- المحاور وحدها كفيلة بأن يتخذ نواب الأمة قرارهـم بطـرح الثقـة في الوزيرة مهما لاقت من دعم حكومي أو مؤازرة من أقطاب سياسيـة وهي أقصت من أرادوا إصلاح منظومة العمل
- سوء حالة الطرق أصبح تهديداً حقيقياً لحياة المواطن واستنزافاً لأمواله وبات بند إصلاح السيارات أساسا مثبتاً وعبئاً ثقيلاً على ميزانية كل مواطن والوزيرة لم تحرك ساكناً
سامح عبدالحفيظ
قدم النائب داود معرفي استجواباً إلى وزيرة الأشغال العامة د.أماني بوقماز جاء كالتالي:
عملاً بأحكام المادتين 100، 101 من الدستور، واستنادا إلى أحكام المواد 133، 134، 135 من اللائحة الداخلية لمجلس الأمة، ومن منطلق الدور الرقابي الذي رسمه الدستور لنواب الأمة، وبهدف تحقيق الصالح العام للبلاد والعباد، أتقدم بالاستجواب التالي إلى وزيرة الأشغال العامة (بصفتها).
بسم الله الرحمن الرحيم
قال تعالى: (وإذا قيل لهم لا تفسدوا في الأرض قالوا إنما نحن مصلحون ألا إنهم هم المفسدون ولكن لا يشعرون)، وقال سبحانه: (وقفوهم إنهم مسؤولون).
من منطلق الأمانة التي حملناها، والثقة التي طوق أعناقنا بها أبناء وطننا، وبرا بقسمنا باحترام الدستور والقانون، وتحملا لمسؤولياتنا أمام أهلنا وبلدنا، بل وأمام التاريخ الذي نربأ أن يذكر أننا كنا شهود عيان على فساد دون أن نحرك ساكنا، فلسنا ممن تلجم أفواههم، ولا تقصف أقلامهم، وسنظل كما عاهدنا أبناء شعبنا، مدافعين عن الحق، محاربين لأي شكل من أشكال الفساد إذا تيقنا منه، فلسنا ممن يسعى إلى رمي الناس بالباطل أو الانسياق دون بينة ودليل.
وإننا إذ نتقدم بهذا الاستجواب المستحق الذي لجأنا إليه بعد أن نفد الصبر، وارتفع الأنين من أداء الوزيرة مما بات يهدد مصالح البلاد والعباد، وبعد أن استنفدنا الحيل بالنصح والتوجيه ولفت النظر إلى مكامن الخطأ والفساد، وأتحنا للوزيرة الفرصة لتعود إلى جادة الصواب وتصحيح الاعوجاج وتحقيق الصالح العام، إلا أن محاولاتنا اصطدمت بجدار من الكبر والعزة بالإثم، والإصرار على الخطأ وتبريره رغم وضوحه كالشمس في رابعة النهار، ما أكد لنا أن ممارسات الوزيرة في عملها وأخطائها التي لا ترجع عنها ليست من قبيل الاجتهاد، فإن أصابت لها أجران وإن أخطأت لها أجر، وإنما باليقين هي أخطاء مقصودة لن نجني من ورائها إذا سكتنا عنها سوى المزيد من الفشل والاستمرار في هدر المال العام وضياعه وتعريض حياة الناس للخطر وإثقال همومهم بمزيد من الأعباء.
وحتى لا يذكرنا التاريخ أننا كتمنا الشهادة، وتحكي عنا الأجيال القادمة أننا شياطين خرس صمتنا أمام الظلم وعجزنا عن مواجهة الفساد، فلم يبق أمامنا سبيل سوى تفعيل أدواتنا الدستورية وتقديم هذا الاستجواب الذي نؤمن بأنه مستحق لنعلنها واضحة وأمام أبناء وطننا ومجلسكم الموقر أننا لا نقبل أن نصمت أمام فاسد مهما علت مكانته أو ارتفعت قامته، بل سنكون كالجبال الرواسي نستند إلى الحق ونواجه الباطل وننتصر للمظلوم مهما علت هامة الظالم أو ارتفع شأنه، معتمدين على الله وتأييد شعبنا الأبيّ الغالي.
