بيروت - زينة طبارة
رأى الباحث السياسي د.حارث سليمان، أن النزاع القائم بين القوى السياسية حول التمديد لقائد الجيش العماد جوزاف عون من عدمه، مرده الى عدم التزام بعض القادة المسيحيين وتحديدا الموارنة منهم، وفي طليعتهم رئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل، بالمصلحة العامة للشعب والدولة، معتبرا أن رجل السياسية، لاسيما من ينسب له أو ينسب لنفسه صفة الزعيم، يجب أن يحمل بيده سيفا ذا حدين، الحد الأول لحماية مصلحة الدولة والجماعة، فيما الحد الثاني لحماية مصلحته كطرف سياسي إنما ضمن القوانين وتحت سقف الدستور، الا أن ما نشهده اليوم في الساحة المسيحية المارونية، هو غياب الحدين عن سيف النائب جبران باسيل، بحيث ملأ الدنيا صراخا وضجيجا بحقوق المسيحيين، لدرجة انه عارض حتى في ملف تعيين نواطير احراش من الفئة الخامسة، وانتهى بتنمية عداوة كبيرة مع الذين خاض معارك شرسة الى جانب عمه الرئيس السابق ميشال عون لتعيينهم في مراكز القرار، وأبرزهم قائد الجيش، وحاكم مصرف لبنان السابق رياض سلامة، ورئيس دائرة المناقصات جان العلية، ورئيس مجلس القضاء الأعلى سهيل عبود، وذلك لا لسبب، سوى لكون هؤلاء موارنة اصحاب حق شرعي وطبيعي في منافسته الى موقع رئاسة الجمهورية.
وعليه لفت سليمان في تصريح لـ «الأنباء» الى ان هذه العقلية الفئوية لدى النائب باسيل، والتي تنسحب على عدد كبير من السياسيين اللبنانيين من كل الطوائف والمذاهب، لا تصنع سوى الدمار في مؤسسات الدولة، ولا تستحضر سوى الخراب والانشقاقات والتفكك بين الجماعة الواحدة، مشيرا على سبيل المثال الى ان حزب الله الذي لديه مهارة في كيفية الوصول الى أهدافه، ومعايير صارمة في كيفية صياغة تحالفاته، وملتزم بمقررات جماعته الإقليمية، يتلاعب بهؤلاء الصغار كل بحسب اطماعه السياسية ومطالبه الشخصية، ويحركهم كالدمى على خشبة مسرحه اللبناني، ويجيرهم بالتالي لصالح اجندته الإيرانية، بحيث تمكن بعد 7 مايو 2008، ونتيجة زحف هؤلاء وانبطاحهم امامه، من الإمساك بالقرارات التنفيذية والتشريعية والعسكرية، وبالتالي من تنفيذ غاياته وتحقيق تطلعاته، والاهم من رسم خط انشقاق بين المذهب الواحد اكان على المستوى المسيحي ام السني ام الدرزي.
وعودا على بدء، لفت سليمان الى ان التمديد لقائد الجيش جوزاف عون امر مفروغ منه، سيما وانه يخضع لمعايير استمرارية مؤسسات الدولة وكل ما يتعلق بكيانها كوطن، فالدولة تواجه مخاطر وجودية ومن غير الجائز في ظلها، تعريض الجيش للتفكك نتيجة وجود رغبة باسيلية جامحة باستبعاد قائده عن السباق الرئاسي، سيما وانه ليس هناك أي نص لا دستوري ولا ضمن قانون الدفاع الوطني، يلحظ تعيين الضابط الأقدم في الخدمة قائدا للجيش، معتبرا بالتالي ان المشكلة الوحيدة في الدستور، انه لم يلحظ كيفية معالجة مشكلة جبران باسيل، وذلك لكون المشرع افترض في تشريعه وجود حسن نية لتطبيقه، أي بالتسليم الطوعي والدائم بالنص الدستوري كما هو، وليس سوء النوايا للقفز فوقه وتجاوزه عملا بمصالح هذا السياسي وأطماع ذاك المتسلق.
وردا على سؤال حول مصير الاستحقاق الرئاسي في ظل الازمات الداخلية والإقليمية، اكد سليمان ان ما نشهده من أزمات واخطرها قيادة الجيش، لا تتجاوز كونها تداعيات الشغور في رئاسة الجمهورية، وبالتالي لابد من انتخاب رئيس للخروج من دائرة الفوضى، الا ان الدور الفرنسي في لبنان لإيجاد المخارج والحلول، أصيب بمرض بطاقات الهاتف الخليوي المدفوعة سلفا، بحيث كلما تحرك على خط الازمات اللبنانية، كلما خسر من رصيده التاريخي في «أمومته للبنان».