بعد ليلة عصيبة على القطاع الصحي والمستشفيات في قطاع غزة أخرج أكبر مستشفياته عن الخدمة، أوضح جيش الاحتلال أن هدفه هو «اخلاء كل مستشفيات مدينة غزة من أجل التعامل مع حركة حماس» على حد قوله. وأعلن الجيش أن ما لا يقل عن 150 ألف شخص غادروا شمال غزة خلال الأيام الماضية. جاء ذلك، غداة اعلان وزارة الصحة في غزة توقف مجمع الشفاء الطبي عن العمل وخروجه تماما عن الخدمة بعد ان حاصرته الدبابات الاسرائيلية من جميع الجهات على وقع الغارات المكثفة وبسبب نفاد الوقود.
وقال المتحدث باسم الوزارة أشرف القدرة في بيان «توقف العمل بالكامل في مجمع الشفاء الطبي الأكبر في قطاع غزة جراء استهدافه بغارات إسرائيل ونفاد الوقود اللازم لتشغيل المولدات الكهربائية». وأضاف القدرة أن «خروج المجمع الذي يضم عدة مستشفيات عن الخدمة يشكل كارثة حقيقية لاسيما توقف أقسام العناية المركزة والأطفال وأجهزة الأكسجين عن العمل».
وحذر القدرة من «بدء موت الأطفال الخدج والمرضى داخل المستشفى»، مشيرا إلى وفاة طفل على الأقل في قسم الحضانة بسبب البرد جراء انقطاع الكهرباء وأربعة أشخاص آخرين في قسم العناية المركزة بسبب انقطاع الكهرباء.
بدوره، قال مدير مجمع الشفاء الطبي محمد أبو سلمية لقناة «الجزيرة» انه تم قصف الخط الرئيسي للأكسجين، والاحتلال حكم على جميع الموجودين في المجمع بالقتل مع سبق الإصرار، مؤكدا ان الطائرات المسيرة الإسرائيلية تقصف كل من يتحرك في ساحة المستشفى.
وأضاف، لا نستطيع فعل أي شيء للجرحى بسبب انقطاع الكهرباء والأكسجين. وأكد القدرة ان مجمع الشفاء بات ساحة مفتوحة للقصف الإسرائيلي من كل جانب.
وحسب وزارة الصحة التابعة لـ «حماس»، قتل أكثر من 11078 شخصا بينهم أكثر من 4506 أطفال في القصف الإسرائيلي على غزة.وقالت وزيرة الصحة الفلسطينية مي الكيلة «إن استهداف المستشفيات والطواقم الطبية والإسعافية في قطاع غزة، في ظل العدوان الإسرائيلي المتواصل «جريمة حرب»، وإبادة جماعية.
وأوضحت الكيلة في مؤتمر صحافي، امس، أن الوضع في مستشفيات قطاع غزة وصل إلى وضع غير مسبوق بتاريخ البشرية، باستهداف المستشفيات، والطواقم الطبية، ومركبات الإسعاف.
وأضافت أن القانون الدولي، والقانون الدولي الإنساني، والمعاهدات الدولية أصبحت حبرا على ورق بعد هذه المجازر التي ترتكب في قطاع غزة، كونها لا تستطيع أن تحمي المستشفى من القصف، ولا تستطيع أن توقف آلة التدمير، والقتل الإسرائيلية بحق المستشفيات والأطباء، والمرضى والجرحى والمدنيين النازحين. وأكدت الكيلة ان 39 طفلا «مهددون بالموت في أي لحظة».
وأطبقت الدبابات والآليات الإسرائيلية على مجمع الشفاء من كل المحاور بالتزامن مع قصف مدفعي كثيف في المنطقة. وأوضحت مصادر أن سيارات الإسعاف باتت عاجزة عن التحرك لمغادرة مجمع الشفاء ونقل الجرحى إليه وسط مخاوف على مصير الأطقم الطبية والجرحى والنازحين فيه.
يأتي ذلك فيما سمع دوي اشتباكات مسلحة عنيفة بين قوات الجيش الإسرائيلي المتوغلة داخل مدينة غزة اكبر مدن القطاع، ومقاتلي كتائب القسام الجناح العسكري لحركة المقاومة الإسلامية (حماس) في عدة محاور.
وذكرت منظمة «أطباء بلا حدود» غير الحكومية صباح امس على منصة إكس أنه «اشتدت الهجمات على مستشفى الشفاء»، مشيرة إلى وضع «كارثي» داخل المؤسسة.
وتابع «تلقينا بلاغات بارتقاء عشرات الشهداء ومئات المصابين في غارات جوية وقصف مدفعي ولا تستطيع طواقم الاسعاف الوصول اليهم بسبب استمرار اطلاق النار والقذائف»، مضيفا «نناشد المجتمع الدولي الضغط على الحكومة الاسرائيلية بوقف استهداف المستشفيات وسيارات الاسعاف».
ومجمع الشفاء هو أكبر مؤسسة صحية في قطاع غزة، ويعود تأسيسه إلى العام 1946 أي قبل اعلان قيام اسرائيل عام النكبة، ويضم 3 مستشفيات متخصصة ويعمل فيه 25% من العاملين في المستشفيات على مستوى القطاع.
من جهته، قال المدير العام للمستشفيات في غزة إن منظمة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين «الأونروا» ومنظمة الصحة العالمية اعتذروا عن تقديم أي شيء في غزة وفي منطقة الشمال.
وفي تصريح لـ «الجزيرة عاجل»، قال المدير العام للمستشفيات في غزة، نجري محادثات مع الصليب الأحمر لإدخال بعض الوقود للمستشفيات لكنهم أبلغونا برفض قوات الاحتلال».
في الاثناء، أعلن الجيش الإسرائيلي امس عن تعليق تكتيكي لأربع ساعات للنشاطات العسكرية في مخيم جباليا للاجئين الفلسطينيين شمال قطاع غزة لأغراض إنسانية.
وقال الناطق باسم الجيش أفيخاي أدرعي في بيان على حسابه في موقع «إكس» في رسالة إلى سكان مخيم جباليا إن الجيش قام «بتعليق تكتيكي للنشاطات العسكرية لأغراض إنسانية ومن أجل إفساح المجال أمامكم للالتحاق بمئات الآلاف ممن انتقلوا جنوبا عبر محور صلاح الدين».
ودعا أدرعي سكان مخيم جباليا إلى «الحفاظ على أمنهم وانتهاز الفترة الزمنية المتاحة للانتقال جنوبا، ذلك لأن منطقة شمال القطاع هي منطقة قتال واسع النطاق». ووجه أدرعي سكان غزة، خاصة سكان شمال القطاع والشاطئ وجباليا، إلى أن يسلكوا الممر الآمن عبر محور صلاح الدين باتجاه المنطقة الواقعة إلى الجنوب من وادي غزة.