إن الوزيرة ومنذ تشكيل الحكومة كانت محورا للشبهات، ولكننا كما أسلفنا لا يمكن أن نخوض في شبهة دون بينة ولا أن نتهم بلا يقين ولا نحاسب قبل أن نسدي النصح ونفسح المجال لعل المخطئ يرجع عن خطئه أو ينصلح المفسد، فالإصلاح غايتنا ونسعى لتحقيقه بكل الوسائل، لكن حين اتضحت الصورة، وتوافرت الوثائق التي تكاد تنطق أوراقها أننا أمام فساد ممنهج ورؤية غائبة وسياسة في العمل لا يمكن أن تلبي احتياجات المواطن ناهيك عن طموحاته وتطلعاته، تأكدنا أن بقاء هذه الوزيرة واستمرارها في عملها لن يكون إلا هدما لآمال شعبنا ومكتسباته، وهدرا للمال العام وافتئاتا على حقوق أبناء شعبنا ووطننا الغالي.
ورغم كثرة أخطاء الوزيرة في غالبية قطاعات عملها، إلا أننا سنكتفي بالمحاور التالية والتي نراها وحدها كفيلة بأن يتخذ نواب الأمة قرارهم بطرح الثقة فيها مهما لاقت من دعم حكومي أو مؤازرة من أقطاب سياسية، لأننا نؤمن بأن الحق بيّن والباطل بيّن، وما المحاور التالية في الاستجواب إلا نبراس للحق نهدي من خلاله زملاءنا النواب إلى البصيرة التي تعينهم على اتخاذ القرار بما يحقق مصالح البلاد والعباد.
المحور الأول
هيئة الطرق
أ- إهدار المال العام، عدم تطبيق القانون، الفشل في أداء المهام الوظيفية.
إن نهضة الأمم تبنى بسواعد أبنائها، وهذه السواعد لكي تعمل وترتقي بحاضر بلدانها إنما تحتاج الى ان تكون تحت مظلة فكر وتخطيط يوجه هذه الجهود ولا يشتتها، يدفعها من خلال الرؤية المرسومة إلى المسار الإنمائي والتطوري المنشود الذي يؤمن بالتخصص وان يولى كل أمر لأهله، زمن العشوائية في التخطيط والمركزية في الأداء قد عفى عليه الدهر وتجاوزته البلدان التي كانت تنظر إلينا يوما على أننا القدوة والمثل ليصبح حالنا مقارنة بهم الآن لا يخفى على أحد ولا يماري فيه صاحب رؤية منصفا كان أو ظالما.
ومن منطلق القناعة ان التخصص هو من الوسائل الصحيحة للنجاح، وفي ظل المعاناة التي يعيشها المواطن في حياته وتنقلاته اليومية من سوء حالة الطرق والشوارع وتردي خدماتها وصولا الى أن أصبحت تهديدا حقيقيا لحياته واستنزافا مستداما لأمواله وبات بند إصلاح السيارات أساسا مثبتا وعبئا ثقيلا على ميزانية كل مواطن، وسعيا للحد من هذه الأضرار والأخطار صدر القانون رقم 15 لسنة 2014 بشأن إنشاء الهيئة العامة للطرق والنقل البري المعدل بالمرسوم رقم 2015/3 بهدف ضم جميع اختصاصات الطرق والنقل البري تحت مظلة واحدة، في سعي محمود لتطوير قطاع الطرق والنقل الجماعي وحل مشكلة الازدحام المروري التي تلقي بأعبائها وتبعاتها على جميع مناحي الحياة.
ولتفعيل هذه الرؤية وتطبيقها، صدر قرار مجلس الوزراء رقم 278 لسنة 2016 بنقل اختصاصات هيئة الطرق اليها من وزارة الاشغال وبلدية الكويت ووزارة المواصلات ومفاد القرار هو تدشين حقبة المسؤولية لهيئة الطرق لتباشر مهامها فعليا وفق قانون إنشائها وتحقيق أهدافها، خاصة أن القانون قد منح الهيئة الاستقلالية اللازمة لمباشرة عملها، مؤكدا على صلاحيتها ككيان مستقل متخصص متجاوزا للسلبيات الروتينية المعهودة ومختصرا للدورة المستندية المطولة وغير المطلوبة في ظل حالة التردي والتهالك القائم للطرق والذي يستوجب حلولا عاجلة لا تقبل التأجيل والتسويف.
