- المسباح: تعظيم الرسول صلى الله عليه وسلم بالإكثار من الصلاة عليه.. وعلى المسلمين التأسّي بأفعاله
- الربيعة: لم يرد عن المصطفى أنه دعا إلى الاحتفال بمولده ولا الصحابة من بعده وهم أشد الناس حباً له
- العنزي: إحياء سنته والتفكير بسيرته والاقتداء به مقبول شرعاً ويجب الاهتداء بهديه
- الحزيمي: حب النبي صلى الله عليه وسلم ليس قولاً باللسان ومخالفة الأفعال ولو كان حبك صادقاً لأطعته
مع اقتراب ذكرى المولد النبوي الشريف ونحن ننهل من كتب السيرة النبوية العطرة ونأخذ من رسول الله صلى الله عليه وسلم القدوة الحسنة والمثل الصالح، ونرى كثيرا من المسلمين يحتفلون بمولد الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم فهل هذا جائز؟ وإذا كان لا يجوز، فكيف نعبر عن حبنا للرسول صلى الله عليه وسلم في ذكرى مولده؟
يرى الشيخ د. ناظم المسباح ان تعظيم الرسول صلى الله عليه وسلم في كل وقت بتعظيم سنته والعمل به والدعوة إليها والتحذير من مخالفتها، وببيان ما كان عليه صلى الله عليه وسلم من الأعمال الصالحة والإكثار من الصلاة والسلام عليه.
وبسؤالنا عن الاحتفال بمولده صلى الله عليه وسلم جائز أم لا ونحن نسمع من يقول انها بدعة حسنة او مستحسنة؟ أجابنا: هذا الأمر تكلمت عنه كثيرا وكثر فيه الكلام وكتب فيه غيري من أهل العلم كشيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله - وابن باز وابن عثيمين وبين أولئك العلماء أن الاحتفال بالمولد النبوي بدعة وان وجوده من بعض الناس لا يدل على جوازه او مشروعيته فهو ليس له دليل من الكتاب او السنة ولو كان جائزا لفعله من كان خيرا منا من الصحابة او من الخلفاء الراشدين أو من بني أمية أو التابعين الذين لم يحتفلوا به قولا أو عملا، مؤكد ان حب النبي صلى الله عليه وسلم لا يكون بالاحتفالات بل باتباعه والتمسك بشريعته والدعوة اليها، وهذا هو الحب الحقيقي وليس بالبدع، وأرى أن هذا أمر لا يجوز ولو كان الاحتفال بيوم ميلاد النبي جائزا لبينه الرسول صلى الله عليه وسلم لأمته لأنه أنصح الناس ولكن لم يفعله صلى الله عليه وسلم طوال حياته، ودعا المسلمين إلى التأسي بالهدي النبوي الشريف، فالنبي صلى الله عليه وسلم ما ترك خيرا إلا دلنا عليه وما ترك شرا إلا حذرنا منه، ودعا المسباح الى عدم تعطيل الاعمال في يوم مولده صلى الله عليه وسلم الذي لم يثبت من الناحية التاريخية أنه في الثاني عشر من ربيع الأول.
بدعة
من جهته، يقول الشيخ وليد الربيعة: من الامثال المصرية الشعبية عميقة المعنى والدلالة (مولد وصاحبه غايب) وهي مقولة معروفة ومشهورة، وتشير إلى أن صاحب المولد غير حاضر، وهو ما يمثل غياب القيادة وانتشار الهرج والمرج بين الحضور في الاحتفال بالمولد.
فهل الاحتفال بمولد النبي صلى الله عليه وسلم فعل محمود ومسنون ام هو عمل مبتدع مذموم؟
قال تعالى (قل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله ويغفر لكم).
ان مصدر التلقي في الاسلام هما القرآن والسنة لقول النبي: «تركت فيكم ما ان تمسكتم به لن تضلوا أبدا - كتاب الله وسنتي..»
ولم يرد عن النبي انه دعا الى الاحتفال بمولده ولا الصحابة من بعده وهم اشد الناس حبا له.
أما عن حكم الاحتفال بالمولد النبوي في المذاهب الاربعة فقال: من المهم معرفة حكم الاحتفال بالمولد النبوي في المذاهب الأربعة، وهي المالكي، الشافعي، الحنبلي، والحنفي.
جاء قول الشافعية عن الاحتفال بمولد النبي صلى الله عليه وسلم، حيث كان الإمام الشافعي رحمه الله، قد قسم البدعة إلى بدعة مذمومة وبدعة محمودة، فالبدعة المحمودة ما تطابق منها مع الشريعة الإسلامية أو كان لها أصل شرعي في الكتاب أو السنة، والبدعة المذمومة فهي ما لا يتطابق مع الشرع والسنة.
حسب الشافعية، فإن حكم المولد بدعة ضلالة لا أصل لها في الشريعة الإسلامية
أما عن الاحتفال بالمولد النبوي في المذهب الحنبلي، فليس فيه عن الإمام أحمد بن حنبل رحمه الله شيء منصوص، وما ذكر عن بعض الحنابلة من ذكر مولد النبي صلى الله عليه وسلم، ليس احتفاء بالمولد، بل ذكر لخبر مولده صلى الله عليه وسلم.
