مفرح الشمري
احتفاء باليوم العالمي للرقص، أحيت السفارة اليونانية، بالتعاون مع «لابا»، أمسية فلكلورية يونانية تقليدية في الكويت. تأتي الأمسية التي نظمها قسم الرقص الاستعراضي في «لابا» ضمن إطار معرض «الاسكندر الأكبر في الكويت» للفنان اليوناني إفيثميوس فارلاميس، والذي أقيم على مدى ثلاثة أشهر في غاليري «كاب (CAP)»، برعاية بافلوس تروخوبولوس.
وكان سبق الأمسية التي استضافتها الأكاديمية في مقرها، ورشة عمل تدريبية حول الاستعراض والرقص اليوناني الفلكلوري، بمشاركة فرقة Traditional Greek Folklore Ensemble، تخللت الأمسية عروض شعبية راقصة أبحرت بالحاضرين نحو شمال اليونان، حيث مسقط رأس الإسكندر الأكبر المعروف بـ «ذي القرنين»، حيث مزجت بين الموسيقى الرائعة والأداء الاستثنائي والأزياء التقليدية وشغف المواهب الشابة بالتاريخ والتراث، واندفاعهم لتقديم أداء استعراضي متميز أبهر الجمهور من سفراء وديبلوماسيين عرب وأجانب وعشاق الثقافة اليونانية والمتأثرين بتاريخ الإسكندر المقدوني وعظمة مسيرته.
تميز الاحتفال الاستعراضي بمشاركة فنانين يونانيين معروفين من منطقة فيرجينا، حيث تم اكتشاف قبر الملك فيليب الثاني، والد الاسكندر الأكبر، والقصور الصيفية للقائد المقدوني الأسطوري. كما حضر كل من السفير اليوناني في الكويت، كونستانتينوس بيبرينجوس، القائم بالأعمال في بعثة الاتحاد الأوروبي لدى البلاد، غيديمناس فرانافيتشس، الملحقة الثقافية في سفارة فرنسا آيه بن عزوز وعضو مجلس إدارة «لوياك» فتوح الدلالي.
تولى الأستاذ الزائر في قسم التاريخ بجامعة الكويت، د.حسن بدوي، تقديم الاحتفال، حيث تحدث عن مجموعة المكتشفات التي عثر عليها في قبر الملك فيليب الثاني والتاج الذهبي وتماثيل ابنه الاسكندر الأكبر، مشيرا إلى أن «منطقة مقدونيا تقع شمال اليونان، وهي من أغنى المناطق بالثروات الطبيعية في البلاد، كما أنها مقصد جاذب للسياحة. وتشكل صناعة الخوذة فيها الهوية الأساسية لسكان المنطقة الواقعة في شمال اليونان، وللنساء على وجه التحديد، وذلك في إطار الحفاظ على التراث اليوناني».
وفي كلمته، تعمق تروخوبولوس في تراث بلاده الغني والواسع، قائلا: «تنتمي فيرجينا إلى محافظة إيماثيا، حيث أسس الملك فيليب الثاني مملكته. ومن أهم ملامحها وخصائصها اللباس التقليدي للمرأة، كونه ينتمي للزي اليوناني القديم في المملكة المقدونية. كما أن الخوذة التي ترتديها النساء من عصر الاسكندر الأكبر تعتبر الزي المميز لنساء المنطقة، حيث تعد دلالة رمزية على جرأة النساء أيام الاسكندر الأكبر، إذ تقدمن المعارك وحملن السلاح وحاربن وهزمن العدو، بعدما فقد المحاربون شجاعتهم. فكان أن أهدى الاسكندر الأكبر خوذة المحاربين إلى النساء، وما زالت تراثا حيا حتى اليوم».
وإذ أشاد بـ «العلاقات التاريخية بين الكويت واليونان»، قال تروخوبولوس «ارتديت الليلة الزي الكويتي التقليدي، عربون وفاء وامتنان وتقدير للشعب الكويتي ونساء الكويت، على ضيافتهم ومحبتهم، فنحن معنيون بالحفاظ على تراث الاسكندر الأكبر، وتربطنا قواسم مشتركة مع الشعوب التي تدرك معنى الحياة وقيمة التاريخ والتراث. وعلاقة الكويت بإرث الاسكندر المقدوني، علاقة متينة ساهمت في إنجاح معرضنا على مدى ثلاثة أشهر».
من جهته، تطرق رئيس الفرقة اليونانية سوتيراس تسيرويانيس إلى «تاريخ مقدونيا الغنية بالغابات والأشجار والخضراوات، حيث كان أجدادنا يبحثون عن نباتات محددة بشكل دائري ليتم ربطها بالصوف ووضعها على رأس المرأة بغرض التزيين. ومن ثم تغطية الرأس بمنديل أبيض كدليل على عذرية الفتاة. وقد اشتهرت فيرجينا بصناعة الأقمشة، وبالذات صبغة اللون الأسود».
واستعرض كيفية صناعة الخوذة الدائرية التقليدية للمرأة المقدونية، «وهي خوذة تعيدنا إلى التاريخ القديم، من العصر الهيللينيستي وخوذة الملك فيليب الثاني إلى العصر البيزنطي. ونحن نمثل استمرارا للتراث القديم، وربما جيلنا هو آخر جيل يهتم بهذا التراث».
بدورها، رئيسة قسم الرقص الاستعراضي في «لابا»، تينا زبوفتشي، سردت نبذة عن «اليوم العالمي للرقص في 29 أبريل من كل عام، والذي أطلقته لجنة الرقص في المعهد الدولي للمسرح في العام 1982، تزامنا مع عيد ميلاد الفنان الفرنسي جان جورج نوفير (1727-1810)، مصمم الرقصات العالمي المعروف بمبتكر الباليه الحديث، وقالت: «الهدف من هذا اليوم العالمي يكمن باعتباره محطة تقديرية لما يكتنزه الأداء الاستعراضي والرقص من قيمة فنية عالمية ورسالة إنسانية تكرس أهمية التنوع، بحيث تتخطى الحواجز السياسية والثقافية والعرقية واللغوية والعقائدية كافة، وتجمع شتى الشعوب والحضارات ضمن سياق لغة مشتركة عنوانها الرقص».
وتابعت زبوفتشي «إن احتفاء «لابا» باليوم العالمي للرقص يندرج ضمن سياق حرصها الشديد على إحياء الرقص الفلكلوري والفن الاستعراضي، نظرا لأهمية هذه الفنون في تهذيب النفس البشرية وصقل المواهب وتجديد الأمل والشغف بالحياة. وقد منحت الأكاديمية منذ العام 2017 شهادة الاعتماد الدولي للرقص CID من قبل منظمة «اليونسكو». وهي إذ تؤمن بالتعاون الوثيق مع سفارات البلاد ومؤسساتها وهيئاتها الفاعلة، حيث تعمل على تنظيم فعاليات ريادية والاحتفال بالمناسبات العالمية، من منطلق دورها ورسالتها الفنية والثقافية والإنسانية».
وفي ختام الأمسية، جرى عرض فيلم قصير عن محتويات قبر الملك فيليب الثاني الثمينة، ذوات القيمة التاريخية اللامحدودة، وموقعه الجغرافي في مدينة فيرجينا. وشارك الحاضرون في تعلم واكتساب بعض الخطوات والتقنيات المتعلقة بفنون الاستعراض الفلكلوري اليوناني.