استقر طالبو لجوء على متن بارجة راسية في جنوب غرب إنجلترا في الحلقة الأحدث من مشروع الحكومة البريطانية المثير للجدل لمكافحة الهجرة.
وبسبب تراجع شعبيته في استطلاعات الرأي قبل عام من الانتخابات التشريعية، جعل رئيس الحكومة المحافظ ريشي سوناك من ضرورة «إيقاف القوارب» التي تعبر المانش بشكل غير قانوني اولوية وكثف المبادرات في الأيام الماضية.
وتتمثل إحدى هذه المبادرات في نقل طالبي اللجوء الى سفن راسية في موانئ من أجل توفير المال في استقبال المهاجرين مع ثني المرشحين المحتملين من اتخاذ هذه الخطوة.
وصعدت المجموعة الأولى من المهاجرين على متن بارجة ضخمة بطول 93 مترا وعرض 27، راسية في ميناء بورتلاند في جنوب غرب البلاد ويفترض أن تستوعب في نهاية المطاف ما يصل إلى 500 مهاجر في 222 مقصورة.
وشاهد مصور وكالة فرنس برس رجالا يحملون حقائب ضخمة ويصعدون على متنها.
وذلك في مسعى لخفض كلفة إيواء طالبي اللجوء الذين تدفع الحكومة البريطانية ثمن إقامتهم في فنادق حاليا.
وستؤوي البارجة البريطانية بشكل مؤقت ما يصل إلى 500 شخص من الذكور البالغين الذين يطلبون اللجوء في المملكة المتحدة حتى يتم البت في طلبات لجوئهم، لكن بعض الجماعات المدافعة عن حقوق الإنسان ترى هذه الخطوة أنها «غير إنسانية».
وكان من المقرر أن يصل أول المهاجرين الأسبوع الماضي لكن تم تأجيل هذا الموعد بانتظار انهاء عناصر الإطفاء عمليات التدقيق لاستبعاد خطر نشوب حريق.
وفي بورتلاند أثار المشروع جدلا كبيرا وغضب السكان المحليين انطلاقا من خشية البعض على سلامتهم، في حين استنكر البعض الآخر انشاء «سجن عائم» في الجزيرة التي يبلغ عدد سكانها 130 ألف نسمة.
وتدحض السلطات هذا المصطلح وتؤكد أن طالبي اللجوء سيتمكنون من الدخول والخروج كما يحلو لهم.
وميناء بورتلاند هو الوحيد في انجلترا الذي وافق على رسو هذه البارجة. واضطرت الحكومة للتخلي عن مشاريع أخرى مماثلة لعدم وجود موانئ تستقبلها.
وشجبت المنظمة غير الحكومية للدفاع عن المهاجرين «كير فور كاليه» Care4Calais مرة أخرى نظاما «قاسيا» و«غير إنساني»، مؤكدة أن بعض طالبي اللجوء الذين ترافقهم «قد نجوا من التعذيب والعبودية الحديثة وخاضوا تجارب مؤلمة في البحر».
ومنذ استفتاء خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي «بريكست» في عام 2016 والذي كان من المفترض أن يسمح بـ«السيطرة» على الحدود، لم تكف الحكومات المحافظة المتعاقبة عن تشديد خطابها المناهض للمهاجرين وقطع تعهدات، عبثية في الوقت الحالي، بوضع حد للهجرة غير الشرعية عبر المانش.
ويسعى نظام اللجوء في المملكة المتحدة بصعوبة لمواكبة المطالب، حيث لايزال أكثر من 130 ألف طلب لجوء بانتظار الرد، ومعظمها منذ أكثر من ستة أشهر وفقا لأحدث الأرقام الحكومية، لذلك تسعى لندن لخفض فاتورة الإقامة الفندقية لطالبي اللجوء والتي تصل إلى 2،3 مليار جنيه إسترليني سنويا من خلال نقلهم الى قواعد عسكرية مهجورة أو حتى خيام تم شراؤها لفصل الصيف.
بالإضافة إلى ذلك، فإن قانونا جديدا دخل حيز التنفيذ في يوليو الماضي شجبته الأمم المتحدة، يحظر الآن على المهاجرين الذين قاموا بالرحلة الخطيرة عبر المانش - أكثر من 45000 في عام 2022 وما يقارب 15000 في عام 2023 - طلب اللجوء في المملكة المتحدة.
وينص القانون على ترحيل المهاجرين إلى دول اخرى مثل رواندا، وهي خطة تم إطلاقها العام الماضي ولكن القضاء عمد الى عرقلتها.
وكثفت الحكومة البريطانية المبادرات وأعلنت مؤخرا شراكة مع مواقع التواصل الاجتماعي لتكثيف مكافحة المحتوى الذي يشجع على عبور المانش، بالإضافة إلى تشديد العقوبات المالية على أصحاب العمل الذين يوظفون مهاجرين غير شرعيين.
وكانت أحدث فكرة أوردتها صحيفة «ذي تايمز» مؤخرا أن الحكومة تدرس إرسال مهاجرين إلى جزيرة «أسنسيون» البركانية في وسط المحيط الأطلسي على بعد نحو 6500 كيلومتر من المملكة المتحدة.
على صعيد آخر، لقي 11 شخصا على الاقل مصرعهم واعتبر 44 آخرون في عداد المفقودين إثر غرق مركب مهاجرين قبالة سواحل صفاقس التونسية.
وفي موازاة ذلك انتشلت البحرية المغربية خمسة مهاجرين وانقذت نحو مائتين بعدما انقلب قاربهم قبالة الصحراء الغربية.
وقال المتحدث باسم محكمة صفاقس فوزي المصمودي لوكالة فرانس برس «تم انتشال 7 جثث لترتفع الحصيلة إلى 11 جثة و44 مفقودا»، بالإضافة إلى انقاذ شخصين وكلهم من جنسيات دول افريقيا جنوب الصحراء.
وكانت حصيلة أولية أشارت الى سقوط أربعة قتلى و51 مفقودا.
وأضاف المصمودي أن المركب كان يقل 57 مهاجرا وانطلقوا من صفاقس في اتجاه السواحل الأوروبية.