واصل الجيش الاسرائيلي هجومه المكثف على مدينة خان يونس في جنوب غزة غداة إعلان تطويقها بعد أكبر خسارة بشرية يومية يتكبدها منذ بدء عملياته البرية في القطاع أواخر أكتوبر الماضي.
وقد نفى مصدر فلسطيني، التوصل لأي اتفاق بين حركة «حماس» وإسرائيل بشن صفقة لوقف إطلاق النار وتبادل الأسرى، مؤكدا أن المباحثات مازالت متواصلة.
وقال المصدر المطلع على مجريات المفاوضات في تصريحات لوكالة «الاناضول» مفضلا عدم الكشف عن هويته: «لم يتم التوصل لأي اتفاق مبدئي أو نهائي بشأن تبادل الأسرى أو وقف إطلاق النار في غزة».
وأضاف: «المفاوضات مازالت متواصلة وحماس تريد صفقة شاملة يتم بموجبها وقف الحرب بشكل كامل وانسحاب الآليات العسكرية الإسرائيلية من القطاع».
وفي وقت سابق، أشارت تقارير إعلامية إلى أن «حركة حماس وإسرائيل وافقتا بنسبة كبيرة من حيث المبدأ على إمكانية إجراء تبادل للأسرى الإسرائيليين بأسرى فلسطينيين، خلال هدنة تستمر شهرا».
حماس تدرس
وأوضح المصدر الفلسطيني أن «حماس تدرس المقترحات التي تلقتها بالفترة الأخيرة ولم تقدم ردا نهائيا عليها بعد».
وتابع: «المفاوضات مازالت تحتاج إلى وقت إضافي حتى تتوصل إلى نتيجة يمكن أن يبنى عليها».
ويجري وفد من حركة حماس «مباحثات في القاهرة مع قادة أجهزة الاستخبارات المصرية في مقترح جديد لوقف إطلاق النار»، وفق ما صرح لوكالة فرانس برس مصدر فلسطيني قريب من المحادثات.
وكان البيت الأبيض، قد أعلن أن مستشار الرئيس جو بايدن لشؤون الشرق الأوسط بريت ماكغورك موجود في القاهرة لمناقشة وقف الأعمال العدائية في غزة بهدف إطلاق سراح الرهائن في غزة.
وأوضح الناطق باسم مجلس الأمن القومي الأميركي جون كيربي أن «إحدى المسائل التي يناقشها ماكغورك هي إمكان التوصل إلى اتفاق جديد لإطلاق سراح الرهائن، ما يتطلب هدنة إنسانية لمدة معينة».
في غضون ذلك، أعاد وزير التراث الإسرائيلي عميخاي إلياهو موقفه الداعي إلى إسقاط سلاح نووي على قطاع غزة.
وقالت صحيفة «هآرتس» امس انه «خلال زيارة إلى مدينة الخليل جنوب الضفة الغربية المحتلة، أعاد وزير شؤون القدس والتراث الإسرائيلي أميخاي إلياهو تأكيد دعوته لإسقاط سلاح نووي على غزة».
وأضافت «هآرتس» أن إلياهو «أشار إلى أن محكمة العدل الدولية التي تنظر في دعاوى الإبادة الجماعية ضد إسرائيل تعرف مواقفي».
وكانت جنوب أفريقيا ضمنت تصريحا سابقا لإلياهو بشأن إسقاط سلاح نووي على غزة باعتباره دعوة لارتكاب «جرائم إبادة جماعية» في غزة.
وكان إلياهو أدلى للمرة الأولى بتصريح بشأن قصف غزة بقنبلة نووية مطلع نوفمبر الماضي وأثار ردود فعل رافضة على المستوى الدولي.
ارتفاع عدد الضحايا
وبالعودة للتطورات الميدانية، شنّ الاحتلال غارات جوية وقصفا مدفعيا عنيفا على خان يونس ورفح والمناطق الغربية لمدينة غزة وجباليا شمال القطاع، موقعا اكثر من مئتي قتيل وجريح.
واستهدفت قذائف المدفعية عددا من مدارس الإيواء المحيطة بمجمع ناصر الطبي والتي تضم نازحين مما أدى لسقوط قتلى.
من جهته، قال الهلال الأحمر الفلسطيني إن ثلاثة نازحين على الاقل قتلوا وأصيب ثلاثة آخرون عندما استهدفت القوات الإسرائيلية مقره في رفح.
وأفادت وزارة الصحة التابعة لـ«حماس» بأن ما لا يقل عن «210 قتلى وصلوا إلى المستشفيات وغالبيتهم من الاطفال والنساء وكبار السن جراء مجازر الاحتلال البشعة والمروعة والقصف الهمجي على خان يونس ومناطق متفرقة في قطاع غزة».
وأعلنت الوزارة ارتفاع حصيلة القتلى في العمليات العسكرية الإسرائيلية في غزة إلى 25700 غالبيتهم من النساء والأطفال، منذ بدء الحرب.
وأشارت إلى إصابة 63740 شخصا بجروح منذ بداية الحرب.
