أطل علينا شهر رمضان بنفحاته، جاء ضيفا كريما محملا بالرحمات ناشرا في القلوب أنوارا مشرقات. فما واجبنا نحو استقباله وكيف نحتفي به؟ وكيف نقضي أيامه ولياليه؟
عن استقبال شهر رمضان يبين لنا د.خالد المذكور الطريقة المثلى لاستقباله فيقول: ينبغي أن نستقبل رمضان بالعزيمة الصادقة على صيامه وقيامه إيمانا واحتسابا، وأنا دائما اسوق مثالا يقرب الصورة على مكانة هذا الشهر الفضيل، وأقول: إذا كان لك صديق عزيز عليك لا يزورك في العام إلا مرة واحدة، وعندما يهل عليك يأتيك بخير عميم وزاد يكفيك فماذا تصنع لاستقباله؟ لا شك انك تعد العدة وتتأهب لاستقبال هذا الضيف فترتب بيتك وتعد له برنامجا حافلا لضيافته وتستعد له على كل المستويات، فكيف إذا كان هذا الضيف هو الفرصة العظيمة التي يهبها الله تعالى لعباده من اجل تكفير الذنوب والتجاوز عن الخطايا.
وقد أخبر النبي صلى الله عليه وسلم أن أوله رحمة وأوسطه مغفرة وآخره عتق من النار، وبالتالي فإنه يجب على المسلمين تهيئة النفوس لاستقبال هذا الشهر العظيم، ولم لا وقد هيأنا الله تعالى لهذا الشهر بما انتدبه علينا طوال العام من صيام الأيام المندوبة كثلاثة الأيام القمرية من كل شهر وصيام يومي الاثنين والخميس ولذلك يأتي رمضان وقد تهيأت الأبدان والنفوس وقد تعودت ولم تستصعب الصيام.
وأكد د.المذكور أنه لابد للمسلم ان يجعل للقرآن النصيب الأكبر في أيامه، وان يحرص على صلاة التراويح والقيام وبذل الصدقات والتحبب في أداء العمرة، ووجه نداءه الى كل مسلم ومسلمة ان يستقبل شهر رمضان بالتوبة الصادقة ويطهر قلبه من كل ما يغضب الله والمحافظة على تلاوة القرآن وإتقان العمل والبعد عن مشاهدة المحرمات ولزوم المساجد وصلة الارحام وبذل الصدقات. فليغتنم المسلم ايام وليالي رمضان في طاعة الله تعالى والأعمال الصالحة.
مضاعفة الأجر
حدد د.سيد محمد الطبطبائي أربعة أمور يجب أن نستقبل بها هذا الشهر المبارك فقال: أولا: يجب ان نشكر نعمة الله علينا بأن مدّ الله لنا بالعمر أن نبلغ هذا الموسم العظيم، وعلى المسلم ان يستفيد من شهر رمضان فهو الطريق إلى التقوى ومضاعفة الأجر وتكفير السيئات وقهر النفس وتزكيتها بترك الشهوات وتنقيتها من الأخلاق الرذيلة. وبين د.الطبطبائي الأمر الثاني في هذا الشهر العظيم وقال: الإسلام دين العلم وقد رفع الله تعالى مكانة العلم والعلماء فعلى المسلم ان يتعلم كيف يؤدي العبادات التي منها الصيام، مبينا ان العلم بأحكام الصيام منه واجب لا يعذر الإنسان بجهله وهو الذي يتعلق بصحة صومه، والآخر مستحب وهو العلم فيما لا يحتاج إليه من المسائل، أما الأمر الثالث الذي يجب أن يستقبل به الناس شهر رمضان فهو الاجتهاد في الطاعة، ليستعين به على باقي الدهر، وقد جعل الله تعالى فريضته أياما معدودة ولكن عطيته للصائمين غير محدودة. وبين الأمر الرابع والاخير وهو التوبة من الذنوب والمعاصي والرجوع الى الله تعالى وأن نقبل عليه بالاستغفار، ونكون في هذه اللحظات الإيمانية التي تحفنا بها الملائكة وتغشانا الرحمة والمغفرة فقد اخبر النبي صلى الله عليه وسلم بأنه «لا يقعد قوم يذكرون الله عزّ وجلّ إلا حفتهم الملائكة وغشيتهم الرحمة ونزلت عليهم السكينة وذكرهم الله فيمن عنده».
أهلاً رمضان
يرحب د.بسام الشطي بشهر الرحمة والمغفرة والعتق من النيران بقوله: لقد اظلنا شهر القرآن، شهر الجود والكرم، شهر يعظم الله فيه الأجر وتفتح ابواب الخير فيه لكل راغب، إنه شهر المنح والهبات (شهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن هدى للناس وبينات من الهدى والفرقان) فرمضان شهر عظيم تفتح فيه أبواب الجنان وتغلق فيه أبواب النيران وينادي مناد: يا باغي الخير أقبل ويا باغي الشر أقصر.