ومع الأسف ورغم وضوح القانون الخاص بإنشاء هيئة الطرق وانه أناط عملية الإصلاح والمشاريع بمجلس إدارة الهيئة، الا ان العمل الفعلي والتطبيق الحقيقي استمر على نفس النهج العقيم من تأخر في التعيينات الى عدم توفير الاعتمادات المالية حتى وصل الأمر لمحاربة الكفاءات وكأن هناك تعمدا لإفشال الهيئة من قبل مباشرتها لعملها وتدليلا على ذلك يكفي أن نوضح أن الهيكل التنظيمي للهيئة التي صدر قانون إنشائها عام 2014 تم اعتماده في عام 2021، فهل هذا مقبول؟!
وبالقطع، فإن كل من تصدى للعمل في الهيئة وفي ظل سيل العراقيل البيروقراطية وانعدام الرؤية والافتقار الى الرغبة الحقيقية في الإصلاح وتعديل الوضع وإماطة الأذى عن كاهل المواطن، نجد أنهم إما استقالوا أو تم الافتئات على صلاحيتهم، الأمر الذي حدا برئيس ونائب الرئيس لتقديم استقالة مسببة في 2022/12/4 مقدمين ملخصا تشخيصيا للحالة وفق ما يلي:
1 - عدم تعيين مدير عام ونوابه.
2 - نقص الخبرات الفنية بالهيئة ما تسبب في المبالغة في التكلفة التقديرية للمشاريع المطروحة، وغياب الخطط والأولويات لطرح المشاريع.
3 - عدم وجود نظام أو إجراءات عمل وقصور الرقابة والتدقيق الداخلي.
4 - الاعتماد على الوافدين في اتخاذ القرارات وتسيير العمل.
5 - نقص الموظفين وتعطيل الوزير للنقل.
6 - عدم نقل الاختصاصات للهيئة.
7 - ضعف استجابة الجهاز التنفيذي وتوجيهاتهم وعدم تمكينهم من الأدوات التي تعينهم على القيام بدورهم.
وبدلا من أن تدق هذه الاستقالة وأسبابها المعلنة ناقوس الخطر، وتسعى الوزيرة المسؤولة عن بحث ما ورد فيها والتثبت من صحتها أو عدمه، أو حتى ذراً للرماد التحقيق فيها والوقوف على الإجراءات الواجب اتخاذها لتصحيح المسار وتطبيق القانون، نجد وزيرة الأشغال ودون ان يرمش لها جفن تقبل الاستقالة وتقصي من أرادوا إصلاح منظومة العمل وتنسى ان القيادي الحقيقي يجب ان يولي جل اهتمامه لمن يحاول الإصلاح ويكشف الأخطاء لا من يطمس الحقائق ويتزلف لتحقيق المكاسب، وهو ما يؤكد عجز الوزيرة عن إدراك أبسط المسؤوليات والواجبات الإدارية المرتبطة بعملها.
وزيرة الأشغال وفي إفصاح جهير تعرب فيه عن نيتها وموقفها من هيئة الطرق، إذ صرحت بتاريخ 6 مارس 2022 بأن «الهيئة فشلت ويجب إلغاؤها» وبأنه على مدار 8 سنوات من إنشاء الهيئة تجاوز إجمالي النفقات على المشاريع 2.7 مليار دينار، فضلا عن رواتب الموظفين والتكاليف الإدارية، وهي تكاليف لم تكن تنعكس على تحسين جودة الطرق بالشكل المأمول بل استمر تدهورها.. (ثم تصل الوزيرة الى كشف حقيقة توجهها في التصريح). وتضيف: فإن استعادة دور قطاع الطرق في وزارة الاشغال وإلغاء الهيئة باتا أمرين مستحقين خصوصا أن القطاع به الوظائف ذاتها منذ انشاء الوزارة، وهذا التصريح في حد ذاته حري بمن أطلقته أن تتم إقالتها فورا.. وسبب ذلك أن الوزيرة ذاتها وقبل أسبوعين فقط من هذا التصريح وبتاريخ 22 فبراير 2022 «قالت إن البلاد دخلت مرحلة الطوارئ، وشددت على أن أزمة تطاير الحصى ليست جديدة ولا تتحمل وزرها الاشغال حاليا، فالمشكلة بدأت قبل 18 عاما...» فهي تؤكد أن المشكلة منذ 18 عاما أي قبل إصدار قانون انشاء هيئة الطرق بسنوات، وبالتأكيد فإن المسؤولية كانت منوطة بوزارة الاشغال لكن كونها وزيرة الاشغال فهي تنفي المسؤولية عن وزارتها وتحيلها وفق تصريحها في مارس إلى هيئة الطرق وتؤكد فشلها ووجوب إلغائها، فهل هذه العقلية تستحق البقاء في الوزارة؟ من تتنصل من المسؤولية وتتهرب من إيجاد حلول للمشاكل رغم وضوحها وإلقاء التبعات على جهة أخرى (هيئة الطرق) بدون حق فقط تهربا من المسؤولية وتدليسا في ذكر الحقائق لإقناع المسؤولين بصحة أقوالها رغم وضوح بطلانها، وهو ما أدى إلى صدور موافقة مجلس الوزراء في مايو 2023 على إلغاء الهيئة العامة الطرق وإحالة الموضوع لمجلس الأمة للتصويت عليه.. هل هناك إهدار للمال أوضح من ذلك؟
ولتبيان الحقيقة وتأكيدا على التدليس الذي تعمدته الوزيرة في تصريحاتها من هيئة الطرق من صرفها لمبلغ 2.7 مليار دينار خلال السنوات، فإن الحسابات الختامية المقدمة من هيئة الطرق خلال سنوات 2016/2015 حتى 2023/2022 توضح أن ميزانية الهيئة لم تتجاوز مليوني دينار سنويا، بل إن المشروعات المتعلقة بتحسين شبكة الطرق والتي تقر الوزيرة بأنها «لم تسهم في تحسين شبكة الطرق» والمقدرة بقيمة 2.7 مليار دينار قد تم توقيعها من قبل وزارة الاشغال ووزرائها، أي أنه هدر للمال العام يستوجب المساءلة، خصوصا أن الوزيرة خرجت في لقاء مصور على تلفزيون الكويت وقالت «حتى وإن كان هذا إرثا فهو مسؤوليتي لإيجاد الحلول»، وهي تقصد بها المشاكل في وزارتها والهيئات التابعة لها.
ولا يمكن أن نسمح للوزيرة بأن تتذرع كالمعتاد بأن تلك المشروعات تم توقيعها من قبل وزراء سابقين، لانه طالما علمت بتلك المشروعات وأنها لم تحقق تحسنا في حالة الطرق ولم تحرك ساكنا ولم تتخذ إجراءات تحمي حقوق الدولة وتصون مالها العام، فإنها بذلك أصبحت شريكة ومتسببة في المسؤولية عن إهدار المال العام في مشروعات لم تحقق المطلوب منها.
ب- إهمال الشوارع وعدم اتخاذ التدابير لموسم الأمطار وعدم تمكين هيئة الطرق من أداء دورها.
تعتبر جودة الطرق والبنية التحتية العامة للطرق أمرا بالغ الأهمية لأي دولة، وتلعب دورا رئيسيا في تعزيز التنمية الاقتصادية ورفاهية المواطنين ومع ذلك، يبدو أن الوزيرة قامت عمدا بإفشال هيئة الطرق في أداء دورها الأساسي عبر العديد من السلوكيات والقرارات التي أثرت سلبا على جودة البنية التحتية للطرق وتسببت في مشكلات كبيرة.
أولا: عدم تمكين الكفاءات الفنية وتعيين المحسوبين يعني أن هناك نقصا حادا في الخبرة والكفاءة في إدارة وتنفيذ مشاريع الطرق، هذا يؤدي إلى تراجع جودة الأعمال وزيادة مخاطر الفشل في تحقيق أهداف تطوير البنية التحتية.
ثانيا: قلة عدد الموظفين واستمرار وقف نقل الموظفين ذوي الخبرة إلى الهيئة يؤثران سلبا على قدرتها على التعامل مع تحديات البنية التحتية بشكل فعال، كما أن النقص في القوى العاملة وعدم التوظيف الفعال يعرقلان تنفيذ المشاريع بشكل سليم ويزيدان من تكلفة الصيانة على المدى الطويل.
ثالثا: ضعف التخطيط لأعمال الصيانة والاصلاحات للطرق يعني أن الطرق ستظل تعاني من مشاكل متزايدة مع مرور الوقت، مما يؤدي إلى تكاليف إصلاح باهظة وخسائر اقتصادية تصيب المواطنين والشركات عدم وجود نظام صيانة وقائية يعزز من تدهور البنية التحتية بشكل أسرع.
رابعا: اختيار المقاولين بشكل عشوائي وبالمزاج يضر بجودة تنفيذ المشاريع ويزيد من تكاليفها هذا يضر بمصداقية الهيئة وتسبب في انخفاض تصنيف الكويت الدولي في مؤشرات البنية التحتية وجودة الطرق.
