قبل فترة احتجت إلى مراجعة الهيئة العامة للمعلومات المدنية، وعادة عندما أراجع جهة حكومية أفكر بحالة مواقف السيارات وتنظيم الأقسام وسير العمل، وأعتبر المراجعة مغامرة، فالجهات الحكومية في العالم كله تعد مراكز حيوية جدا، زحام وفوضى تقليديان، إجراءات جامدة، دخلت عليها التكنولوجيا مؤخرا.
ولأن الهيئة العامة للمعلومات المدنية تعنى بإصدار بطاقات الهوية لكل الأفراد، فستقابل البشر من كل قطر ولون! ستمشي وسط أفواج بوجوه وألسن متعددة! إنها سمة الحياة المدنية العصرية، أن يحمل كل إنسان بطاقة تعريفية تضم معلوماته الأساسية، ليتمكن من العيش في بلد من البلدان، وفق نظامه وقوانينه ونمطه.
كانت الرحلة مذهلة حقا! هالبشر.. بشر، مهما اختلفت انتماءاتهم، مهما تباينت ظروفهم، مهما تفاوتت مستوياتهم، مهما اختلفت ثقافاتهم، مهما تعددت مفاهيمهم!
وكانت رحلة موفقة أيضا أجريت فيها معاملتي بيسر وتعاون من قبل الموظفين.
إن التنوع البشري على أرض واحدة ليس مسألة حديثة، فالبشر يرتحلون على مر التاريخ، وتقريبا لذات الأسباب. لا يوجد شعب نقي كما يسمي البعض أو عرق نقي كما يدعي آخرون، فذاك يناقض طبيعة الحياة، اللهم إلا في بعض الجماعات البدائية المنعزلة. فالإنسان ينتقل ويعيش ويتأقلم، ينفع وينتفع، يكتسب ويضيف.
ومع قدم موضوع تنوع الأعراق والانتماءات، يأتي موضوع العنصرية، والنعرة، والعصبية! فهو قديم أيضا لكنه ينم عن جهل بالغ ويفضح محاولات يائسة لستر فراغ أو سد نقص، بطريقة هوجاء غير صحية.
إني لأعجب وأشفق على من يعتقد أن التمايز بين الناس يأتي على أساس وثيقة جنسية أو رتبة اجتماعية أو مهنة! والأمر الذي أعجب منه أكثر ذاك الذي يصنف الناس على ألوانهم! فتلك عقلية يستعصي علي فهمها مطلقا.
البشر في هذه الحياة باختلافاتهم كأنهم كواكب تدور في أفلاكها.
بأحجام وألوان، ومدارات وأبعاد،
جميعنا كواكب، وكل له مساره، والكون يسعنا جميعا.
[email protected]