- العنزي: الأَولى على من يقوم بمثل هذه الأفعال أن ينشغل بعيوبه وأخطائه ونفسه
- المهيني: من تتبع عورات الناس ليستفزهم ويبتزهم فإن الله تكفل بأن يعاقبه بمثل ما فعل
- السويلم: على القائمين على وسائل الإعلام المختلفة عدم نشر مثل هذه الأعمال
- الشمري: إثم مبين وجرم عظيم وصاحبه يستحق الفضيحة واللعنة في الدنيا قبل الآخرة
حذر علماء الشرع من تتبع عورات الناس عبر وسائل الاتصال الحديثة والإعلام بأي صورة، مؤكدين ان هذا السلوك نهى الإسلام عنه، وتوعّد فاعله بالعقاب في الدنيا والآخرة. فماذا قالوا؟
في البداية يؤكد د.سعد العنزي أن من المحرمات الشرعية تسخير التكنولوجيا الحديثة في تتبع عورات الناس بأي طريقة او صورة كانت، وكشف أسرارهم والتعرض لهم بهذه الطريقة البشعة تدل على سوء الاخلاق، مما تزرع الاحقاد في النفوس وتشيع الفساد داخل الأسر والمجتمعات.
وقال: ومن فعل هذا الجرم عليه التوبة والندم والرجوع الى الله. قال صلى الله عليه وسلم «من تتبع عورة اخيه تتبع الله عورته...». وجاء ايضا «من ستر مسلما ستره الله يوم القيامة».
وأضاف: الأولى على من يقوم بمثل هذه الافعال ان ينشغل بعيوبه وأخطائه (ولا تجسسوا ولا يغتب بعضكم بعضاً)، ومن أدب المجالس ايضا الا يفشي احد اسرار احد من اصدقائه او حضور ذلك المجلس او من تحدث معهم حتى يصل صاحبها الى موقع (الغيبة/ والنميمة) وهذا فساد عظيم وإثم كبير.
فئة مريضة
بدوره، يؤكد د.صلاح المهيني أن الاسلام ليس دينا كاهانوتيا مجرد من ترجمة الاعتقادات الى أفعال وممارسات، بل الاسلام مبني على عقائد صحيحة تتم ترجمتها الى أفعال تسعد الانسان في الدنيا والآخرة. ولذلك جاء النص صريحا يعيب على ذلك المسلم الذي لا يتجاوز الاسلام لسانه، فهو ينطق بالشهادتين لكن ليس للشهادتين أي انعكاس على حياته.
واستطرد: يقول ﷺ: يا معشر من أسلم بلسانه ولم يفض الإيمان إلى قلبه! لا تؤذوا المسلمين، ولا تتبعوا عوراتهم، فإنه من تتبع عورة أخيه المسلم تتبع الله عورته، ومن تتبع الله عورته يفضحه ولو في جوف رحله.
«يا معشر من أسلم بلسانه ولم يفض الإيمان إلى قلبه»، هنا يهدد النبي ويزجر هذه الفئة من الناس، تلك التي تدعي الاسلام لكن الاسلام لا يجاوز ألسنتهم. فأفعالهم ليست بأفعال المسلمين، وتصرفاتهم ليست من تصرفات المؤمنين. «لا تؤذوا المسلمين، ولا تتبعوا عوراتهم». أي لا تؤذوهم بألسنتكم ولا بأفعالكم، ألا وإن شر أفعالكم أن تتبعوا عورات المسلمين فتفضحوهم بعد أن ستر الله عليهم. «فإنه من تتبع عورة أخيه المسلم تتبع الله عورته»، وهنا يتجلى العدل الإلهي بأن يكون العقاب من جنس العمل، فمن يتتبع عورات الناس ليستفزهم ويبتزهم، فإن الله جلّ جلاله تكفل بأن يعاقبه بمثل ما فعل بالمسلمين.
وزاد: ولاشك أن ظاهرة تتبع عورات الناس ليست بالجديدة، لكنها اليوم أخذت شكلا جديدا واكتست ثوبا جديدا بتتبع عورات الناس عبر وسائل التواصل الاجتماعي. فأحيانا ينشر الشخص صورة أو مقطع فيديو عن طريق الخطأ أو أن تنتشر له صورة او فيديو من غير قصد منه كأن يكون الانسان غير راغب في نشرها، فتلتقط تلك الصور والمقاطع الذئاب البشرية وتبدأ في ابتزاز صاحبها عبر التهديد بنشرها على نطاق واسع.