خامسا: استمرار قطاع شؤون هندسة الطرق في أداء أعمال باختصاصات الهيئة وعدم وضوح الفصل ما يتعذر معه المكافأة او المحاسبة والاعتداد بالمسؤولية القانونية.
وقدمت الهيئة الى الوزيرة تقريرا شاملا يسلط الضوء على عمل الهيئة واستراتيجيتها السابقة والمستقبلية، وكذلك التحديات التي تعترض سبيلها وتأثيرها على البنية التحتية للطرق وجودة الخدمات، والتحديات الرئيسية مثل قلة الكفاءات الفنية، وضعف التخطيط، والصيانة الناقصة.
بالإضافة إلى ذلك، طرحت الوزيرة عدة ممارسات تشوبها عدة ملاحظات منها إدارية وفنية ومالية، ولم تتقدم خلالها باستراتيجية جديدة واضحة لإصلاح الشوارع وطرق تحقيقها، وخطة عمل تفصيلية تتعامل فيها مع التحديات وآلية تحسين أداء الهيئة وجودة البنية التحتية للطرق.
ت- غياب الاستراتيجية وانعدام الرؤية للحفاظ على البنية التحتية وصيانتها وجودة الطرق
دليـــل على غيــــــاب الاستراتيجية وانعـــــدام الرؤية، يكفي ان نؤكد على عدم وجود خطة صيانة دورية لدى الوزارة، ما يتبين معه عدم الاهتمام في حل مشكلة الشوارع، ويعكس نقصا في الإدارة والرؤية الاستراتيجية لدى الوزيرة والقيادات الحالية، حيث يجب أن تكون الصيانة الدورية للشوارع جزءا أساسيا من استراتيجية الوزارة للحفاظ على البنية التحتية وجودة الطرق.
بالإضافة إلى ذلك، كان يجب توجيه اهتمام كبير إلى استثمار العنصر البشري وتأهيل الكوادر والكفاءات في مجال البنية التحتية والطرق، ولو أن الوزيرة ووزارتها سلكوا هذا المسلك فإنه وباليقين كان سيسهم في بناء قاعدة تعزز المهنية تستطيع من خلالها الحفاظ على تطوير البنية التحتية بكفاءة وفعالية (ولو اسمعت لو ناديت حيا.. ولكن لا حياة لمن تنادي!).
المحور الثاني
وزارة الأشغال
أ- الفشل في أداء ومتابعة أعمال الوزارة وما يسببه من أضرار للبيئة وانعكاساتها على الوطن والمواطنين
لم يعد خافيا على أحد تأثير البيئة على حياة الإنسان وانعكاسها على الصحة، وبالتالي على الأداء البشري بصفة عامة في مناحي الحياة، وما انتشار الأمراض والأوبئة الا أحد النتائج المباشرة لإهمال البيئة. لذلك نجد الحكومات تصرف الميزانيات وتنشئ الهيئات وتستقطب المؤتمرات والخبرات البيئية المختلفة بهدف خلق بيئة صالحة للحياة. لكن مع الأسف الشديد فإن وزارة الأشغال بقيادة الوزيرة تضرب مثالا صارخا للاستهتار في فشل واضح وإهمال متعمد للإضرار ببيئة الكويت من خلال الأمثلة التالية التي تمثل غيضا من فيض في مخالفات الوزيرة.
ب- محطات الصرف الصحي
1 - ما يشوب محطة أم الهيمان:
لكل من أراد التيقن من المعنى الحقيقي للفشل، عليه أن يتابع وضع محطة أم الهيمان للصرف الصحي، تلك المحطة التي رصد لها مبلغ هائل يقدر بـ 1.2 مليار دينار كويتي، (نعم الرقم صحيح) من أجل معالجة 300 ألف متر مكعب من مياه الصرف الصحي، إلى هنا الأمور تبدو جيدة، فالدولة حريصة على تطبيق المعايير البيئية خاصة في مجال معالجة مياه الصرف الصحي من أجل إعادة تدويرها واستخدامها أو حتى التخلص منها بدون أضرار، لكن الواقع يشهد بإثم فادح وجريمة بيئية مكتملة الأركان تكاد تصل إلى المؤامرة في حال الصمت عليها، إذ تظهر الأرقام العملية أنه تتم معالجة يوميه لـ 80 ألف متر مكعب فقط من أصل 300 ألف متر مكعب من مياه الصرف الصحي، وهذا يعني أن هناك 220 ألف متر مكعب من المخلفات الصحية يتم رميها في البحر مباشرة يوميا، وهذه كارثة حقيقية وليس مجرد فشل، وذلك بالنظر إلى الأضرار التي يسببها هذا الإهمال على البيئة البحرية وتلوث مياه البحر والشواطئ، حيث ينعكس سلبا على حياة المواطنين ويؤدي إلى جعلها بيئة ملوثة غير صالحة لأي نشاط إنساني.
