انتقلت الجهود الديبلوماسية الرامية إلى التوصل لهدنة في قطاع غزة إلى الدوحة، حيث أكد صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني أمير قطر، دعم الدوحة الدائم للشعب الفلسطيني الشقيق وقضيته العادلة وأهمية وحدة الصف الفلسطيني لنيل حقوقه الوطنية المشروعة وفي مقدمتها حقه في إقامة دولته المستقلة على حدود عام 1967 وعاصمتها القدس الشرقية.
جاء ذلك خلال استقبال أمير قطر أمس، رئيس المكتب السياسي لحركة المقاومة الفلسطينية (حماس) إسماعيل هنية.
وقالت وكالة الأنباء القطرية الرسمية «قنا» في بيان انه جرى خلال المقابلة، استعراض آخر التطورات في غزة والأراضي الفلسطينية المحتلة، ومناقشة جهود قطر الهادفة للتوصل لاتفاق وقف فوري ودائم لإطلاق النار في غزة.
جاء ذلك غداة محادثات أجراها هنية في القاهرة بشأن الاتفاق المحتمل لهدنة جديدة وتبادل الأسرى والرهائن بين إسرائيل و«حماس»، حيث الولايات المتحدة أعلنت مساء أمس الأول أن المحادثات التي جرت في باريس مؤخرا أفضت إلى تفاهم حول اتفاق محتمل يقضي بإطلاق «حماس» سراح رهائن والتزام وقف جديد لإطلاق النار في قطاع غزة.
وقال مستشار الأمن القومي في البيت الأبيض جيك ساليفان لشبكة «سي. إن. إن» الإخبارية «اجتمع ممثلو إسرائيل والولايات المتحدة ومصر وقطر في باريس وتوصلوا إلى تفاهم بين الدول الأربع حول الملامح الأساسية لاتفاق تبادل الأسرى ووقف مؤقت للنار».
ورفض ساليفان الخوض في التفاصيل، لكنه أوضح أن الاتفاق «لا يزال قيد التفاوض بشأن تفاصيله. ولابد من إجراء نقاشات مع حماس عبر قطر ومصر، لأنه في نهاية المطاف سيتعين عليها الموافقة على إطلاق سراح الرهائن».
وتابع: «هذا العمل جار. ونأمل في أن نتمكن في الأيام المقبلة من بلوغ نقطة يكون فيها بالفعل اتفاق متماسك ونهائي بشأن هذه القضية».
وقال مصدر في «حماس» لفرانس برس إنه تم اقتراح «بعض التعديلات الجديدة» بشأن القضايا الخلافية، لكن «إسرائيل لم تقدم أي موقف جوهري بشأن شروط وقف إطلاق النار والانسحاب من قطاع غزة».
استقالة حكومة اشتية
وفي غضون ذلك، قدمت الحكومة الفلسطينية برئاسة محمد اشتية استقالتها إلى الرئيس محمود عباس، في وقت تتكثف الاتصالات غير المعلنة حول إجراء إصلاح في السلطة الفلسطينية مرتبط بمرحلة ما بعد الحرب في قطاع غزة.
وأعلن اشتية خلال الاجتماع الأسبوعي لمجلس الوزراء أمس «وضع استقالة الحكومة تحت تصرف الرئيس عباس رسميا»، مشيرا إلى أن هذه الخطوة تأتي «على ضوء المستجدات السياسية والأمنية والاقتصادية المتعلقة بالعدوان على قطاع غزة والتصعيد غير المسبوق في الضفة الغربية والقدس».
وأضاف: «أرى أن المرحلة القادمة وتحدياتها تحتاج إلى ترتيبات حكومية وسياسية جديدة تأخذ بالاعتبار الواقع المستجد في قطاع غزة ومحادثات الوحدة الوطنية والحاجة الملحة إلى توافق فلسطيني - فلسطيني مستند إلى أساس وطني، ومشاركة واسعة، ووحدة الصف، وإلى بسط سلطة السلطة على كامل أرض فلسطين». وقال المتحدث باسم حركة «فتح» عبدالفتاح دولة لقناة «العربية» الإخبارية ان «الحكومة المقبلة ستتألف من كفاءات وليست فصائلية»، ورجحت وسائل إعلام محلية فلسطينية اسم وزير الاقتصاد السابق محمد مصطفى كمرشح لخلافة اشتية في تشكيل حكومة من التكنوقراط. وشغل مصطفى أيضا منصب نائب رئيس حكومة التوافق الوطني الفلسطينية التي شكلها رامي الحمد لله في يونيو عام 2014. ويترأس مصطفى صندوق الاستثمار الفلسطيني منذ العام 2005.
خطة إجلاء مدنيي رفح
في هذه الأثناء، قدم الجيش الإسرائيلي خطة لإجلاء المدنيين من «مناطق القتال» في غزة حسبما أعلن مكتب رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو أمس.
وقال مكتب نتنياهو في بيان مقتضب إن الجيش: «قدم لمجلس الحرب خطة لإجلاء السكان من مناطق القتال في قطاع غزة، فضلا عن خطة العمليات المقبلة»، من دون أن يخوض في تفاصيل. وبينما تستمر جهود الوساطة الديبلوماسية في قطر للتوصل لهدنة إنسانية جديدة، احتدم القتال بين الجيش الإسرائيلي ومقاتلي «حماس» خصوصا في مدينة خان يونس المدمرة، على بعد بضعة كيلومترات شمالي رفح.
وأحصت وزارة الصحة التابعة للحركة سقوط اكثر من 90 قتيلا وما لا يقل عن 164 جريح خلال 10 مجازر ارتكبها جيش الاحتلال ضد العائلات في غزة خلال 24 ساعة.
وأعلنت الوزارة في بيان ارتفاع حصيلة القتلى إلى 29 ألفا و782 شخصا والمصابين إلى 70 ألفا و43 شخصا منذ السابع من أكتوبر الماضي.
من جهته، أعلن الجيش الإسرائيلي في بيان إصابة 5 من جنوده بحالة خطيرة في غزة، مشيرا إلى نقلهم لتلقي العلاج في المستشفى.
وأضاف الجيش أنه منذ بداية الحرب أصيب 2974 ضابطا وجنديا، منهم 1408 خلال العملية البرية، مؤكدا أن 324 ضابطا وجنديا لا يزالون في المستشفيات، منهم 32 جراحهم خطيرة.
في الغضون، يتزايد القلق حول مصير مدينة رفح في أقصى جنوب القطاع، بسبب العملية البرية التي يعد لها الجيش الإسرائيلي.
واستمر الوضع الإنساني في التدهور، حيث بات حوالي 2.2 مليون شخص في غزة، هم الغالبية العظمى من سكانه، مهددين بخطر مجاعة جماعية، وفق الأمم المتحدة.
ودفع نقص الغذاء مئات الأشخاص إلى مغادرة شمال القطاع، حيث يوجد 300 ألف شخص باتجاه الوسط، وفق وكالة فرانس برس.
وقال المفوض العام لوكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا) فيليب لازاريني إنه لا يزال ممكنا تجنب المجاعة في غزة إذا سمحت إسرائيل للوكالات الإنسانية بإدخال مزيد من المساعدات.
وأضاف لازاريني عبر منصة إكس: «إنها كارثة من صنع الإنسان وقد التزم العالم بعدم السماح بالمجاعة مجددا».