اشتدت المعارك في المناطق التي توغلت إليها القوات الاسرائيلية داخل قطاع غزة، في وقت تزداد معاناة المدنيين العالقين بين القصف المكثف والحصار الخانق.
وفيما أعلن المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي أفيخاي أدرعي أن القوات الإسرائيلية انطلقت لشن هجوم بري آخر على حماس وبقية التنظيمات، قال مستشار الأمن القومي الإسرائيلي: نحن في بداية العملية البرية والقتال صعب.
وقال مستشار الأمن القومي الإسرائيلي تساحي هنغبي في إفادة صحافية إن إسرائيل تتخذ وضعا دفاعيا على الجبهة اللبنانية لتفادي إرهاق قواتها بينما تركز على شن الحرب على حماس في قطاع غزة.
وأضاف: «بعد يوم واحد من القضاء على حماس» ستطبق إسرائيل «الدروس المستفادة» على مقاتلي حزب الله اللبناني.
وأضاف أدرعي ان قائد المنطقة الجنوبية للقوات البرية العاملة في قطاع غزة أصدر أمرا تضمن التأكيد على تحقيق النصر على حماس مهما طال القتال وبغض النظر عن صعوبته.
وقـــال إن الـجـيــــش الإسرائيلي سيحارب في الأزقة، وفي الأنفاق، وأينما لزم الأمر حتى يتم القضاء على حماس.
واستـخـــدم الـجـــيـــش الاسرائيلي الدبابات والآليات المدرعة والجرافات وسط ركام الأبنية المدمرة في محاولة لفصل شمال القطاع عن جنوبه.
وقال الجيش الإسرائيلي إنه واصل «توسيع أنشطته» على الأرض في شمال غزة، مستهدفا مواقع ومقار عسكرية لحركة حماس. وأكد المتحدث باسم الجيش دانيال هاغاري أن قتالا ضاريا دار في غزة وأن «الموقف يتطلب الصمود والصبر»، وفق تعبيره. وأعلن انه تم إبلاغ عائلات 315 جنديا وضابطا قتيلا وارتفع عدد الاسرى لدى حماس الى 240 إسرائيليا منذ عملية «طوفان الأقصى» في 7 أكتوبر الماضي.
ونقل موقع «أكسيوس» عن مصادر إسرائيلية أنه تم الدفع بفرقتي مشاة ومدرعات و20 ألف جندي داخل غزة منذ الجمعة.
من جهتها، توعدت حماس بمفاجآت على غرار «طوفان الأقصى». وقالت كتائب «القسام» الجناح العسكري للحركة انها خاضت معارك عنيفة في محوري جنوب مدينة غزة ومنطقة التوام والكرامة شمال غرب غزة، وانها دكت الآليات الإسرائيلية المتوغلة في محوري شمال غرب وجنوب غزة بعشرات من قذائف الهاون.
وأضافت: أجهزنا على قوة صهيونية بعد دخولها مبنى في بيت حانون منان القوة الراجلة وأعلنت تدمير عدد من الآليات الإسرائيلية المتوغلة في محاور شمال وجنوب مدينة غزة.
وأعلن المتحدث باسم الداخلية في غزة إياد البزم أن آليات الاحتلال الإسرائيلي تواجدت في شارع صلاح الدين وحاولت الوصول إلى شارع الرشيد، مشيرا الى محاولتها فصل شمال قطاع غزة عن جنوبه، وانها تواجدت في منطقة الكرامة، وأبادت مناطق سكنية كاملة في شمال غرب قطاع غزة.
بدوره، قال الناطق باسم حركة حماس حازم قاسم لقناة الجزيرة: «من فاجأ العدو في الضربة الأولى في طوفان الأقصى لديه مفاجآت عدة وهناك استعداد كامل لكتائب القسام».