وغني عن البيان أن أحد روافد ثروة الكويت هو ما تتمتع به من بيئة بحرية، ولعل بحر الكويت هو المتنفس الأهم لأبناء وطننا، لكن أباطرة الفساد أبوا أن يتركوه لنا لننعم به وعمدوا إلى إلقاء 220 ألف متر مكعب من المخلفات يوميا بما يهدد بقتل الكائنات البحرية والإخلال بالتوازن البيئي ناهيك عن إهدار المال العام بصورة فجة لا تقبل الشك، وكافي أن نوضح أن هذا الحجم من المخلفات (220 ألف متر مكعب) يستخدم للتخلص منه وإلقائه في البحر بما يعادل اكثر من 6000 صهريج يوميا، فإنه لا يمكن لأي صاحب ضمير حي أن يشاهد هذا الجحيم من الفساد والسفه في إهدار المال العام ويقف متفرجا مثل الوزيرة التي لم تحرك ساكنا ولم تتخذ أي اجراء لإيقاف تلك المخالفات، أو أي خطوة جادة وعملية نستنج منها أنها تسعى لمعالجة المشكلة.
إن المسؤولية تكليف، والوزير في نهاية الأمر موظف عام مؤتمن على المصلحة العامة وكل المخالفات الواضحة وتبعاتها تستلزم مواقف حازمة ورادعة في نفس الوقت أما تجاهل حقيقة أن محطات الصرف الصحي هي مسؤولية كبيرة ويجب أن تتم إدارتها وفق معايير بيئية وصحية متعارف عليها هو باليقين فساد يدفعنا للتساؤل عن كيفية إدارة أموال الدولة وإهدارها والصمت في مواجهة الفساد لا يمكن إلا أن يفسر بأنه تنفيع للفاسدين أو التستر عليهم لمآرب أخرى.
2- عدم وجود عقود صيانة لمحطة كبد:
لضمان استدامة وكفاءة عمل محطة كبد الحيوية، يعد عدم وجود عقد صيانة إهمالا غير مقبول ومقلقا بشكل كبير، وخصوصا عندما نعلم أن الشركة المسؤولة عن الصيانة قد انتهى عقدها وتسعى لتسليم المحطة بالحالة الحالية بشكل متكرر، ولكن الوزارة لم تقم بالاستلام دون مبرر، اللهم إلا عدم اكتراث بأداء المهام الأساسية المنوطة بها، وعدم إدراك لأهمية وجود عقد صيانة يحافظ على استمرار عمل المحطة ما ينذر بإيقافها لتضاف الى سلسلة هدر المال العام التي نراها.
3- عدم وجود محطة صرف صحي لمدينة المطلاع:
الكويت التي كانت تلقب بدرة الخليج، لا توجد في إحدى مناطقها الحديثة التي بنتها الدولة بعقود مليارية محطة صرف صحي!
فحتى الآن لم تتم ترسية بناء محطة الصرف الصحي في المنطقة على الرغم من بدأ تخصيص قسائم منطقة المطلاع منذ 8 سنوات بدءا من سنة 2015 حتى تاريخه، إضافة الى أن مجموعة من أهالي منطقة المطلاع سكنوا هذه المنطقة الواعدة دون خدمات، ومن المعلوم أن بناء محطة الصرف الصحي يستغرق وقتا طويلا يصل الى 5 سنوات بالتالي فإن تأخر العمل في هذا المشروع سيعني عدم وجود محطة صرف صحي تخدم اكثر من 28 ألف أسرة متوقع أن تسكن المنطقة بالإضافة الى المناطق التجارية والاستثمارية.
المحور الثالث
مطار الكويت، والتقصير والتلاعب في الطيران المدني
أ - مطار الكويت الجديد T2:
1 - تدني نسبة انجاز الحزمة الأولى «إنشاء وإنجاز وتأثيث وصيانة مبنى الركاب الجديد بالحزمة رقم (1)» مما يؤدي الى تأخير تسلم مبنى الركاب اكثر من 1104 أيام (ما لا يقل عن ثلاث سنوات).
