- العاقول: التربية الخاطئة وأسلوب العقاب الصارم يجعلان الطفل عدوانياً متنمراً
- الشريكة: التنمر في المدارس ضرره كبير ويتعارض مع دور التعليم في تهذيب السلوك
- المهيني: منتشر في المدارس ويحتاج حلولاً من وزارة التربية وسنّ قانون يمنع التنمر
ديننا الإسلامي هو دين الأخلاق وقد حث رسول الله صلى الله عليه وسلم على التمسك بخصال الإسلام وقال: المسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده.
ومع ذلك انتشرت ظاهرة التنمر في جميع المجتمعات سواء بالاعتداء اللفظي والسب أو التقليل من شأن الآخرين وخاصة التنمر في المدارس بين الطلبة والطالبات. فما هو موقف الإسلام من التنمرـ وما الدوافع النفسية التي تؤدي إلى ذلك السلوك المشين؟ وما هو علاجه؟
في البداية نتعرف على التنمر وأسبابه وعلاجه التي حددها لنا الاستشاري التربوي والنفسي د.مصبح العاقول فيقول: اصبح التنمر في المدارس من الظواهر الخطيرة التي تهدد سلامة الطلاب والعملية التعليمية اذ تؤثر هذه الظاهرة على نفسية الطلاب والتفوق الدراسي وإقامة صداقات فيما بينهم، وللتنمر في المدارس عدة تعاريف.
يعرف التنمر المدرسي على انه حالة يتعرض فيها الطفل او الطالب لمحاولات متكررة من الضرب أو الهجوم الجسدي والكلامي من قبل طفل أو طالب آخر أو مجموعة من الطلاب، وهذا الهجوم يترك الكثير من العواقب النفسية والسلبية بعيدة المدى لكلا الجانبين. يقول دان الويس أما في حال الخلاف بين طالبين متساويين من ناحية القوة الجسدية والنفسية فإن هذا لا يسمى تنمرا.
يجب أن نعرف أن الطفل الذي يقوم بالتنمر عادة ما يسعى لتحقيق عدة امور منها: لفت انتباه الآخرين له، الظهور كشخص قوي وصلب، الرغبة بالقيادة وحب الذات، غيرة الطالب المتنمر الشديدة من تفوق الطلاب عليه.
وعن اسباب ظهور مشكلة التنمر المدرسي يقول د.العاقول: اسباب اسرية وهذا يرجع الى التربية الخاطئة الصارمة واستخدام اسلوب العقاب الصارم متناسين المتابعة لأطفالهم منذ الصغر الى المراهقة والعقاب الصارم يجعل الطفل عدوانيا ومتنمرا.
ضعف الوازع الديني والغياب التربوي للمدرسة، وكذلك الاعلام والتكنولوجيا وبرامج التواصل الاجتماعي، حيث ساهم الاعلام وبرامج التواصل في انتشار ظاهرة التنمر في المدارس والكثير من الافلام حتى وإن كانت موجهة للأطفال فإنها تشجع على فكرة ان البقاء دائما ما يكون للشخص القوي وأن العنف ضروري للسيطرة على الآخرين.
وعن آثار التنمر قال: هناك الآثار النفسية، فهم يعانون من آثار نفسية مثل القلق والاكتئاب ويشعرون بالعجز وفقدان الثقة في النفس، ويمكن ان يؤدي ذلك الى تدهور الصحة العقلية والانطواء الاجتماعي.
الآثار الاجتماعية العزلة وصعوبة في التواصل مع الآخرين والشعور بالخوف والتردد في المشاركة بالانشطة الاجتماعية مما يؤثر على تطورهم الاجتماعي والعاطفي وفقدان الأصدقاء.
الآثار الاكاديمية، قد يؤثر التنمر المدرسي على أداء الطلاب الاكاديمي بشكل سلبي فيشعرون بالتوتر والتشتت الذهني مما يجعلهم يفكرون أقل في الدراسة ويحققون نتائج اقل في الدراسة.
الآثار الجسدية، في بعض الحالات ممكن ان يتطور التنمر الجسدي فيتعرض الاطفال للضرب او الايذاء الجسدي مما يسبب اصابات وآلاما جسدية.