وتابع: هذه الممارسة داخلة صراحة في النهي الوارد في الحديث السابق، ولاشك أنها من تتبع عورات الناس، والمسلم الكيس الفطن لا يساهم في نشر عورات الناس وفضائحهم، بل يكون أداة بناء مادة ايجابية في نشره. ناهيك عن الضرر الكبير الذي يلحق بالشخص الذي تنتشر له مثل هذه الصور والمقاطع، والضرر لا يقتصر عليه فقط بل يمتد إلى أسرته وعائلته.
وقال د.المهيني: أذكر أنني اطلعت على احصائية مخيفة تتحدث عن حالات الانتحار لمراهقين ومراهقات في المجتمع الأميركي سببها انتشار صور غير لائقة لهم في وسائل التواصل الاجتماعي. والأخطر من ذلك من يخترق هواتف الناس وحواسيبهم ويستخرج منها ما يكون مادة لابتزازهم وتهديدهم، فهذا جرمه أكبر، كونه تتبع عورات الناس واقتحم خصوصياتهم. ويقول ابن القيم: من رفق بعباد الله رفق الله به، ومن رحمهم رحمه، ومن أحسن إليهم أحسن إليه، ومن جاد عليهم جاد الله عليه، ومن نفعهم نفعه، ومن سترهم ستره، ومن منعهم خيره منعه خيره، ومن عامل خلقه بصفة عامله الله بتلك الصفة بعينها في الدنيا والآخرة، فالله تعالى لعبده حسب ما يكون العبد لخلقه. ونحتاج اليوم الى تشريعات تحمي المجتمع من ممارسات هذه الفئة المريضة، والى جهات رقابية تكون أكثر فاعلية في حماية الناس من ابتزاز هذه الفئة المريضة.
إشاعة للفاحشة
ويؤكد الشيخ يوسف السويلم أن من يتبع عورات الناس عبر وسائل التواصل (الفيسبوك واليوتيوب وتويتر وغيرها او عبر الصحف) انما يرتكب كبيرة من اعظم الكبائر حرمة عند الله تعالى. قال الله عزّ وجلّ: (إن الذين يحبون أن تشيع الفاحشة في الذين آمنوا لهم عذاب أليم في الدنيا والآخرة والله يعلم وأنتم لا تعلمون). كما نهى النبي ﷺ عن تتبع عورات الناس، فقال: «إن من تتبع عورة أخيه تتبع الله عورته ومن تتبع الله عورته فضحه ولو في مقر داره».
وطالب السويلم القائمين على وسائل الإعلام المختلفة بعدم نشر مثل هذه الأعمال التي تدخل في دائرة الحرمة الشديدة، لما فيها من إشاعة للفاحشة، حيث قال الله تعالى: (إن الذين يحبون أن تشيع الفاحشة في الذين آمنوا لهم عذاب أليم في الدنيا والآخرة والله يعلم وأنتم لا تعلمون).
ضعف إيمان
من جهته، يقول الشيخ سعد الشمري: لا شك أن هذه الوسائل الإلكترونية من تطبيقات التواصل الاجتماعي بجميع أنواعها قد دخلت دخولا عظيما في عالم الفضاء «الإنترنت» وهي تحمل كل ما تنوع أمره، وعظمت حقيقته، ففيه الحسن والقبيح، والطيب والخبيث، فعند قوم صار وسيلة لتيسير أعمالهم وإنجاز ما لم يتحقق فيما مضى في وقت يسير، فصار ينجز في دقائق بل ثوان وهذا من نعم الله تعالى على الناس، ومنهم من استخدمه في طاعة الله وفي الدعوة إلى الله وإيصال كلمة الله وتبليغ القرآن وصحيح السنة وأيام السيرة النبوية إلى الملايين في وقت وجيز وإمكانيات يسيرة،
ويضيف: هناك من استخدمه لأغراض سيئة ومآرب قبيحة من الطعن في الأعراض واتهام الذمم ونشر الشائعات، ومنها تتبع عورات المسلمين، فهو بهذا قد ارتكب إثما مبينا، وجرما عظيما، وقد استحق الفضيحة في الدنيا قبل الآخرة واللعنة في الدنيا والآخرة، فإن من تتبع عورة امرئ مسلم تتبع الله عورته ومن تتبع الله عورته يفضحه ولو في جوف بيته. وقال الله تعالى: (إن الذين يحبون أن تشيع الفاحشة في الذين آمنوا لهم عذاب أليم في الدنيا والآخرة).
وليعلم من يقوم بهذا الأمر المشين بواسطة هذه التقنيات أن فيه ضعف إيمان ورقة دين وذهاب حياء وقلة مروءة. والله المستعان.