- الخميس: النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن الإسراف في الماء وحدّد مقداره في الوضوء والغسل
- الشطي: المياه النقية تصلكم إلى بيوتكم بكلفة يسيرة وغيركم لا يرى الماء النقي
- السويلم: المبالغة في الغسل والزيادة عن الحاجة يكون معها الإنسان كالموسوس
قال الله عز وجل: (وجعلنا من الماء كل شيء حي)، فالماء نعمة من نعم الله تعالى وهبنا إياها رمزا للحياة، والمواطن الغيور على بلده يحرص على الحفاظ على هذه النعمة ولا يهدرها، ويغرس في أولاده المحافظة عليها والاهتمام بها، فالماء نعمة حافظوا عليها ولا تهدروها فتفقدوها وتذكروا أن الماء عديل الروح.
حول هذه القضية التي نراها سواء في الشوارع وفي غسيل السيارات وفي الأماكن العامة وأيضا في المساجد يحدثنا رجال الشرع.
في البداية، يؤكد الشيخ د.عثمان الخميس أهمية الماء في الشريعة الإسلامية، حيث حدد النبي صلى الله عليه وسلم الكمية التي ينبغي للمسلم أن يتوضأ بها ويغتسل بها، فالنبي صلى الله عليه وسلم كان يتوضأ بالمد، والمد ما يملأ الكفين، وكان صلى الله عليه وسلم يغتسل بالصاع والصاع يساوي 2.75 ليتر ماء.
وقال د.الخميس: نرى الناس الآن يتوضؤون في حمامات المسجد والمياه مفتوحة وهم لم يستعدوا بعد للوضوء، وهذا من الإسراف والتبذير، فعلى المسلم أن يقتصد في استهلاكه للماء، وهذا للغني والفقير الذي يملك الماء الكثير او الماء القليل.
ويرى الخميس ان الإسراف في ثلاثة أمور: اما في كثرة الأكل، الإنسان الشره «النهم»، يأكل حتى يضره الأكل، وكذلك أن يكون الإنسان مترفا في الأكل وفي اللباس وفي الشراب، يقول عمر رضي الله عنه: «اخشوشنوا فإن النعم لا تدوم»، والقصد الترف الزائد والإسراف في كل شيء، وكذلك ان الإنسان يأكل الحرام ويترك الحلال، ويبقى الإسراف ممنوعا سواء في الوضوء بالماء او سكب الماء دون حاجة او ترك صنابير الماء مفتوحة في الأماكن العامة، وغيرها من مظاهر الإسراف التي نهى عنها الشرع. قال الله عز وجل: (وكلوا واشربوا ولا تسرفوا إنه لا يحب المسرفين).
لا عيش بلا ماء
من جهته، يؤكد د.بسام الشطي ان الماء نعمة عظيمة، وضرورة من ضرورات الحياة، ومن شكر الله على نعمة الماء المحافظة عليه والاقتصاد في استعماله، وإننا لو كنا نعيش في أرض وفيرة المياه لحرم علينا التبذير والإسراف في استعماله، فكيف ونحن في بيئة صحراوية ليست بأرض أمطار ولا أنهار، فالاقتصاد إذن في حقنا أكثر من غيرنا.
موضحا ان ديننا الحنيف حرم الإسراف مطلقا ولو في الكماليات، فكيف بالإسراف في الماء الذي هو إحدى ضرورات الحياة، لا عيش ولا بقاء من دونه. قال تعالى: (وكلوا واشربوا ولا تسرفوا إنه لا يحب المسرفين) والشرب أحد أهم استعمالات المياه، فإذا نهينا عن الإسراف في الشرب، فما ظنك بالإسراف في غيره من استعمالات الماء؟!
وقال تعالى محذرا من التبذير مطلقا: (ولا تبذر تبذيرا إن المبذرين كانوا إخوان الشياطين وكان الشيطان لربه كفورا)، فهل ترضى أن تكون من إخوان الشياطين؟!
وتذكروا وأنتم تصلكم المياه النقية إلى بيوتكم بكلفة مادية يسيرة أن هذا من فضل الله عليكم أولا وأخيرا، فكم من الناس لا يجدون الماء النقي، فيشربون معه الأمراض والديدان والأوبئة، وكم من الناس لا يجدون الماء النقي إلا بشق الأنفس وأبهظ الأثمان، فاللهم لك الحمد كما ينبغي لجلال وجهك وعظيم سلطانك.