ونادى د.الشطي كل مسلم ومسلمة بأن تغتنم أيامه بقراءة القرآن بتدبر حتى يكون نبراسا وهدى وقربة إلى الله عزّ وجلّ، وتلذذ بقراءته لأنه كلام الله عزّ وجلّ والمعجزة الخالدة وأن يكثروا من الدعاء والإكثار من الصدقة وأفضلها على الأقارب والجيران ومن تعرفه وأن يحرص على كظم الغيظ والعفو عمن أساء إليه والالتزام بالأخلاق السوية وكف اللسان عن الأذى والعين عن ملاحقة الناس وكشف عيوبهم وأوصى بالمشاركة في إفطار الصائم ولو في المسجد المجاور لبيتك والحرص على قيام الليل وترطيب اللسان بالذكر والقيام بعمرة في رمضان وزيارة المرضى واتباع الجنائز والتصدق على الفقراء.
وشدد على أهمية استغلال الوقت فيما هو مفيد من وصل الأرحام وإصلاح ذات البين. وقال: كن سفيرا بأخلاقك الحسنة، وكن شامخا بأخلاقك السمحة ولا تصم في النهار عن الأكل والشرب وتفطر في الليل على الأفلام الساقطة والمسلسلات الهابطة.
وختم بقوله: مبارك عليكم الشهر ونسأل الله تعالى أن يعينكم على صيامه وقيامه على الوجه الذي يرضيه عنكم فرمضان مليء بالكنوز الرمضانية فاغتنموها.
يا باغي الخير أقبل
وأضاف الإمام والخطيب د.محمد البراك بقوله: اظلنا شهر رمضان الذي تفتح فيه ابواب الخير والرحمة، وتغلق فيه ابواب الشر والفتنة، فإذا كانت اول ليلة من رمضان، كما قال صلى الله عليه وسلم: «صفدت الشياطين، ومردة الجن، وغلقت ابواب النار، فلم يفتح منها باب، وفتحت ابواب الجنة، فلم يغلق منها باب، ونادى مناد: يا باغي الخير أقبل، ويا باغي الشر أقصر، ولله عتقاء من النار، وذلك في كل ليلة». (رواه الترمذي وابن ماجة).
لذلك وجب استغلال أيام هذا الشهر ولياليه في كل ما يقرب إلى الله من اعمال الخير والبر، والانتهاء عن كل الشرور والآثام والمعاصي الظاهرة والباطنة.
ففي كل ليلة ينادي ملك من عند الله عزّ وجلّ: يا طالب الخير أقبل على فعله، ولا تضيعه، فعلينا الاستجابة لمنادي الله تعالى، والاجتهاد في ان نكون من عتقاء الله عزّ وجلّ من النار في رمضان.
فلنشمر عن ساعد الجد ونقبل على الله تعالى بالمسارعة الى الخيرات، وأداء الصلوات المفروضة، والتوبة إلى الله تعالى بتوبة صادقة نصوح، وكثرة قراءة القرآن، وصلة الأرحام، والإحسان إلى الجيران، والمحافظة على قيام الليل، مع كثرة التسبيح، والتهليل، والتكبير، والدعاء، والصدقات، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وتعليم الناس الخير، وإصلاح قلوبنا، وألسنتنا وجوارحنا، وطلب العلم، ونشر سنة النبي صلى الله عليه وسلم فكل ذلك يحقق لنا الغاية المبتغاة من فرض الصيام، وهي تقوى الله عزّ وجلّ.
فيا باغي الخير أقبل على فعله، وحاسب نفسك على ما فرطت في جنب الله تعالى قبل أن تموت، وتزين للعرض الأكبر، كان عمر رضي الله عنه يقول: «حاسبوا أنفسكم قبل أن تحاسبوا، وزنوا أنفسكم قبل أن توزنوا، فإنه أهون عليكم في الحساب غدا ان تحاسبوا أنفسكم اليوم، وتزينوا للعرض الأكبر». (سنن الترمذي).
ويا باغي الشر أقصر عن الآثام وعن كل ما يغضب الله تعالى، وكف أذاك، فإذا لم تكن من المقبلين على الله في رمضان، فلا تكن ممن يصدون عن سبيل الله، وابتعد عن أماكن الشرور والذنوب، واحذر اصحاب السوء، والمجاهرة بالمعاصي والفجور في نهار رمضان وفي ليله، فإنك لا تقوى على النار.
فالمحروم الغافل من فاتته هذه الرحمات، وأتبع نفسه هواها، والموفق الناجي من اغتنم الفرصة وولج ابواب الخيرات في هذه الأيام المباركات، ومن جاهد نفسه على الاستقامة أعانه الله، قال تعالى: (والذين جاهدوا فينا لنهدينهم سبلنا وإن الله لمع المحسنين - العنكبوت: 69).
وفقنا الله جميعا لفعل الخيرات، واغتنام الأجور، ورفيع الدرجات. آمين.