بيروت - منصور شعبان - خلدون قواص
مازال نشاط الرئيس سعد الحريري المكثف عقب تمديد زيارته يستقطب الاهتمام، ولعل الإقبال الذي شهده «بيت الوسط» وتوافد الزوار للقائه، دفعه إلى التفكير مليا بتنظيم عودته التي من شأنها، إذا تحققت ببقائه، ان تردم الهوة السياسية في المجتمع اللبناني بظل عدم التكافؤ الحاصل إزاء توزع القوى على الساحة الداخلية وفقدان الثقة بالدولة.
وكما استمع الحريري إلى ضيوفه أسمعهم بعضا من آرائه مكررا مقولة: «كل شي بوقتو حلو» والمعنى بقلبه.
الحريري أكد لضيوفه انه لم يحسم عودته للعمل السياسي لعدم ملاءمة الظروف، على الرغم من البهجة العارمة التي وجدها لدى مناصريه ومن تمنوا عليه البقاء، لكنه أدرى بظروفه وزمانه.
وقد غادر الرئيس سعد الحريري بيروت، متوجها بالشكر والامتنان «لعشرات آلاف الأوفياء الذين أتوا من مختلف المناطق اللبنانية ومن العاصمة بيروت، للمشاركة في إحياء ذكرى جريمة اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري ورفاقه».
وجدد دعوة «الجميع وخاصة أهل الوفاء للحفاظ على البلد»، وقال «كما كنا سويا سنبقى وسأكون إلى جانبكم أينما كنت».
وأسف الحريري لعدم تمكنه من لقاء جميع الوفود بسبب ضيق الوقت، آملا «لقاء الجميع في وقت ليس ببعيد».
وأصدر رئيس لجنة الاقتصاد في غرفة تجارة وصناعة وزراعة زحلة والبقاع طوني طعمة بيانا، بعد لقائه الحريري، نوه فيه بخط «الاعتدال الذي ينتهجه الشيخ سعد والذي من خلاله يحافظ على العيش المشترك في زحلة والبقاع ولبنان». وقال انه استعرض معه الوضع الاقتصادي في منطقته.
وضمن نشاطه المكثف، زار الحريري مفتي لبنان الشيخ عبداللطيف دريان الذي أكد أن دار الفتوى حريصة على كل أبنائها من المسلمين واللبنانيين جميعا لإنقاذ وطنهم من الانهيار والحد من الفوضى والعمل معا لتحقيق آمال وطموحات اللبنانيين الذين يعانون من تفاقم الأزمات الواحدة تلو الأخرى لحين انتخاب رئيس للجمهورية يكون جامعا وتشكيل حكومة فاعلة وقادرة تكتسب ثقة النواب ممثلي الشعب.
وأفاد المكتب الإعلامي في دار الفتوى بأن اللقاء بين المفتي دريان والرئيس الحريري تركز حول أوضاع المسلمين السنة واستنهاضهم وتعزيز الوحدة الوطنية بين اللبنانيين.
وشدد المفتي على أن الجهد والمساعي التي تقوم بها اللجنة الخماسية لخرق الجمود الحاصل على الصعيد الرئاسي مشهود لها رغم كل الصعوبات التي تواجهها من الداخل اللبناني المنقسم حول نفسه.
وعليه، يبقى الملف الرئاسي منتظرا التئام «المجموعة الخماسية»، وإلى حينه هناك من يتوقع أن يبادر رئيس مجلس النواب نبيه بري بالدعوة إلى جلسة حوار للنظر فيما يمكن التوافق عليه بشأن انتخاب رئيس جديد للبنان، ما يؤكد عدم ربط «الثنائي الشيعي» الملف الرئاسي بالحرب على غزة، ويتم التداول بأجواء توحي بزيارة قريبة للموفد الأميركي آموس هوكشتاين إلى لبنان يتبعه الموفد الفرنسي جان ايف لودريان من ضمن حراك تعتزمه «المجموعة الخماسية» التي تلقت إشارات لبنانية برفض تأخير انتخاب رئيس للجمهورية حتى عام 2025، مع الإصرار على أن يكون هذا العام مخافة أن تؤثر، في ذلك، الانتخابات الرئاسية الأميركية في النصف الثاني منه.
من جهته، قال البطريرك الماروني بشارة الراعي، في عظة الأحد من بكركي: «لا يمكن الاستمرار في هذه الحالة من التباعد واللا ثقة المتبادلين التي تعطل حياة الدولة وتسمم المجتمع، فليضع الجميع فوق كل شيء هدف بناء الوحدة الوطنية بسبل جديدة ولغة جديدة وبخاصة الولاء لوطننا النهائي لبنان».
أما متروبوليت بيروت للروم الأرثوذكس المطران إلياس عودة فسأل في عظة الأحد: «كيف ينمو بلد ويزدهر وهو بلا رئيس يقوده بحسب ما يمليه دستوره؟ كيف يبنى بلد جيشه مستضعف؟ كيف ينعم بلد بالاستقرار والازدهار والسلاح منتشر وحدوده مستباحة وقضاؤه مقموع، وإداراته قد أفرغت من الكفاءات، وقرار الدولة مصادر، والحرب تفرض عليها وعلى المواطنين؟».
وفي الحديث عن التطورات الجنوبية يستمر الوضع الميداني متوترا، يشتد حينا ويهدأ آخر، بعد كل غارة أو قصف مدفعي، على مدى 24 ساعة.
والوضع هذا يرفع، يوميا من حدة أزمة النزوح التي تزداد سوءا بسبب ارتفاع عدد النازحين مع اعتماد العدو الإسرائيلي سياسة الأرض المحروقة واستهدافه المدنيين والمنازل المأهولة وتهديده الأهالي المقيمين وسيارات الإسعاف ورجال الصحافة، حيث بات عدد من القرى المتاخمة شبه خال من السكان.
وقد أغارت، أمس، الطائرات الحربية المعادية، على حي أبو اللبن في عيتا الشعب، وانفجر صاروخ اعتراضي فوق وادي حامول الناقورة، كما تعرضت بلدة يارون لغارة جوية نفذتها المقاتلات الإسرائيلية بصاروخين على منزل في حي البيادر في البلدة، وأتبعتها بغارة مماثلة مستهدفة منزلا في الساحة العامة ليارون، ولم يفد عن وقوع إصابات، وكذلك طاول القصف المدفعي المعادي وادي بيت ليف وأطراف الناقورة بالقرب من «اليونيفيل».
واستتباعا لهذا الميدان، قال النائب حسن فضل الله، عضو «كتلة الوفاء للمقاومة»: «بعد طوفان الأقصى، طرح العدو على كل الموفدين الذين يأتون إلى لبنان وكذلك على الإدارة الأميركية، أنه بمعزل عن أي تطور على الجبهة اللبنانية وعن المواجهة التي تجري اليوم، فإن إسرائيل لا تستطيع التعايش مع حدود لبنانية فيها قوة مثل قوة المقاومة، وطالبتهم بالذهاب إلى لبنان وممارسة الضغوط لإيجاد معالجة والتخلص من وجود المقاومة في المنطقة الحدودية، وهذا ما تم الرد عليه بوضوح بأن من يقرر في لبنان هم اللبنانيون من موقع القوة والقدرة التي توفرها المقاومة وصلابة شعبها».