وكان ﷺ وهو المبارك في ذاته حتى كان الماء يتفجر من بين أصابعه إذا أراد الله، ومع ذلك كان القدوة والأسوة لأمته في الاقتصاد في استعمال الماء، فكان يتوضأ بالمد الواحد وهو مقدار يسير جدا يزيد على قارورة ماء الصحة الصغيرة بشيء قليل، وكان ﷺ يغتسل بـ 4 أمداد أو 5 مع أنه كان كث الشعر ربعةً من الرجال، كامل الخلق، معتدل القامة، بعيد ما بين المنكبين ـ صلوات الله وسلامه عليه ـ يفعل ذلك تعبدا لربه، وتشريعا لأمته، ليقتدوا به ويهتدوا بهديه ﷺ. ولهذا كان الإمام أحمد يقول: «من فقه الرجل قلة ولوعه بالماء» أي أن عدم المبالغة في استعمال الماء دليل على علم المسلم وفقهه، كما أن إسرافه في وضوئه وغسله واستعمالاته علامة على جهله.
ثم تذكروا السبب وراء هذه النعمة التي أنتم فيها وهي دولتكم ـ أيدها الله وأعزها ـ فقد أقامت محطات تحلية المياه ومدت الشبكات، وبذلت الغالي والنفيس في سبيل راحة مواطنيها والمقيمين فيها، ومن لا يشكر الناس لا يشكر الله، وإن من حقها علينا الدعاء لها، ومن حقها علينا أن نلتزم بالعقود التي بيننا وبينها في استعمال شبكة المياه، وذلك باستعماله فيما يأذن به النظام، وعدم استعماله فيما لا يأذن به النظام، كذلك باجتناب التحايل على عدادات المياه إغلاقا أو فتحا أو غير ذلك مما يمكن المستفيد من استعمال الماء دون وجه حق (وأوفوا بالعهد إن العهد كان مسئولا).
من جهته، قال الشيخ يوسف السويلم: عن عبدالله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما أن النبي ﷺ مر بسعد وهو يتوضأ فقال: «ما هذا السرف يا سعد؟ قال: أفي الوضوء سرف؟ قال: نعم، وإن كنت على نهر جار». والسرف هو تجاوز الحد في الشيء والغلو فيه، والحديث وإن كان ضعيفا لكن أهل العلم أجمعوا على النهي عن الإسراف في الماء. قال النووي في شرح مسلم: وأجمع العلماء على النهي عن الإسراف في الماء ولو كان على شاطئ البحر.
وقال ابن أبي زيد القيرواني: والسرف منه (الماء) غلو وبدعة.
والسرف في الماء يكون بالزيادة على ثلاث غرفات، وبالمبالغة في الغسل، والزيادة على الحاجة حتى يكون كالموسوس.
(ولا تسرفوا) (الأعراف 31) فالآية تعم ذلك، وقال النبي ﷺ: «كل واشرب والبس وتصدّق في غير سرف ولا مخيلة»، فالمؤمن مأمور بالاقتصاد في كل شيء، منهي عن الإسراف في كل شيء، حتى في استعمال الماء في الوضوء والغسل والنظافة يجب أن يقتصد.
وأكد السويلم ان الإسلام يربي في نفوس أهله كراهية الإسراف في كل شيء، بل يبلغ الأمر إلى وصف الإسراف بالطغيان، وربط ذلك بغضب الله تعالى في قوله عز وجل: (كلوا من طيبات ما رزقناكم ولا تطغوا فيه فيحل عليكم غضبي ومن يحلل عليه غضبي فقد هوى)، ويقول عز وجل: (والذين إذا أنفقوا لم يسرفوا ولم يقتروا وكان بين ذلك قواما).
ولفت إلى أن صنابير المياه الموجودة في المساجد أو البيوت أو أماكن العمل إذا كانت تدفع الماء فيمكن التخفيف من فتحها قليلا، وإغلاقها عند الانتقال من غسل عضو إلى غسل عضو آخر، وأن يكون عدم الإسراف منهج حياة لكل مسلم.