- عواطف البدر رائدة مسرح الطفل كانت سخية على جميع أعمالها الفنية
مفرح الشمري
من خلال استضافتها في برنامج «دهن العود مع سعود» الذي يقدمه سعود المزيعل ضمن فقرات البرنامج التلفزيوني الشهير «ليالي الكويت» الذي يبث عبر شاشة تلفزيون الكويت، شددت مصممة الأزياء الكويتية القديرة رجاء البدر على أهمية ودور الأزياء بالذات في الجانب التراثي من اجل ترسيخ وتأكيد الهوية والخصوصية، كما أشارت البدر في مستهل حديثها في البرنامج عن تجربتها بأوبريت «مذكرات بحار» الذي عرض في مركز الشيخ جابر الأحمد الثقافي عام 2019 بقولها «حينما طلبوني لتصميم أزياء هذا العمل المتميز كنت في غاية السعادة لأنني كنت احس بأن هناك أشياء كثيرة بداخلي كنت أسعى الى تقديمها وترسيخها في العمل».
وأضافت: تصورت في البداية ان المخرج سيكون كويتيا ومن غير الإساءة للمخرج الأجنبي، ولكن هكذا تجربة كانت تتطلب مخرجا كويتيا من اجل التفاهم معه بالإضافة الى معرفته التامة لأدق التفاصيل الخاصة بالتراث والموروث، ولكن المخرج الانجليزي لم يكن يعرف التفاصيل الخاصة بالعمل، حتى وان كان يعرفها فإنه كان يعرفها بالانجليزية وكنت في منطقة الوسط بينه وبين الشباب المشارك في العمل، حيث كنت أقوم بالترجمة له من حيث أدق التفاصيل الخاصة بالأزياء مثل «العباءة» و«البخنق» و«الوزار»، وقد قمت بترجمة كل تلك التفاصيل وحيثيات كل زي سواء للرجال أو النساء وأيضا التفاصيل الخاصة بكل شخصية بالذات ملابس البحارة، وقد اضطررت للقيام بمهمة الترجمة من اجل ايصال فكرة كل زي الى المخرج ليقوم هو بدوره بفهم أدق التفاصيل والعمل على ايصال تلك الأعمال من أزياء وخياطة وحياكة الى المشاهد، وكانت النتيجة ان العمل انجز بطريقة اكثر من رائعة والعمل كما هو معروف من تقديم الفنان القدير شادي الخليج (شفاه الله) بالإضافة الى مجاميع كثيرة ساهموا في تقديم الكويت القديمة بالذات أهل الغوص، وهو من نوعية الأعمال التي تمسني وأعشقها وأسعى الى تقديمها دائما.
كلاسيكي
وتابعت: أنا أحب المودرن (الحديث) و(الكلاسيكي) ولكن هذه الأزياء هي واقع أعيشه واحسه وأسعى الى تقديمه لانه يمس هويتنا وخصوصيتنا التي يفترض ان تظل وثيقة للأجيال، بل أستطيع التأكيد على أن أزيائي التراثية هي ترسيخ للهوية والشخصية والخصوصية التي يتمتع بها الزي الكويتي النسائي والرجالي.
وحول الاختلاف بين «مذكرات بحار» 2019 و1979 قالت مصممة الأزياء القديرة رجاء البدر: اختلفت الأزياء وبشكل واضح لأنني كنت أمام تجربة حرصت كل الحرص على منحها العمق والخصوصية والتفرد وبها أيضا تصور وحرصت على ان ينعكس كل ما هو مكتوب من أحداث موجودة على الخشبة عبر أدق التفاصيل ومنها ملابس النساء حينما يذهبن الى البحر لغسل الملابس وينتظرن أبناءهن وأزواجهن عند العودة من الغوص بعد غياب عدة اشهر، لهذا شاهدنا في أوبريت «مذكرات بحار» كل المفردات والتفاصيل على خشبة مسرح مركز الشيخ جابر الأحمد الثقافي.