وأكد أن القوات الإسرائيلية أدخلت دباباتها في أماكن خالية لا يوجد فيها أي شيء، وأنها تتقدم في بعض المحاور والمناطق الزراعية الضعيفة أصلا والمقصوفة مسبقا، معتبرا أن «الاحتلال بدأ يتحرك بريا في عدد من المحاور، وعمليا بدأ عملية برية لا يريد أن يعلنها لاعتبارات خاصة لديه».
بموازاة المواجهات البرية، واصلت اسرائيل غاراتها وقصفها لباقي المناطق الفلسطينية وأوقعت العشرات بين قتيل وجريح في حي الزيتون وخان يونس ورفح جنوب القطاع. وردا على ذلك، أعلنت الفصائل قصف مستوطنات غلاف غزة برشقات صاروخية وصل بعضها إلى وسط اسرائيل وتل ابيب، حيث لم يتوقف دوي صافرات الإنذار.
إلى ذلك، اتهمت وزارة الداخلية في غزة إسرائيل بارتكاب مجزرة في مخيم جباليا. وقالت ان الاحتلال دمر حيا سكنيا وسط مخيم جباليا بشكل كامل، وأن مربعا سكنيا تعرض لقصف بـ 6 قنابل تزن كل واحدة طنا من المتفجرات، وقدرت العدد الأولي لضحايا مجزرة جباليا بـ «400 بين شهيد وجريح»، معظمهم نساء وأطفال. أما المتحدث باسم وزارة الصحة في القطاع فقد شبه المجزرة بمجزرة المستشفى المعمداني، وقال أشرف القدرة لـ «قناة الجزيرة» إن عدد الضحايا في مجزرة جباليا قد يكون الأكبر، وقد يناهز عدد ضحايا مذبحة المستشفى المعمداني، مرجعا العدد الكبير من الضحايا إلى اكتظاظ المنطقة بالسكان.
وأشار إلى ان الحروق الناتجة عن الأسلحة المستخدمة غالبا ما تتسبب في إزهاق أرواح أكثر، خصوصا ان الطواقم الطبية لا تتوافر لديها مستلزمات العلاج، لأن الاحتلال يمنع إدخالها.
وقال: لم يعد يتوافر لدينا سرير واحد لعلاج الجرحى نتيجة انهيار المستشفيات.
وقبل احتساب ضحايا جباليا، أعلنت وزارة الصحة التابعة لحماس أمس ارتفاع حصيلة القتلى في القصف الإسرائيلي في قطاع غزة الى 8525، معظمهم مدنيون وبينهم 3542 طفلا. بينما وصف منسق الشؤون الإنسانية في الأمم المتحدة مارتن غريفيث ما يمر به سكان القطاع منذ بدء الحرب بأنه «أكثر من كارثي».
وقال غريفيث في منشور له على منصة «إكس» إنه تحدث هاتفيا هذا الصباح مع عائلات في قطاع غزة، مضيفا: «ما يعانونه أكثر من كارثي». وأضاف: «عندما تقول لك فتاة في الثامنة إنها لا تريد أن تموت، من الصعب جدا ألا تشعر بالعجز».
من جهتها، قالت منظمة الصحة العالمية إن غزة تواجه «كارثة وشيكة في الصحة العامة» وسط الاكتظاظ والنزوح الجماعي والأضرار التي لحقت بالبنية التحتية للمياه والصرف الصحي.
وحذر المتحدث باسم المنظمة كريستيان ليندماير من خطر وفاة المدنيين كنتيجة غير مباشرة للقصف الإسرائيلي.
وقال ليندماير للصحافيين: «كارثة وشيكة في الصحة العامة تلوح في الأفق مع النزوح الجماعي والاكتظاظ والأضرار التي لحقت بالبنية التحتية للمياه والصرف الصحي».
وردا على سؤال عما إذا كان الناس يلقون حتفهم بسبب مضاعفات أخرى غير تلك الناجمة عن القصف، قال ليندماير «يموتون بالفعل».