بيروت - زينة طبارة
رأى الخبير الدستوري والقانوني د. سعيد مالك، انه عملا بأحكام قانون الموظفين رقم 112/59، فإنه يحق لكل موظف في الدولة اللبنانية تقديم استقالته ساعة يشاء، وللأسباب التي يراها هو موجبة لترك وظيفته، الا انه علينا اليوم في هذا الوقت الحرج الذي تمر به مؤسسة مصرف لبنان، التنبه الى امر أساسي وبغاية الاهمية، وهو انه لا يمكن لنواب حاكم المصرف المركزي الذين تقع عليهم مسؤوليات جسام تجاه الدولة والشعب، تقديم استقالتهم جماعيا، وترك المصرف المذكور لمصيره دون حسيب او رقيب، وذلك لاعتبار مالك ان الظروف الراهنة والاستثنائية، تفرض على نواب الحاكم عملا بمبدأ استمرارية المرفق العام، البقاء في مواقعهم لتصريف الأعمال بانتظار تعيين حاكم جديد.
ولفت مالك في تصريح لـ «الأنباء»، الى ان تهديد نواب حاكم مصرف لبنان بالاستقالة الجماعية، هو تهرب فاضح من المسؤولية، ويخفي رسائل سياسية متعددة، ناهيك عن انه يؤهل تحت وطأته في ظل الشغور الرئاسي، لإمكانية فرض حاكم جديد من قبل حكومة تصريف الأعمال بالاتفاق مع اطراف في المنظومة الحاكمة، علما ان مجلس الوزراء مجتمعا، ملزم عملا بمبدأ الموازاة في الصيغ والاشكال، بضبط إيقاع هذه الازمة، أي انه في حال اقدم نواب حاكم مصرف لبنان على تنفيذ تهديداتهم وبالتالي تقديم استقالتهم جماعيا، يفترض على مجلس الوزراء رفض الاستقالة للأسباب الموجبة المشار اليها اعلاه، على ان يصار بعدها الى بقاء نواب الحاكم في مواقعهم وتحديدا النائب الأول منهم، وتصريف الأعمال الى حين تعيين حاكم جديد وأصيل. وعن قراءته لكلام رئيس الحكومة نجيب ميقاتي، والذي توجه به الى عدد من الأطراف السياسية، «انتو خلقتوا هيدي الازمة فانتوا حلوها»، لفت مالك الى ان هذا الكلام لا يتعدى عتبة السجالات والمواقف السياسيـــة، فالنــــص القانوني والدستوري واضح أن من يملك صلاحية التعيين والتجديد او التمديد، هي الحكومة الفاعلة لا المستقيلة، لكن وبما ان حكومة الرئيس ميقاتي مستقيلة وتصرف الاعمال بالمعنى الضيق عملا بأحكام الفقرة الثانية من المادة 64 من الدستور، لا يحق لها لا التعيين ولا حتى قبول الاستقالة، لأن الاستقالة تعني تغييرا جذريا في الواقع الوظيفي الذي هو من مسؤولية حكومة فاعلة كاملة المواصفات، أي انه في حال اقدم نواب حاكم مصرف لبنان على تقديم استقالتهم، تبقى الاستقالات مجمدة الى حين تعيين حاكم جديد، وهنا تقع على نواب الحاكم مسؤولية قانونية في حال تلكأوا عن الاستمرار في مواقعهم والقيام بواجباتهم.
وعن إمكانية تعيين حراسة قضائية على مصرف لبنان كمخرج من الأزمة، أكد مالك ان الحراسة القضائية في هذا المقام، لا تستقيم لا قانونا ولا دستورا، لكونها تخالف شروط الحراسة القضائية المنصوص عليها في المادة 720 من قانون الموجبات والعقود، فمصرف لبنان ليس شركة خاصة او مختلطة لتطبق عليه شروط الحراسة، انما هو مؤسسة عامة تتمتع بالاستقلالية الذاتية، ولا تخضع لا من قريب ولا من بعيد لتوجيهات أي من المقامات والمرجعيات والمواقع السياسية في البلاد.