وفي سياق متصل، قال المتحدث باسم وزارة الصحة في غزة د. أشرف القدرة إن قوات الاحتلال تعزل مستشفيات خان يونس جنوب القطاع، وترتكب المجازر وجرائم إبادة جماعية غرب المحافظة.
وفي المقابل، قال الجيش الإسرائيلي إن عدد الضباط والجنود المصابين منذ بداية الهجوم البري على غزة وصل إلى 1250 مصابا.
وأضاف أن 406 ضباط وجنود مازالوا يخضعون للعلاج بعد إصابتهم بمعارك غزة، 40 منهم في حالة خطيرة.
وفي هذه الاثناء، ذكرت وسائل اعلام فلسطينية أن «الاحتلال يهجر قسرا عشرات آلاف المدنيين من خان يونس إلى رفح».
قصف المستشفيات
واتهم مكتب الإعلام الحكومي لحركة حماس إسرائيل بقصف مدارس تؤوي نازحين في محيط مستشفى ناصر في خان يونس، ما أدى إلى وقوع قتلى، مجددا القول إن إسرائيل تستهدف المستشفيات «لإخراجها عن الخدمة وتدميرها».
بدورها، حذرت الرئاسة الفلسطينية «من خطورة مطالبة سلطات الاحتلال الإسرائيلي أهالي خان يونس بمغادرة أماكن سكناهم باتجاه رفح» معتبرة هذه الدعوة «بمنزلة جريمة حرب لا يمكن السكوت عنها» وفق بيان صادر عن مكتب الرئيس محمود عباس.
كما حذرت الرئاسة الفلسطينية في بيان المجتمع الدولي «من أن نوايا سلطات الاحتلال الإسرائيلي أصبحت واضحة بتهجير أبناء الشعب الفلسطيني من أرضه ووطنه، بما ينطوي على ذلك من آثار لا تحمد عقباها» بحسب ما نقلت وكالة الانباء الفلسطينية «وفا».
وبالتزامن مع احتدام القتال بين الجيش الاسرائيلي ومقاتلي فصائل المقاومة الفلسطينية في خان يونس، حذر برنامج الأغذية العالمي من أن سكان غزة يواجهون «مجاعة وشيكة»، فيما وصف الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش رفض إسرائيل «حل الدولتين» بأنه «غير مقبول» معتبرا أن من شأن هذا الرفض إطالة أمد النزاع في القطاع.
وفي الضفة الغربية المحتلة، أعلنت «حماس» عن اعتقال إسرائيل فتى فلسطينيا أفرجت عنه في إطار صفقة تبادل الأسرى الأخيرة بين الحركة وإسرائيل التي جرت في نوفمبر الماضي.
وقالت الحركة، في بيان امس «نحمل الاحتلال الإسرائيلي المسؤولية عن تداعيات إعادة اعتقاله للفتى يوسف عبدالله الخطيب، المفرج عنه ضمن صفقة التبادل الأخيرة بوساطة قطرية - مصرية».
اعتقال أطفال
ودعت الحركة، الوسطاء في مصر وقطر «إلى ضرورة التدخل العاجل لإطلاق سراح الفتى الخطيب، والضغط على سلطات الاحتلال لوقف سياسة إعادة اعتقال أسرانا المحررين، والالتزام بما تم الاتفاق عليه».
وأكد نادي الأسير الفلسطيني في بيان أن «سلطات الاحتلال أعادت اعتقال الطفل يوسف عبدالله الخطيب 17 عاما من أريحا أمس الاول، بعد استدعائه من قبل مخابرات الاحتلال، والضغط عليه لتسليم نفسه، ليكون بذلك أول حالة يعاد اعتقالها من بين الأطفال والفتية المفرج عنهم ضمن دفعات التبادل الاخيرة».
من جهة أخرى، فجر الجيش الإسرائيلي امس منزل فلسطيني متهما بالمساعدة في تنفيذ هجوم أدى إلى مقتل أربعة إسرائيليين في يونيو الماضي، وفق ما أفاد شهود عيان ومسؤول محلي.
ويعود المنزل الواقع في قرية عوريف التابعة لمحافظة نابلس بالضفة الغربية، لعائلة الفلسطيني باسل شحادة المعتقل لدى إسرائيل والذي تتهمه بمساعدة رجلين فلسطينيين آخرين قتلا مستوطنين بالرصاص في محطة وقود بالقرب من مستوطنة عيلي شمال الضفة الغربية.
من جانبه، قال الجيش الإسرائيلي في بيان إنه «هدم شقة باسل شحادة وهو ناشط في حركة حماس الإرهابية، شارك في الهجوم على محطة وقود في 20 يونيو 2023».
وعلى الصعيد الإنساني، تتفاقم الكارثة الإنسانية وسط تواتر التحذيرات من تعرض مئات آلاف الفلسطينيين المحاصرين للمجاعة، حيث طالب برنامج الغذاء العالمي بممر آمن لإدخال المساعدات، في حين وصفت منظمة الصحة العالمية وضع المستشفيات بالكارثي، بعد أن أصبح عدد منها محاصرا، وفي مرمى النيران الإسرائيلية.