تواصلت ردود الفعل العربية والدولية الرافضة لتعليق الولايات المتحدة وحلفائها تمويل وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيـــين «أونروا»، بعد اتهامــات إسرائيل بتورط موظفين في الوكالة في هجوم حركة حماس على إسرائيل، وكان آخرهم فرنسا التي أعلنت تعليق صرف دفعة جديدة للنصف الأول من العام الحالي للوكالة.
وقالت وزارة الخارجية «لا تخطط فرنسا لصرف دفعة جديدة للنصف الأول من عام 2024 وستقرر متى يحين الوقت الإجراءات التي يجب اتخاذها بالتعاون مع الأمم المتحدة والجهات المانحة الرئيسية»، مضيفة ان الاتهامات الموجهة للموظفين «بالغة الخطورة».
وفي السياق، أكد وزير الخارجية الأردني أيمن الصفدي امس رفض بلاده فرض «عقوبات جماعية» على الوكالة بسبب اتهامات إسرائيل لموظفين فيها بالضلوع في هجوم حماس في السابع من أكتوبر.
وأفاد بيان للخارجية الأردنية بأن الوزير الصفدي شدد في اتصال هاتفي مع المفوض العام للوكالة فيليب لازاريني امس، على ضرورة استمرار المجتمع الدولي في توفير المساعدات اللازمة للوكالة لتمكينها من المضي في تقديم خدماتها في غزة التي يواجه أهلها المجاعة، وترفض إسرائيل السماح بإدخال المساعدات الإنسانية والمستدامة لهم، في خرق فاضح للقانون الدولي الإنساني وقرار محكمة العدل الدولية.
وحسب البيان، حث الصفدي ولازاريني الدول التي أعلنت تعليق دعمها لـ«أونروا» على العودة عن قرارها لضمان قدرة الوكالة على تقديم خدماتها الحيوية، التي يعتمد عليها أكثر من مليوني فلسطيني في غزة للحصول على أدنى مقومات الحياة، وتوفر ملاجئها الملاذ الوحيد لنحو مليون من نحو مليون وتسعمائة ألف فلسطيني نزحوا في غزة منذ بدء العدوان.
ونقل البيان عن لازاريني قوله: «إن الوكالة طلبت من أعلى سلطة تحقيق في الأمم المتحدة، وهي مكتب الأمم المتحدة لخدمات الرقابة الداخلية، إجراء تحقيق مستقل وشفاف حول مزاعم مشاركة 12 من موظفيها في هجوم السابع من أكتوبر الماضي، وأنهت عقود هؤلاء الموظفين».
وأضاف لازاريني أن التحقيق الذي يجريه مكتب خدمات الرقابة الداخلية سيعمل على إثبات الحقائق، وأن مراجعة مستقلة من قبل خبراء خارجيين ستساعد «أونروا» على تعزيز إطار عملها لضمان التزام جميع موظفيها الكامل بالمبادئ الإنسانية.
وأكد الصفدي ولازاريني أن أي نقص في تمويل «أونروا» التي تشكل شريان الحياة الرئيس في القطاع سينعكس فورا على قدرة الوكالة على تقديم الخدمات الإنسانية لغزة، وسيسبب المزيد من المعاناة لأهلها الذين لم يتجاوز حجم المساعدات الإنسانية التي وصلتهم منذ بدء العدوان 10% من احتياجاتهم.
وكذلك فعل الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش الذي ناشد الدول المانحة «ضمان استمرارية» عمليات (أونروا)، مشددا على ضرورة «عدم معاقبة عشرات آلاف الرجـــال والنساء الذين يعملون لحساب أونروا، الكثير منهم في بعض من أخطر الظروف للعاملين في المجال الإنساني».
وأوضح غوتيريش في بيان «فيما أفهم قلقهم، وقد روعت أنا أيضا بهذه الاتهامات، أناشد الحكومات التي علقت مساهماتها أن تضمن على الأقل استمرارية عمليات أونروا».
وأكد «يجب تلبية الحاجات الملحة للسكان اليائسين الذين يقدمون الخدمات لهم». وشدد على أن «مليوني مدني في غزة يعتمدون على مساعدة أونروا الحيوية لاستمراريتهم لكن التمويل الحالي لأونروا لن يسمح بتلبية كل الحاجات في فبراير».
