة ضرورة الاجتماع المدني الذي يمثل شرط تحقيق الكمالات أو الفضائل الإنسانية، مشيرا إلى أننا نجد لديهم إجماعا على نقد الاجتماعات الناقصة أو المبتورة مثل الاجتماع في العائلة أو الاجتماع القبلي، فأول فضاء يتحقق فيه الكمال هو المدينة ثم الأمة ثم اجتماع الكثير من الأمم. وأضاف عباس: لعل من الجوانب التي لم يهتموا بتطويرها هي تلك التي تمس الأبعاد القانونية والإدارية لمفهوم المشاركة في تحقيق غرض المدينة الأسمى وهو التمتع بشتى الخيرات، وخاصة بالسعادة الدنيوية التي تقود بدورها إلى السعادة الأخروية، مشيرا إلى أننا رأينا كذلك أن الولاء للدولة أو للوطن أو المدينة كان من الأمور البديهية بالنسبة لهؤلاء المفكرين.
مفهوم العدالة
من جانبه، قال رئيس مجلس إدارة جمعية الفلسفة أستاذ فلسفة التربية بجامعة الملك سعود د.عبدالله المطيري إن المواطنة كثيرا ما تتم مناقشتها من المفهوم السياسي مع أهميته في المعادلة، لكن أيضا هناك بعد أخلاقي مهم جدا، متسائلا: ما الأساليب واللغة التي يتم استخدامها في تقرير مفهوم المواطنة.
وأشار إلى أن هناك أوراقا متعددة متنوعة تضمنت وجهات نظر مختلفة وسياقات ثقافية مختلفة مما يثري النقاش والحوار بلا شك داخل جامعة الكويت من خلال قسم الفلسفة فيه الذي أثرى الساحة، لافتا إلى أن المواطنة في إطارها السياسي لها تركز على مفهوم العدالة وكيف لهذه الموازنة أن تحقق مفهوم العدالة، حيث إن هذه المواطنة تحقق تلك النتائج.
وبيـن أن الـدسـاتـيـر والنظريات تختلف لكن الأساس المشترك من أيام أفلاطون من أول تنظيرات للعدالة إلى اليوم والكل يحاول أن يربط بين العدالة والمواطنة.
أما أستاذ الفلسفة المعاصرة بقسم الفلسفة بجامعة الكويت د.الزواوي بغورة فتحدث عن المواطنة أحد أشكالها الجديدة متعددة الثقافات، ولعلنا نتساءل إن كانت مثل هذه المفاهيم لها صلة في فهم مجتمعاتنا والتي تحاول بطرق مختلفة منذ القرن التاسع عشر أن تتلمس طريقها في الحداثة، مشيرا إلى أنه خرجت عدة مظاهرات في الجزائر، واصطلح على هذه المظاهرات اصطلاحات كبيرة منها «ثورة المواطنة».
ولفت إلى أن كل هذه الانتفاضات لم تكن لها مطالب محددة وان كل مطالبها تتحدث بالسلمية دون وجود برامج لتلك القيادات التي تحملت عبء الانتفاضة والتضامن.
أوراق بحثية
بدورها، قالت أستاذة الميتافيزيقا في قسم الفلسفة بجامعة الكويت د.شيخة الجاسم إن هذا المؤتمر الذي يحمل عنوان «المواطنة في العالم العربي» من تنظيم المركز الفرنسي للأبحاث في شبه الجزيرة العربية بالتعاون مع قسم الفلسفة بكلية الآداب في جامعة الكويت، مشيرة إلى أن الحديث يتضمن المواطنة من خلال أوراق بحثية يقدمها المحاضرون تتكلم عن جانب معين وتنوعت المشاركات من دول متعددة من تونس ومن فرنسا ومن جامعة الكويت وغيرها. ولفتت إلى أن مضامين المؤتمر تطرقت إلى الحضارة العربية الإسلامية قديما وكذلك المواطنة المتعددة الثقافات، مؤكدة كذلك مشاركة من د.عبدالله المطيري من المملكة العربية السعودية، ونحن سعيدون بالانفتاح السعودي على الفلسفة وهذا خلال العامين الماضين من خلال مساهمته بالمواطنة من ناحية من الأخلاق والعدالة.
وأكدت أن موضوع المواطنة في العالم العربي وهو فعلا موضوع مهم ليس فقط فلسفيا ولكن أيضا في واقع الحال المعاصر خاصة في الآونة الأخيرة من خلال المطالبة بحصر المشاركة السياسية فقط على الجنسية الأصلية التي كانت قبل سنة 1994، مشيرة إلى أن هذا الموضوع يثار مرة أخرى كحقوق وواجبات وهو موضوع مهم ليس فقط من الناحية الفلسفية بحد ذاتها ولكن أيضا لنا كمواطنين في دول العالم العربي.