مرت الكويت بسنوات من الاحتقان السياسي بين الحكومة والبرلمان لأسباب عديدة، ولم تكن المعالجات دائما صائبة من الجهتين.
وفي الآونة الأخيرة، رأينا تعاونا نسبيا بين السلطتين نتج عنه إغلاق بعض الملفات الساخنة كالعفو ومفوضية الانتخابات والزيادات المالية للمتقاعدين، ربما أراد المواطنون مزيدا من القرارات لتحسين أوضاعهم المعيشية، لكن لم يسعف الوقت البرلمان ولا الحكومة لاتخاذ قرارات حاسمة فيها، وإن كانت الرؤية الحكومية والبرلمانية لا تختلف كثيرا في معالجتها لهذه المسألة والتي لن تشكل أزمة للحكومة والبرلمان القادمين.
إذن، إغلاق أهم المطالبات الشعبية الضرورية هو عامل إيجابي في المرحلة المقبلة لإشاعة جو من التعاون بين السلطتين، وبالتالي تحقيق الاستقرار السياسي المطلوب لاستكمال مشاريع التنمية التي توقفت منذ سنوات، حتى ان الكويت لم تعد تشبه دول الجوار الخليجي.
لقد تأخرنا كثيرا مقارنة بكل الدول، بسبب الصراعات السياسية وعدم التعاون بين السلطتين، ولن نضع اللوم على إحداهما ونترك الأخرى، ما يهمنا أن نستعيد المبادرة الاقتصادية لننهض بالكويت، وليس أفضل من الوقت الحالي لتلك الانطلاقة.
من الملاحظ أن المواطنين أصبحوا أكثر وعيا مما سبق، فلقد شاهدنا دعمهم للحكومة السابقة عندما أحسوا منها تجاوبا مع المطالبات الشعبية، وبالتالي حصنوها من هجوم البرلمان أو على الأقل من غالبيته، ومن المتوقع أن تحظى حكومة سمو الشيخ د.محمد الصباح بذلك الدعم إذا ما أقنعت المواطنين قبل البرلمان بخططها وبدأت بالعمل الجاد.
وهنا يجب التأكيد على أن تهتم الحكومة أولا برأي الشارع وتسعى إلى إقناعه بمشاريعها، وأن تكون شفافة عبر إقامتها لمؤتمرات عامة قبل مؤتمراتها واجتماعاتها الخاصة مع البرلمان، فالحقيقة الغائبة أن الحكومات السابقة إما أنها كانت لا تملك خططا واقعية، أو أنها لم تهتم بإقناع الجمهور!
أخيراً، المرحلة المقبلة من المفترض أن تكون مرحلة التنمية، ويجب أن تولي الحكومة جل اهتمامها لذلك، وأن تأتي بمشاريعها للبرلمان لإقرار البنية التشريعية التحتية اللازمة وتوافر السيولة، وهما أهم عوائق التنمية.
فالمدن الإسكانية والمشاريع الضخمة تحتاج إلى إيجاد قوانين للمستثمر الأجنبي، وطرق مبتكرة لتمويلها، وإلا أصبحت مشاريع متعثرة.
معالجة مشكلة التمويل تكون إما عن طريق الشراكات أو إصدار السندات والصكوك، وحتما ليس عبر طلب تمويلات ضخمة مرة واحدة، كما كانت المطالبات سابقا، بإصدار سندات بقيمة ٢٠ مليارا، فيجب التدرج في التمويل بحسب إقرار المشاريع ودفعاتها المالية!
الخلاصة: الاستقرار مطلب شعبي وضرورة وطنية، والتنمية حاجة ماسة، والشفافية طريق الحكومة للنجاح.