قال مصدران مقربان من قيادة حركة حماس ان الحركة استعدت لحرب طويلة وممتدة في قطاع غزة وتعتقد أنها قادرة على عرقلة التقدم الإسرائيلي لفترة كافية لإجبار عدوها على الموافقة على وقف إطلاق النار.
وقال المصدران اللذان رفضا الكشف عن هويتيها بسبب حساسية الوضع إن حماس، التي تدير قطاع غزة، عكفت على تخزين الأسلحة والصواريخ والمواد الغذائية والإمدادات الطبية. وقالا لـ «رويترز» إن الحركة واثقة من أن الآلاف من مقاتليها يمكنهم البقاء على قيد الحياة لعدة أشهر في مدينة من الأنفاق محفورة في عمق القطاع الفلسطيني والقدرة على تعجيز القوات الإسرائيلية بتكتيكات حرب العصابات في المناطق الحضرية.
وقال المصدران إنه في نهاية المطاف، تعتقد حماس أن الضغط الدولي على إسرائيل لإنهاء الحصار، مع تزايد الخسائر في صفوف المدنيين، يمكن أن يفرض وقف إطلاق نار والتوصل إلى تسوية في التفاوض من شأنها خروج الجماعة المسلحة بتنازل ملموس مثل إطلاق سراح آلاف السجناء الفلسطينيين مقابل الإفراج عن الرهائن الإسرائيليين.
وأشار 4 مسؤولين من حماس ومسؤول إقليمي ومصدر مطلع على نهج التفكير في البيت الأبيض إلى أن الحركة أوضحت للولايات المتحدة وإسرائيل خلال مفاوضات غير مباشرة بشأن الرهائن توسطت فيها قطر أنها تريد فرض مثل هذا الإفراج عن السجناء مقابل إطلاق سراح الرهائن.
وعلى المدى الأطول، قالت حماس إنها تريد إنهاء الحصار الإسرائيلي المستمر منذ 17 عاما على غزة، فضلا عن وقف التوسع الاستيطاني الإسرائيلي في الضفة والاعتداءات الإسرائيلية على المسجد الأقصى.
ودعا خبراء من الأمم المتحدة إلى وقف إطلاق النار لأسباب إنسانية في غزة، قائلين إن الفلسطينيين هناك يواجهون «خطر إبادة جماعية جسيما». ويرى الكثير من الخبراء أن هناك أزمة آخذة في التصاعد، مع عدم وجود نهاية واضحة في الأفق لأي من الجانبين.
وقال مروان المعشر الذي سبق أن شغل منصبي وزير الخارجية ونائب رئيس الوزراء في الأردن ويعمل حاليا في مؤسسة كارنيغي للسلام الدولي «مهمة تدمير حماس لن تكون سهلة المنال».
وأضاف: «لن يكون هناك حل عسكري لهذا الصراع. نمر بأوقات صعبة. وهذه الحرب لن تكون قصيرة».
ويقول مسؤولون إسرائيليون إنهم ليسوا لديهم أي تصور لما قد ينتظرهم، ويتهمون المسلحين بالاختباء خلف المدنيين.
وقال داني دانون السفير الإسرائيلي السابق لدى الأمم المتحدة والعضو السابق في لجنة الشؤون الخارجية والدفاع بالكنيست إن البلاد استعدت «لحرب طويلة ومؤلمة».
وذكر لـ «رويترز»: «نعلم أننا سننتصر في النهاية وأننا سنهزم حماس.. السؤال سيكون ما هو الثمن.. علينا أن نكون حذرين للغاية وندرك أن المناورة في منطقة حضرية أمر معقد للغاية».
بدوره، اعتبر أديب زيادة، وهو فلسطيني خبير في الشؤون الدولية بجامعة قطر وشارك في دراسات بشأن حماس، أن الحركة لا بد أن تكون لديها خطة أطول في الأمد لمتابعة هجومها على إسرائيل.
وقال لـ «رويترز»: «أولئك الذين نفذوا هجوم السابع من أكتوبر بهذا المستوى من الكفاءة، هذا المستوى من الخبرة والدقة والقوة، لا بد أنهم مستعدون لمعركة طويلة الأمد. لا يمكن لحماس أن تدخل في مثل هذا الهجوم دون أن تكون مستعدة بشكل كامل ومعبأة لمواجهة النتيجة».
وقال المصدر المطلع على نهج التفكير في البيت الأبيض، والذي طلب عدم الكشف عن هويته للتحدث بحرية، إن واشنطن تتوقع أن تحاول حماس استدراج القوات الإسرائيلية إلى معركة في شوارع غزة وتكبيدها خسائر عسكرية فادحة بما يكفي لإضعاف التأييد الشعبي الإسرائيلي لصراع طويل الأمد.
ومع ذلك، أكد المسؤولون الإسرائيليون لنظرائهم الأميركيين أنهم مستعدون لمواجهة تكتيكات حرب العصابات لدى حماس وكذلك تحمل الانتقادات الدولية للهجمات الإسرائيلية، بحسب المصدر، الذي قال إن السؤال ما إذا كانت إسرائيل قادرة على القضاء على حماس أو مجرد إضعاف قوتها بشدة يظل قائما.
وتقول مصادر في حماس إن عدد مقاتليها يبلغ نحو 40 ألفا. ويمكنهم التحرك في أنحاء القطاع باستخدام شبكة واسعة من الأنفاق المحصنة، التي يبلغ طولها مئات الكيلومترات ويصل عمقها إلى 80 مترا تم بناؤها على مدار سنوات كثيرة.
وشوهد مسلحون في غزة وهم يخرجون من الأنفاق لإطلاق النار على دبابات، ثم يختفون مرة أخرى في شبكة الأنفاق، وفقا لسكان ومقاطع فيديو.
وقال علي بركة رئيس دائرة العلاقات الوطنية لحماس والمقيم في بيروت إن الحركة طورت وعززت قدراتها العسكرية على مر السنين. وأضاف: «السلاح عندنا هو أمن قومي ليس أي أحد يعرف ماذا يوجد لدينا، نحن لازم في كل حرب نفاجئهم بشيء جديد. نحن نشتغل على أن يكون الصاروخ دقيقا وفتاكا، ونحن نطور في الصواريخ التي لدينا».
وذكر أنه في حرب غزة عام 2008، كان الحد الأقصى لمدى صواريخ حماس هو 40 كيلومترا، لكن ذلك ارتفع إلى 230 كيلومترا بحلول صراع عام 2021.
وقال المعشر إن هجوم حماس بدد أي إمكانية لتحقيق الاستقرار في الشرق الأوسط دون التعامل مع الفلسطينيين.
وأضاف: «من الواضح اليوم أنه من دون السلام مع الفلسطينيين لن يكون هناك سلام في المنطقة».