يقول الله تعالى: (والذي خلق الأزواج كلها وجعل لكم من الفلك والأنعام ما تركبون)
يبين الله عزّ وجلّ أنه مالك الملك وخالق كل شيء، خلق الأصناف كلها من حيوان ونبات وجعل لكم من السفن ما تركبون في البحر ومن البهائم كالإبل والخيل والبغال والحمير وما تركبون في البر.
تذكر نعم الله أيها الإنسان
(لتستووا على ظهوره... الآية) لكي تستووا على ظهور ما تركبون ثم تذكروا نعمة ربكم إذا ركبتم عليه، فمن أعظم الفتوحات على الإنسان من رأى نعمة فحمد الله عليها، وهذا دليل على حياة القلوب. وهذه الأنعام والفلك التي سخرها الله وهذه الطائرات والسيارات كلها بتسخير الله ونعمته عليك، فكلما ركبت تذكرت نعمة الله، فشكر الله في القلب أعظم وقيمته من الأجر مضاعفة.
ويعلمنا الله عند الركوب أن نقول «سبحان الذي سخر لنا هذا وما كنا له مقرنين (أي مطيقين) اعترافا بعجز الإنسان وقدرة الله فهو الذي أعطى وهو الذي سخّر.
الملائكة من عباد الله
(وجعلوا له من عباده جزءاً إن الإنسان لكفور مبين)
هؤلاء المشركون لله جعلوا من خلقه نصيبا بقولهم الملائكة بنات الله. يعجب الله عزّ وجلّ من قولهم، جعلوا لله أولادا واختاروا الإناث ثم جعلوا الملائكة إناثا. يسرد الله وقاحتهم ويعجب (أشهدوا خلقهم) ستكتب شهادتهم ويسألون عنها في الآخرة.
حجة باطلة
(وقالوا لو شاء الرحمن ما عبدناهم ما لهم بذلك من علم إن هم إلا يخرصون)
وقال هؤلاء المشركون من قريش لو شاء الرحمن ما عبدنا أحدا من دونه، وهذه حجة باطلة، فقد أقام الله عزّ وجلّ الحجة على العباد بإرسال الرسل وإنزال الكتب فاحتجاجهم بالقضاء والقدر من الباطل من بعد إنذار الرسل لهم وهم ما يقولون ذلك من علم وإنما يقولونه تخرصا وكذبا لأنه لا خبر عندهم من الله بتلك ولا دليل. أفلسوا من الحجة وبطرفيها، فالحجة عقلا ونقلا. بل قالوا: إنا وجدنا آباءنا على طريقة ومذهب ودين وإنا على آثار آبائنا فيما كانوا عليه متبعون لهم ومقتدون.
عدم اتباع الباطل
(وكذلك ما أرسلنا من قبلك في قرية من نذير... الآية)
وكذلك ما أرسلنا قبلك - يا محمد - في قرية من نذير ينذرهم عقابنا على كفرهم بنا فأنذروهم وحذروهم سخطنا وعقوبتنا إلا قال الذين أبطرتهم النعمة من الرؤساء والكبراء: إنا وجدنا آباءنا على ملة ودين، وإنا على طريقتهم مقتدون.
(فانتقمنا منهم) الفاء تفيد التعقيب، انتقم الله من هذه الأمم الكاذبة وحلت عليهم العقوبة إما غرقا أو خسفا وغير ذلك، فانظر - يا محمد - كيف كانت عاقبة من كذب بآيات الله ورسله؟ وليحذر قومك ان يستمروا على تكذيبهم فيصيبهم مثل ما أصابهم.
كلمة التوحيد
(وإذ قال إبراهيم لأبيه وقومه إنني براء مما تعبدون)
واذكر يا محمد إذ قال إبراهيم لأبيه وقومه الذين كانوا يعبدون ما يعبده قومك يا محمد: إنني براء مما تعبدون من دون الله، فيخبرنا الله عزّ وجلّ نهاية الدعوة بين إبراهيم وقومه، وهو مفهوم أساس (الولاء والبراء) المؤمن ولي المؤمن وليس ولي الكافر وقد تبرأ إبراهيم من قومه ومن أبيه.
الحق يبقى
(إلا الذي فطرني فإنه سيهدين)
إلا الذي خلقني فإنه سيوفقني لاتباع سبيل الرشاد. ثقة إبراهيم في الله العظيمة ويقين عظيم (وجعلها كلمة باقية في عقبه لعلهم يرجعون) وجعل إبراهيم عليه السلام كلمة التوحيد (لا إله إلا الله) باقية فيمن بعده لعلهم يرجعون إلى توحيد الله وطاعته ويتوبون من كفرهم وذنبوهم.