بيروت - منصور شعبان
شهر فبراير في لبنان هو شهر وردة رفيق الحريري الأرجوانية التي صبغها القاتل بشهادة الدم، شهر «الألم الجارح» و«الأمل» بالحياة.
فبراير فيه عشق اللبنانيون الألم الدائم الذي لا يندمل فيه جرح في قلب شعب وأمة.
ففي طرابلس ومناطق بقاعية وكل منطقة احترمته وقدرته ووالته رفعت صور «الألم والأمل» مع اقتراب الذكرى التاسعة عشرة لاغتياله، إلى جانب صور نجله الرئيس سعد الحريري بتوقيع المحامي مجاهد شندب الذي دعا اللبنانيين وأبناء «تيار المستقبل» إلى المشاركة «بكثافة» لإحياء ذكراه، ظهر 14 فبراير 2024 في وسط بيروت، أمام ضريحه المحاذي لمسجد محمد الأمين، وسط بيروت.
وإن دلت هذه الحركة على شيء، فإنها تؤشر إلى تنامي شعبية الرئيس سعد الحريري، ولعل ما دفع إلى تناميها ازدياد حدة الأزمات وعجز الطامحين عن ملء الفراغ الذي تركه رفيق الحريري في لبنان على مختلف الصعد.
وتحل ذكرى استشهاد الحريري، والمشهد اللبناني يعاني انفجارا سياسيا واقتصاديا، تطور إلى حرب إسرائيلية يحاول المسؤولون منع توسعها تجنبا لانتشار الدمار.
وتأتي أزمتا الحرب على غزة وامتدادها إلى جنوب لبنان والاستحقاق الرئاسي، ركنان أساسيان يقضان مضاجع اللبنانيين، لذا تحاول الولايات المتحدة الأميركية وفرنسا والمملكة العربية السعودية ومصر وقطر أعضاء «المجموعة الخماسية» السعي لإنهاء أزمة الشغور الرئاسي، والحديث يدور حول مجيء الموفدين الأميركي آموس هوكشتاين والفرنسي جان ايف لودريان إلى لبنان في خطوتين فسرتا على أن فيهما إشارة الانطلاق نحو الحلول في ملفي ترسيم الحدود الجنوبية للبنان والاستحقاق.
وبعد وزير خارجية بريطانيا ديڤيد كاميرون هناك زيارة مقبلة، هي الأولى لوزير الخارجية الفرنسي الجديد ستيفان سيجورنيه إلى لبنان، ما يعني أن الخطى الديبلوماسية بدأت تتسارع نحو «شيء ما» قد يتبلور قريبا.
وفهم من محاثات كاميرون مع رئيسي مجلس النواب نبيه بري وحكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي وقائد الجيش العماد جوزاف عون، أن لندن مستعدة للمساهمة الفاعلة بتعزيز انتشار الجيش في الجنوب لتتمكن الدولة من بسط شرعيتها في منطقة عمل القوات الدولية «اليونيفيل»، وهو كان قال: «عليكم وقف النار في الجنوب اليوم قبل الغد تجنبا لتداعيات قد تكون خطرة جدا، لأنه ليس مضمونا لاحقا إذا توقفت الحرب في غزة أن يوقف الإسرائيلي عملياته العسكرية في لبنان».
وواكبه وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن الذي قال إن الپنتاغون «لا يرى صراعا شاملا بين إسرائيل و«حزب الله» سيندلع»، لكنه اعتبر أن «الوقت الراهن يمثل لحظة خطرة في الشرق الأوسط، إلا أن واشنطن تعمل على تجنب اتساع نطاق الصراع»، على حد تعبيره. وأعلن أوستن «أن إدارة التوترات بين إسرائيل و«حزب الله» تمت ببراعة».
وفي غصون ذلك، استقبل قائد الجيش العماد عون نائب رئيس أركان الدفاع في الجيش البريطاني للاستراتيجية العسكرية والعمليات اللواء تشالز وولكر بحضور السفير البريطاني في لبنان هاميش كاول والملحق العسكري البريطاني في لبنان المقدم لي ريتشارد ساندرز، وتم التداول في سبل التعاون بين جيشي البلدين والتطورات عند الحدود الجنوبية.
على صعيد الوضع الميداني جنوبا، واصل جيش الاحتلال الإسرائيلي اعتداءاته على المدنيين في قرى الجنوب، وقد أطلق النار على رئيس بلدية الوزاني السابق حسين الأحمد (ابو عدي) أثناء رعيه الماشية في خراج البلدة، ما أدى إلى إصابته بقدمه.
وقال رئيس الهيئة الشرعية في «حزب الله» الشيخ محمد يزبك إن «المقاومة التي تخوض حربا في الجنوب، هي حريصة على انتخاب رئيس للجمهورية ليتحمل مسؤولياته بانتظام المؤسسات، ومعالجة الملفات، ونؤكد على أن اختيار الشخصية القادرة لا يتم إلا بالحوار وتفاهم اللبنانيين».
في هذه الأثناء، كتب النائب نعمة افرام كتب، عبر حسابه على منصة «X» قائلا: «اجتماع مميز جمعني بالسفير البابوي في واشنطن الكاردينال كريستوف بيير. تناولنا خلاله المستجدات في المنطقة وتحدياتها ومآسيها، وأهمية الرؤية الصائبة والحكيمة في العمل السياسي وفي مقاربة الأحداث الكبيرة التي يشهدها العالم اليوم. كما حضر لبنان بالعمق في لقائنا، وقد نقل سعادته محبته لشعبنا وتقديره واحترامه الكبير للبطريرك الراعي».
بدوره، اعتبر النائب غياث يزبك، في حديث إلى «صوت كل لبنان»، أن «حراك سفراء اللجنة الخماسية ولد ميتا وأجهض من جانب الرئيس نبيه بري ومن خلفه «حزب الله»، قائلا إن «الرئيس بري أعادنا إلى نقطة الصفر وأراد أن يتحول حراك الخماسية إلى رسول ينقل وجهة رأي الثنائي الشيعي إلى باقي الأفرقاء، فضلا عن إصراره على الحوار، تحت عنوان واحد الاتفاق على انتخاب المرشح سليمان فرنجية، بشكل أساسي قبل فتح المجلس النيابي».
ولفت إلى أن زيارة النائب ملحم الرياشي إلى الرياض «كانت مقررة سابقا وتأتي في سياق الزيارات الروتينية وليست مرتبطة بحراك اللجنة الخماسية المستجدة في الداخل».