وحول ما يقال إن مصممة الأزياء رجاء البدر حازمة وشديدة في التعامل خلال العمل، قالت: نعم، وأنا أعترف بذلك حتى أنني أضع العقد في حقيبتي في حال الإخلال بأي بند من البنود فإنني أقف وبشكل حازم بالذات فيما يتعلق ببعض الجوانب التي هي ضد مبادئي وحرفتي وخصوصية ما اقدم من منجز ابداعي خاص بالأزياء، وأنا حازمة في هذا الأمر بالذات فيما يخص تصميم الأزياء والفكرة التي تنطلق منها تصميم كل زي من الأزياء.
وفيما يخص مشوارها في تقديم ما يقرب من عشرة أعمال لمسرح الطفل بالتعاون مع شقيقتها المنتجة القديرة عواطف البدر رائدة مسرح الطفل في الكويت ودول مجلس التعاون الخليجي ومشوار تجاوز الخمسين عاما من العطاء بالإضافة الى الأعمال السينمائية ومسرح الكبار وعشرين عرضا للأزياء عالميا آخرهم كان في مدينة أنقرة التركية وأسباب توقفها عن عروض الأزياء العالمية، قالت: تنطلق التجربة من خلال تقديم السيرة الذاتية والمشروع الخاص بالعرض الخاص بكل بلد مع التمازج بين ذلك البلد والكويت كون تلك الأزياء هي في الأصل كويتية وهناك بعض السفارات أو بعض الدول تقبل المشروع، ويتم انجاز العرض كما تم مع العديد من دول العالم، وأشير هنا الى أن عروض الأزياء في الخارج مكلف جدا بالذات مع وجود عارضات الأزياء والفريق الكامل من خياطين وموسيقيين وبقية العمليات الخاصة بالعرض، بالإضافة طبعا الى العارضات من الجنسين، كما أن الأمر يشمل تذاكر السفر والإقامة ومكان تقديم العرض، وليس كل السفارات تتقبل الأمر لكلفته، وأشير الى أنني من يقوم بالطلب من السفارات لتقديم هكذا عروض من اجل إحياء التراث الكويتي وتقديم الزي الكويتي بما يمتاز به من ثراء وأصالة، وأعترف بأنني لا أمتلك الإمكانات المادية لتحمل كلفة هكذا مشاريع يفترض أن تقوم بها المؤسسة الرسمية متمثلة بالوزارات والسفارات والجهات الرسمية وأنا أقدم كل خدماتي وخبرتي في هذا الجانب.
وعن العيش سنوات طويلة تقترب من العشرين عاما من حياتها في البصرة بالعراق، وعن الكيفية التي تجيد بها التعامل مع الأزياء والموروث، قالت: أنا عشت وسط البيئة الكويتية حتى وأنا في البصرة فأنا بنت أسرة كويتية ولم أكن معزولة عن الكويت وأزيائها وتراثها، بالإضافة إلى أنني بحثت مطولا في هذا الجانب الثري والعميق ليكون حاضرا وعملت للمحافظة على ذلك الإرث الثمين والتعامل معه بأصالة وتقدير.
كتب أجنبية
وتابعت: أغلب المصادر التي تتحدث عن الأزياء وتاريخها وتفاصيلها تأتي من خلال كتب أجنبية لعدد من أهم المصورين البريطانيين الذين حطوا الرحال في الكويت اعتبارا من عهد المغفور له الشيخ مبارك الصباح وجاء أولئك المصورين مع البريطانيين، وهم من قاموا بتصوير كل شيء وتوثيقه ليكون حاضرا للأجيال، لذا حرصت على اقتناء تلك الكتب النادرة والمهمة، بل ان تلك الكتب اليوم تعتبر وثائق نادرة ومهمة.