2 - تدني نسبة الإنجاز لتنفيذ المباني الخدمية والطرق المؤدية لمبنى الركاب الجديد ومبنى مواقف السيارات بالحزمة رقم 2، الذي يؤخر تسلم المشروع أكثر من 620 يوما (ما يقارب السنتين).
3 - موافقة الوزارة على تغيير تصميم طبقات الأرض في مبنى الركاب دون الحصول على موافقة الطيران المدني (الجهة المستفيدة) وهي تعتبر من المواد البديلة المتعلقة بالنظم التشغيلية الفنية وهو تغيير في تصميم الأرضيات من نظام الأرضيات المرتفعة التي يعلوها الأسفلت المصقول الى أرضيات من طبقتين (السكريد) يتخللها انابيب الخدمات وتعلوها طبقة (التيرازو)، مما يخالف الشروط الخاصة بالمواد وهو بتغيير التصميم التعاقدي لطبقات الأرضيات دون موافقة الجهة المستفيدة وهي الطيران المدني لمثل هذا التغيير.
4 - إصدار الوزارة الموافقة باستخدام مادة بديلة للأرضيات بمادة أخرى غير مستوفية للمتطلبات الفنية وقد تم اعتماد المواد البديلة بملاحظات يجب مراعاتها حيث تم استبدال الاسفلت المصقول بمادة (التيرازو)، وأوضح المستشار انه متشكك بشأن الأسباب ويرجح الى كونها أسبابا مالية بفرق تجاوز 800 ألف د.ك، إضافة الى تعمد التأخير في هذا البند ليصبح بند حرج للمشروع مما يتبين معه عدم صحة ما قدمة المقاول من دراسة مالية في الفروقات.
5 - تأخير مشروع المطار نزولا لرغبات المقاول (شركة ليماك) فيما يخص البند الاحتياطي بنظم المعلومات والاتصالات T2 رغم اتفاق جميع الأطراف المعنية (جهاز متابعة الأداء الحكومي - الجهاز المركزي لتكنولوجيا المعلومات - الطيران المدني- الفتوى والتشريع - دكتور من جامعة الكويت - وزارة الداخلية) على التخوف من تعدد الأنظمة والأخذ بعين الاعتبار تكاليف ربطها، وتشديدها على توحيد النظام، إلا أن وزارة الاشغال لم تنفذ ذلك ودفعت للتعاقد مع شركة هواوي وما طلت لحين عرض الموضوع باجتماع بحضور سمو رئيس مجلس الوزراء وبعض الوزراء والجهات المعنية والذين اكدوا صحة قرار هذه الجهات حيث استغرقت هذه الاجراءات مدة تجاوز السنة والنصف، وحاليا يتم اتخاذ نفس المنحنى لبند نواقل الحركة الرئيسية الناقلة لكبائن عربات الأمتعة بعدم اخذ الرأي الفني للطيران المدني والمستفيد النهائي للمشروع.
ب - تضليل الحقائق في خطة عمل الحكومة المعروضة على مجلس الأمة:
برنامج عمل الحكومة 2023 يعتبر هو خطة عمل الدولة والمعلومات المذكورة بالبرنامج يجب ان تكون صحيحة 100% ولكن لو تم الرجوع الى البرنامج بما يخص مشروع المطار الجديد نجد فيها «إمكانية استيعاب وتحميل 21 طائرة من طراز Airbus A380 في آن واحد» وهذه المعلومة خطأ وهي من أساسيات تصميم المبنى وحركة الطائرات فيه ،حيث ان عدد 21 تم تعديله بكتب رسمية بين الاشغال والطيران المدني الى 4 جسور فقط.
ت - مطار الكويت الحالي (القديم) T1:
تقدمت عدة شركات طيران (الخطوط الجوية البريطانية – الكويتية - الجزيرة) بعدة مراسلات رسمية تفيد بسوء حالة مدرج المطار وملحقاته مما يؤثر سلبيا على سلامة الطيران، دون اي استجابة بخطة او جدول زمني للطيران المدني لحل هذه الوضعية، علما بوجود عقود بملايين الدنانير تصرف سنويا على الصيانة، دون حل جذري لهذه المشكلة.
