نجت ماري لين سمادجة من ثلاث هجمات منذ استقرت في إسرائيل، لكن هجوم حركة المقاومة الفلسطينية (حماس) في 7 أكتوبر الماضي المعروف بـ «طوفان الأقصى» زعزع للمرة الأولى ثقتها بقدرة حكومة تل أبيب على ضمان الأمن والحماية لها. وتقول الإسرائيلية، التي تحمل أيضا الجنسية الفرنسية، والتي وصلت إلى تل ابيب قبل أكثر من أربعين عاما، «مهما فعلنا في 7 أكتوبر 2023 خسرت إسرائيل. خسرنا الثقة. ارتكبت إسرائيل خطأ هائلا على صعيد الأمن والاستخبارات والجيش»، مضيفة «إنني خائفة». والتقت وكالة «فرانس برس» سمادجة التي أسست جمعية «نساء يصنعن السلام»، النسائية من ديانات مختلفة، في ساحة وسط تل أبيب باتت تعرف بـ «ساحة الرهائن»، إذ تشكل مقرا لعائلات الذين خطفوا خلال هجوم «حماس» ومازالوا محتجزين في قطاع غزة.
وتشهد إسرائيل تظاهرات كل أسبوع للمطالبة بإطلاق سراحهم.
وتعتبر عائلات الرهائن أن حكومة تل أبيب قد «تخلت عنهم»، وقالت كارميت بالتي كاتزير، شقيقة أحد الرهائن المحتجزين في غزة وابنة رهينة أطلق سراحها خلال هدنة استمرت أسبوعا في نهاية نوفمبر الماضي، إن ما هو على المحك اليوم هو «العقد الاجتماعي بين الإسرائيليين وحكومتهم».
وأوضحت كارميت على هامش مشاركتها في تظاهرات ضد حكومة بنيامين نتنياهو «بموجب هذا العقد، نخدم في الجيش، نعمل، نطور المناطق التي بقيت خلاء، نربي أطفالنا قرب الحدود مع قطاع غزة. في المقابل، تضمن لنا الحكومة الأمان والحياة. لكن في السابع من أكتوبر، فسخ هذا العقد».
من جهتها، رأت نيتزام بيريلمان التي تعد أطروحة دكتوراه في علم الاجتماع السياسي بالمركز الوطني الفرنسي للبحث العلمي، أن ثمة عناصر أخرى «لطخت صورة الحكومة الإسرائيلية برأي المجتمع»، ذاكرة منها «عجز الجيش على التحرك» و«عدم تمكن عدد كبير من الهيئات الرسمية من تقديم الخدمات للمواطنين» بعد الهجوم، معتبرة أن ذلك يمثل «منعطفا كبيرا».
وفي هذا الصدد، تشير دراسة إلى أن الدولة «تخلت ماليا» عن البلدات الواقعة عند مشارف غزة، وهي المنطقة التي استهدفها هجوم «حماس». وأفادت مجموعة «أدفا» الإسرائيلية للأبحاث حول التنمية الاقتصادية والاجتماعية التي أعدت الدراسة، بأن الميزانية التي خصصتها الحكومة لهذه البلدات تراجعت بعد الانتخابات التشريعية عام 2022 التي أعادت نتنياهو إلى السلطة.
وانخفضت المخصصات المالية للتنمية والأمن في هذه البلدات من 137.8 مليون شيكل عام 2022 إلى 99 مليون شيكل للفترة 2023 ـ 2024. وقالت ماري لين سمادجة «هذه العائلات تخلت عن حياة أكثر سهولة في أماكن أخرى حبا بإسرائيل. أطفالهن لا يعرفون سوى إطلاق الصواريخ، ونوعين من الإنذارات الروتيني أو العاجل أو زخة من الصواريخ»، مضيفة «كنا نقول عن هذه العائلات إنها تملك قدرة كبيرة على الصمود. غير أنها اليوم لم تعد تريد أن تسمع هذه الكلمة». لكنها أكدت أن «القصة لم تنته. يجب أولا عودة الرهائن، والحسابات تأتي لاحقا».