من جهتها، أكــــدت فرانشيسكا ألبانيز المقررة الخاصة المعنية بحالة حقوق الإنسان في الأراضي الفلسطينية المحتلة امس، أن إعلان عدة دول تعليق مساعداتها لـ (أونروا) يعد انتهاكا لقرار محكمة العدل الدولية، كما يمكن أن يشكل انتهاكا للاتفاقية الدولية بشأن الإبادة الجماعية.
وأشارت ألبانيز إلى أن محكمة العدل الدولية طلبت «السماح بمساعدات إنسانية فاعلة» لسكان غزة. بالتالي، يعد القرار الذي اتخذته عدة دول بمنزلة «عصيان علني لقرار محكمة العدل الدولية»، وفق تعبيرها.
ولفتت ألبانيز، وهي خبيرة مستقلة معينة من قبل مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة ولكنها لا تتحدث نيابة عن الأمم المتحدة، إلى التسلسل السريع جدا للأحداث المتعلقة بأونروا.
إلى ذلك، اتسعت دائرة الخلافات بين رئيس وزراء الاحتلال الإسرائيلي بنيامين نتنياهو وعائلات المحتجزين الإسرائيليين لدى حماس، حيث أكد نتنياهو ان مظاهرات العائلات لا تفيد، بل تزيد من مطالب الحركة وتؤخر استعادتهم، في حين عبرت هيئة عائلات الأسرى الإسرائيليين عن غضبها من هذه التصريحات.
وأضاف نتنياهو في مؤتمر صحافي مساء امس الأول، أن هدفه القضاء على سلطة حماس، وأنه لا يمكن أن يسمح ببقاء قوات مسلحة في قطاع غزة، مشددا على أن الحرب لن تنتهي قبل إكمال المهمة.
وأكد أن لدى إسرائيل الحق في الدفاع عن نفسها وأنه لا أحد بإمكانه أن يمنعها من ذلك. كما انتقد نتنياهو الأصوات التي تشكك في إمكانية تحقيق النصر، حسب تعبيره.
يأتي ذلك في وقت عبرت فيه هيئة عائلات الأسرى الإسرائيليين المحتجزين في قطاع غزة عن غضبها بعد خطاب نتنياهو، وقالت إنها تتوقع من رئيس الوزراء أن يتذكر أنه مسؤول منتخب ووظيفته تصحيح الإخفاق وليس توبيخ من اختطف أفراد من أسرهم.
وأضافت الهيئة أنه إذا لم تحشد العائلات دعم العالم والشعب للإفراج عن المحتجزين فسينتهي بهم الأمر مثل رون أراد، الطيار الإسرائيلي المفقود منذ ثمانينيات القرن الماضي.
ميدانيا، تواصل القتال العنيف في قطاع غزة امس، حيث قتل وأصيب عشرات الفلسطينيين جراء قصف الطائرات والمدفعية الإسرائيلية لمناطق متفرقة في قطاع غزة.
وفي ظل العمليات العسكرية والقصــــف الإسرائيلي المتواصل على مدينة خان يونس، نزح آلاف من الفلسطينيين من غرب المدينة، عقب دعوات من الجيش الإسرائيلي للسكان للانتقال الى المناطق الجنوبية الغربية للقطاع.
ودعا المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي أفيخاي أدرعي في منشور على حسابه في منصة (إكس) سكان أحياء النصر، والأمل، ومركز المدينة، ومخيم اللاجئين في منطقة خان يونس لمغادرة أماكن سكنهم والانتقال إلى المناطق الإنسانية في المواصي عن طريق شارع البحر.
وأفاد مصدر طبي فلسطيني، لوكالة أنبــاء «شينخوا» بأن القصف الإسرائيلي على قطاع غزة أسفر عن سقوط عشرات القتلى والمصابين في مناطق مختلفة بالقطاع.
وأعلنت وزارة الصحة التابعة لحركة حماس الأحد ارتفاع حصيلة القصف الإسرائيلي والعمليات البرية في قطاع غزة إلى 26422 قتيلا غالبيتهم من النساء والأطفال.
وأكدت الوزارة مقتل 165 شخصا على الأقل في 24 ساعة بينما أصيب نحو 65087 شخصا منذ اندلاع الحرب.