يقول علماء المالكية في حكم الاحتفال بالمولد النبوي: يعرف من خلالها المنصف المتجرد من الهوى، أن هذا الاحتفال بدعة منكرة عند المحققين من العلماء المالكية، وأن من يستحسن هذه البدعة إنما يفعل ذلك اتباعا للهوى، وإرضاء لعامة الناس على حساب الدين.
في الختام، فإن حكم الاحتفال بالمولد النبوي في المذاهب الأربعة، هو من الأمور المستحدثة التي لا يجوز الاحتفال به بشتى الطرق والوسائل.
كل يوم نتذكره
ويقول د. سعد العنزي: لم يثبت من الناحية التاريخية انه تم الاحتفال بمود النبي صلى الله عليه وسلم في عهد الخلفاء الراشدين أي منذ القرن الأول الذي فضله النبي صلى الله عليه وسلم على سائل القرون، ومن ثم لم يثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم ان كرس هذا المبدأ بعد وفاته بالقول، وعليه فإن الاحتفال الرسمي بالمولد النبوي صلى الله عليه وسلم بإقامة الاناشيد والطبول واحيائها في بعض البلدان من مهرجانات وغير ذلك تعتبر من البدع المستحدثة في التاريخ الاسلامي ومخالفة لأهل السنة والجماعة.
ولفت د. العنزي إلى ان احياء مولد النبي صلى الله عليه وسلم يكون بإحياء سنته والتفكير في سيرته صلى الله عليه وسلم والاقتداء به قولا وفعلا، وهذا أمر مقبول شرعا بحيث أن المسلم يستشعر بمولد النبي صلى الله عليه وسلم إحياء للإنسانية وإحياء للدين لا أن تقام مهرجانات وأشعار بأمور لم تثبت في الشريعة، ولكن نستشعر من الناحية النفسية بإحياء سنته وتطبيقها على أنفسنا وعلى مجتمعاتنا.
وزاد: نحن نعتقد أن مولد النبي صلى الله عليه وسلم كان مولدا جديدا للإسلام وللدين مولدا يحيي فينا اتباع سنته والاقتداء بأفعاله وأقواله وهذا ما تعلمه أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم عندما يتذكرون مولده ويستشعرون عظمة هذا الدين، وبين د.العنزي ما يجب فعله في هذا اليوم بقوله: من مولد النبي صلى الله عليه وسلم يقتدي بسيرته اذا نسي سنة أحيا هذه السنة بتذكره لا أن يجلس لها جلسات خاصة تكون إحياء لوقت معين فالرسول صلى الله عليه وسلم في قلوبنا في كل لحظة.
الدفاع عن سنته
ويؤكد الشيخ عبدالله الحزيمي أن حب النبي ﷺ والتأسي به ليس قولا باللسان ومخالفة ذلك بالأفعال: لو كان حبك صادقا لأطعته.. إن المحب لمن يحب مطيع.
فحب النبي ﷺ يتمثل في طاعته فيما أمر واجتناب عما نهى عنه وزجر، يتمثل في الدفاع عن سنته والذب عنها، يتمثل في نشر دينه وسنته ورفض البدع بكل اشكالها لأن البدع حقيقتها اتهام للنبي أنه خان الامانة لأنه يعرف ان هذه العبادة يحبها الله ولم يخبرنا بها أو أن الدين غير كامل. يتمثل حب النبي ﷺ بحب اصحابه وأهل بيته، يتمثل في تعظيم هذا الدين وشعائره، يتمثل في الاقتداء بالنبي ﷺ في كل شؤون حياته وخاصة نفسه لأنه هو القدوة (لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة لمن كان يرجو الله واليوم الآخر)، (قل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله ويغفر لكم ذنوبكم)، وقال رب العالمين (وإن تطيعوه تهتدوا).
كما لا يخفى على مسلم ولا مسلمة ان القدوة العظمى في حياته هو نبيه وحبيبه محمد ﷺ، فلما اتخذناه قدوة لزم علينا النظر في سيرته وحياته وتعاملاته وعباداته، لاسيما إذا اقتراب مولده الشريف يستذكر المسلم ان الله عز وجل قد أراد خيرا بهذه الأمة بعد أن مقتهم عربهم وعجمهم، ويوم ميلاده يوم من أيام الله كغيره من الأيام ولم يثبت فيه نص نبوي او أثر عن صحابي بعمل مخصوص، وانظر وتأمل ثم طبق ما تراه في سيرته ﷺ من حسن خلقه مع ازواجه واهل بيته وصحابته، والكفار كذلك بل حتى البهائم، فإن اتبعت ذلك حققت قول الله «قل ان كنتم تحبون الله فاتبوعني يحببكم الله ويغفر لكم ذنوبكم والله غفور رحيم» وحققت قول النبي الكريم ﷺ «المرء مع من أحب» لعلنا نرد حوضه الشريف لنشرب منه وان يرزقنا الرحمن شفاعته يوم لا ينفع مال ولا بنون إلا من أتى الله بقلب سليم.
وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى اله وصحبه اجمين.