وتقدمت الخطوط الجوية الكويتية بكتاب والمؤتمر الصحافي الذي عقد لرئيس مجلس ادارتها مؤخرا يبين ان حالة المدارج تسبب بتلف الاطارات وزجاج الطائرات ويؤثر سلبيا على جدول الرحلات مما يؤدي لخسائر مادية لشركة حكومية وهدر للمال العام ولم يقم الطيران المدني إلا بحل جزء صغير جدا أمام مبنى الركاب T4 لا يتعدى 10% من هذه المشكلة رغم صرف المبالغ الكبيرة على عقود الصيانة.
ث - التقصير والتلاعب الإداري ومحاربة الكفاءات في الطيران المدني:
1 - التمييز بإصدار كتاب بإحالة رئيس الفريق الفني ومجموعة من المخلصين ممن حرصوا على المصلحة العامة الى التقاعد، الانتقائية بتطبيق شروط التقاعد.
2 - تكليف أحد القياديين كمدير عام الطيران المدني رغم انتهاء مرسومه كوكيل مساعد منذ مارس 2023 بعد مضي 8 سنوات على مرسومه علما انه تم تحويله مرتين للتحقيق بناء على طلب ديوان المحاسبة لمخالفات مالية وقام الطيران المدني بحفظ التحقيق ولكن لم يقبل ديوان المحاسبة بهذا الحفظ وطلب استكمال اجراء التحقيق ولم يتم أخذ الاجراء حتى الآن، فقام ديوان المحاسبة مؤخرا بإرسال كتاب يطلب من الطيران المدني استكمال التحقيق.
3 - هناك العديد من حالات الفساد الإداري والمالي لدى قيادات الطيران المدني، ويتم التغاضي عن محاسبتهم لأغراض وأهداف لا تخفى على احد.
ج - عدم تطبيق الأحكام القضائية
ان الاحكام القضائية تصدر لتنفذ ويلتزم بها الجميع دون تمييز، فالدستور جعل المواطنين أمام القضاء سواء، الا ان الوزيرة بالمخالفة لحكم قضائي نهائي صادر من محكمة التمييز وفي إنكار متعمد، تقوم بإعادة تعيين مدير مكتب مدير عام الطيران المدني رغم صدور حكم نهائي بعزله من منصبه وهو ما سبق ان أيده قرار الوزير السابق حين التزم بتطبيق الحكم، إلا أن الوزيرة لوجود صلة قرابة بين المحكوم بعزله ومستشار الوزيرة تعيده الى عمله وتمتعه بكافة المزايا والمخصصات المالية في تحد صارخ للأحكام القضائية، وهذا وحده نراه كفيلا بطرح الثقة بالوزيرة التي خالفت الدستور والتعدي على الاحكام القضائية النهائية.
يقول المولى عز وجل (ولا تلبسوا الحق بالباطل وتكتموا الحق وأنتم تعلمون)، ويقول تعالى (ولا تكتموا الشهادة ومن يكتمها فإنه آثم قلبه والله بما تعملون عليم) صدق الله العظيم.
أختي واخواني أعضاء المجلس الموقر إن ما عرض في هذا الاستجواب والمؤيد بالحقائق الواقعية والمستندات الثبوتية، ليوضح لنا جميعا أن الوزيرة لم تكن أهلا لمنصبها ولم تعمل على البر بقسمها باحترام الدستور والقانون والذود عن حريات الشعب ومصالحه وأمواله وأداء العمل بالأمانة والصدق، فلم نر سوى إهدار للمال العام وفشل في حماية مصالح الشعب بتجاهل لتطبيق القانون وإعلاء كلمته، لذا كان لزاما علينا أن ننطق بالحق دون مصلحة، وأن نشهد بالحقيقة التي تيقنا منها، وأن نعرض الأمر على حاملي أمانة الأمة وممثليها ليقولوا كلمتهم الفصل.
إن بقاء الوزيرة واستمرارها في عملها بات خطرا محدقا بالكويت وحجر عثرة في سبيل تحقيق آمال وتطلعات شعبنا الأبي في إنجاز أي تنمية أو تطوير في أي قطاع تولته أو أي مسؤولية أنيطت بها، سائلين المولى جلت قدرته أن يوفق حاملي الأمانة ممثلي الأمة في اتخاذ قرارهم بطرح الثقة فيها، وليكون هذا القرار إنذارا مدويا وتحذيرا لكل مسؤول يتقاعس عن أداء عمله أو يخرج عن تطبيق القانون أو مخالفته.