وحول علاج التنمر أوضح د.العاقول ان التنشئة السليمة منذ الصغر وتربيتهم على الاخلاق الحميدة كالاحترام والتواضع ومساعدة الآخرين، وتوفير اجواء أسرية صحية، وتعزيز ثقة الطفل بنفسه، وتفعيل دور الاعلام في نشر التوعية، ومتابعة الأطفال بشكل مستمر، وعلى المدارس توفير مرشد اجتماعي، وعرض كل من المتنمر والضحية على مختص نفسي واجتماعي.
يتنافى مع الإسلام
من جهته، قال د.عبدالله الشريكة: ان التنمر سلوك يتنافى مع قيمة السلام وقيمة حسن الخلق في الاسلام وهو من أشكال الإيذاء والسخرية التي توجه إلى الآخرين مما يعرضهم للإيذاء النفسي.
وقال الله تعالى: (ولا تعتدوا إن الله لا يحب المعتدين - البقرة: 190)، وقال النبي صلى الله عليه وسلم «لا ضرر ولا ضرار»، وقال صلى الله عليه وسلم «لا يحل لمسلم أن يروع مسلما»، وقال ايضا: «من أشار إلى أخيه بحديدة – أي: وجّه نحوه سلاحا مازحا او جادا فإن الملائكة تلعنه حتى يدعه وإن كان أخاه لأبيه وأمه».
وأكد د.الشريكة أن التنمر في المدارس ضرره كبير ويتعارض مع دور التعليم في تهذيب السلوك.
ونصح د.الشريكة الوالدين على تربية الأبناء على فعل الخير وحسن الخلق، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إِنَّما مثَلُ الجلِيس الصَّالِحِ وَجَلِيسِ السُّوءِ: كَحَامِلِ المِسْكِ، وَنَافِخِ الْكِيرِ، فَحامِلُ المِسْكِ إِمَّا أَنْ يحْذِيَكَ، وَإِمَّا أَنْ تَبْتَاعَ مِنْهُ، وَإِمَّا أَنْ تَجِدَ مِنْهُ ريحًا طيِّبةً، ونَافِخُ الكِيرِ إِمَّا أَن يَحْرِقَ ثِيابَكَ، وإمَّا أَنْ تَجِدَ مِنْهُ رِيحًا خبيثة». وتعليم الطفل أن مجرد الإشارة بالسخرية لأحد يكون صاحبه في النار (ويل لكل همزة لمزة).
لابد من حل
وأضاف د.صلاح المهيني: يعلمنا الإسلام أننا ننتسب لآدم وآدم من تراب. يعلمنا الإسلام أنه لا فضل لنسب على نسب ولا لعرق على آخر. وأن مقياس التفاضل بين الناس بالتقوى ولا شيء سوى التقوى.
يقول صلى الله عليه وسلم: «لا فضلَ لعربيٍّ على عجميٍّ ، ولا لعجميٍّ على عربيٍّ ، ولا لأبيضَ على أسودَ، ولا لأسودَ على أبيضَ: إلَّا بالتَّقوَى ، النَّاسُ من آدمُ، وآدمُ من ترابٍ».
والقرآن يأمرنا أن نجتنب السخرية من الآخرين ولو كنا أفضل منهم، يقول تعالى: (ياأيها الذين آمنوا لا يسخر قوم من قوم عسى أن يكونوا خيرا منهم ولا نساء من نساء عسى أن يكن خيرا منهن ولا تلمزوا أنفسكم ولا تنابزوا بالألقاب بئس الاسم الفسوق بعد الإيمان ومن لم يتب فأولئك هم الظالمون).
ولأنني أمتهن مهنة التعليم فإنني أقر بوجود ظاهرة التنمر عند كثير من طلاب المدارس والتي تكون كثيرا سببا من أسباب تردي المستوى الدراسي عند الطلاب الذين يتنمر عليهم وللأسف بل كثيرا ما يتدخل أولياء الأمور ويقدمون شكاوى لأن أبناءهم تعرضوا للتنمر من زملائهم ما جعلهم يكرهون المدرسة ويتردون في تحصيلهم العلمي.
نحتاج من وزارة التربية أن تدرس الظاهرة وتوجد الحلول التربوية لها كما نحتاج لسن قانون عام في الدولة يمنع التنمر حالنا حال كثير من دول العالم العربي والغربي.