وحول تجربتها مع مسلسل «أسد الجزيرة»، قالت البدر: انه واحد من اهم التجارب التلفزيونية الدرامية العامرة بالشخصيات وأيضا بالأزياء الخاصة لكل شخصية وقد حرصت على السفر إلى سورية من أجل شراء الأقمشة الخاصة بعدد من الأزياء بالذات (الزبون) وهو زي كان موجودا في الكويت والعراق فقط ومنه رجالي ونسائي، وحصلت على خياطين بارعين ومتميزين في دمشق لإنجاز تلك الأزياء والتصاميم، بالإضافة الى عقال (الشطفة) ووجدته في سورية حيث كان يرتديه الشيخ مبارك الصباح وأبناؤه الكرام، وفي هذه التجربة قدمنا انجازا دراميا وفنيا عالي المستوى، ولإنجاز هذه الأعمال أسافر الى الهند ومصر، وأخص الهند التي تعتبر الأهم من حيث صبغ الملابس، وتحديدا الى مدينة كالكتا، حيث كبريات المصابغ التي تغذي أهم دور الأزياء العالمية.
وعن مسرحيات الكبار ونجومها، تقول: قدمت العديد من المسرحيات الخاصة بالكبار ومن بينها «فرحة أمة» و«باي باي لندن» و«جنون البشر» وأعمال أخرى، وفي مسرحية «باي باي لندن» قدمت أزياء الفنان الراحل عبدالحسين عبدالرضا وأيضا الفنان الراحل غانم الصالح والراحلة مريم الغضبان وهيفاء عادل، والراحلة انتصار الشراح وداود حسين وغيرهم، وكل هذا الأزياء كانت من تصميمي وابتكاري وأفكاري بالذات دشداشة شخصية «نهاش فتى الجبل» وقمت بتقديم الألوان التي تناسب الشخصية لما تحمله من فانتازيا، وأنا لا افرض على النجوم الكبار بالذات الألوان لأنني أحترم رأيهم وشخصياتهم وفكرهم وتجربتهم وعلى مصمم الأزياء إقناع الفنان بفكرة الزي القريب أو التي تناسب الشخصية، وهذا ما حصل فعلا مع جميع الشخصيات.
أزياء خاصة
وتابعت: الفنان الراحل عبدالحسين عبدالرضا قام باختيار القميص الأصفر الذي كتب عليه كلمة لندن، أما بقية الأزياء الخاصة به فكانت من تصميمي، وفيما يخص مسرحية «فرحة أمة» قمت بتقديم تصميمات خاصة من بينها زي مايكل جاكسون للفنان عبدالرحمن العقل بالإضافة إلى زي علي جمعة وعبدالله السلمان وقد عرض العمل أمام قادة دول مجلس التعاون الخليجي.
وفيما يخص مسرحية «جنون البشر» مع الفنان القدير سعد الفرج، قالت: تجربة مسرحية مهمة وعالية الجودة وثرية بالقضايا والمسرحية للأسف لم تعرض تلفزيونيا.
وتنتقل البدر للحديث عن عروض مسرح الطفل من خلال مسرحيتي «سندريلا» و«قفص الدجاج» قائلة: في كل عمل لابد من قراءة النص بالكامل وأتابع البروفات والشخصيات وأخلق «هارموني» بين الأزياء والديكور وحتى الاكسسوارات وفي مسرحية «قفص الدجاج» عملت الأزياء من الريش لذا ذهبت الى سوق الحمام فلم أجد الريش المناسب للشخصيات، عندها اختلقت أشياء وعملت الريش وذهبت الى سوق الجمعة، وهكذا بالنسبة لأزياء مسرحية «السندريلا» التي قمت بصميم جميع ملابسها، وبدأت أشتغل عليها باستثناء زي الفنانة المتميزة هدى حسين لأنها تمتلك حالة من الغنا في الأحاسيس الداخلية، ونظرا لثراء الشخصية وأيضا اللياقة العالية التي تتمتع بها الفنانة هدى حسين قررت السفر إلى كاكلتا بالهند لإحضار الأقمشة التي تليق بالشخصية، وقد استأذنت من المنتجة عواطف البدر (شقيقتي) من أجل السفر وإنجاز الزي وعدد آخر من الشخصيات وتمت عملية الخياطة، وكانت المنتجة عواطف البدر سخية على جميع الأعمال التي قامت بإنتاجها، لذا حققت جميع أعمالها النجاح والانتشار، وسيظل اسم عواطف البدر كرائدة لمسرح الطفل في الكويت ودول الخليج العربية محفورا بالتاريخ.