كشفت دراسة اقتصادية جديدة ان الأجور الحالية للموظفين في سورية لا تغطي أكثر من 2.3% من كلفة احتياجات العائلة السورية.
ومع ارتفاع اسعار كل السلع والخدمات وبشكل يومي أحيانا والانهيار الكبير لليرة السورية، وصل متوسط تكاليف المعيشة لعائلة سورية مؤلفة من خمسة أشخاص إلى 12 مليونا و55 ألف ليرة سورية تقريبا، مع بداية العام 2024 وبحسب دراسة نشرتها جريدة «قاسيون» المحلية.
وأفادت الدراسة بأن الحد الأدنى الجديد للأجور لا يغطي سوى 2.3% من متوسط كلفة المعيشة، خاصة أن الارتفاع الكبير في الأسعار طال معظم السلع في السوق.
وتابعت: «لا يوجد خلاف على أن كل ليرة سورية تضاف إلى دخل العاملين المنتجين في سورية هي بمثابة خطوة إيجابية، شريطة أن تحتفظ الليرة بقيمتها بدلا من أن تساهم في تقليل القيمة الحقيقية للقدر القليل من الليرات (المتاحة) بالفعل في جيوبهم».
وبحسب الدراسة، أنه لا يمكن القول بزيادة الأجور الحقيقية للسوريين بشكل جدي من دون الأخذ بعين الاعتبار ثلاثة عوامل أساسية:
كي تكون الزيادة في الأجور ذات معنى، يجب ألا ينظر إلى الرقم الإجمالي بمعزل عن قدرته الشرائية في السوق، الأهم القوة الشرائية للأجر، لذا ينبغي ربط الحد الأدنى للأجور بتكاليف المعيشة بشكل يضمن تغطية هذه التكاليف.
إذا تم ربط الحد الأدنى للأجور بتكاليف المعيشة، فإن هذا وحده لا يكفي إذا ما تبعته ارتفاعات جديدة للأسعار في السوق، مما سيؤدي إلى انخفاض تدريجي في القيمة الفعلية للأجور، لذا من الضروري أن يكون هذا الربط متجددا بشكل دوري (شهري، ربع سنوي، سنوي.. إلخ)، وهذا يجب أن يعتبر حقا للعمال وليس «مكرمة» من أحد.
من الضروري ألا يأتي تمويل زيادة الأجور من جيوب المواطنين أنفسهم، عبر «الوفورات» المتأتية من عمليات رفع الدعم تحت ذريعة «ترشيده، وتوجيهه لمستحقيه»، بل يجب أن يأتي من مكافحة الفساد واستهداف كبار الناهبين الذين يسيطرون على ثروات البلاد، بينما لا يحصل 90% من السكان إلا على 10% من هذه الثروة في أحسن الأحوال.
وهذا، يبرز مجددا الحقيقة القائلة بأن زيادات الحد الأدنى للأجور، وبغض النظر عن مداها، لا تحمل أي معنى حقيقي ما لم تتواكب مع تحسين القدرة الشرائية والقيمة الواقعية لهذه الأجور، إذ يمكن للحد الأدنى للأجور أن يزداد أضعافا مضاعفة من الناحية النظرية، لكنه في الواقع ينخفض، مما يترك الملايين من السوريين في مواجهة الفقر والجوع والأمن الغذائي المفقود.
وأشارت دراسة «قاسيون» إلى أن هذا هو السبب الجوهري الذي يجعل «الزيادة» الأخيرة التي صدرت قبل أيام، عاملا مساعدا على تفاقم تردي الأوضاع المعيشية للسوريين، فهي ليست في حقيقة الأمر زيادة أجور موجهة إلى الشعب، بل هي بمنزلة منحة للسوق، خاصة للمحتكرين في قطاع الغذاء.
وتابعت: «لذلك، فإن الحاجة في الوضع السوري الراهن تدعو إلى زيادة الأجور الفعلية لا الاسمية»، مشددة على أن «الأجور اليوم بحاجة إلى أن ترتفع بما يزيد عن 4222% لتغطي الاحتياجات الأساسية للعامل وعائلته».
يشار إلى أن زيادة الرواتب في سورية دائما ما ترتبط بانخفاض أسعار الليرة إلى مستويات قياسية وزيادة التضخم، وهو ما يلقي بأثره على الأسواق التي تشهد تضاعفا في أسعار جميع المواد والسلع الأساسية، خاصة المحروقات والمواد التموينية.