بيروت - منصور شعبان - داود رمال
كل الاهتمامات في لبنان متوقفة عند تطورات الوضع في جنوبه، حيث العين لا تغادر حدوده المشتعلة، ولا «الخراب» المنتشر عبر جغرافية القرى والبلدات ساحة العمليات الحربية المشتعلة.
ومنذ الثامن من أكتوبر 2023، تقدمت أخبار الجنوب وتراجع التركيز على ما عداه بحيث طغت أحداثه اليومية، وأصبحت الحديث الشاغل في العاصمة اللبنانية.
الصورة، من بيروت، باتت تختلط فيها كل المشاهد، عمليات حربية ومفاوضات وأخبار عن اجتماعات علنية وأخرى سرية تشهدها المدينة لرسم الخارطة الميدانية، عسكرية كانت أم سياسية، والمهم الذي لا يختلف بشأنه اثنان أن هناك متغيرات مقبلة على المنطقة ككل.
والوضع الميداني في الجنوب ما زال قصفا جويا ومدفعيا على مدار الساعة من جانب الإسرائيليين يقابله رد «حزب الله» بقصف المواقع والتجمعات العسكرية في المستوطنات أو خارجها.
والبارز، في الميدان، كان العثور على طائرة من دون طيار جنوب بحيرة طبريا، ومهاجمة الحزب بالصواريخ والهاون عددا من مواقع وتجمعات الجيش الإسرائيلي في السماقة، الرمثا، المالكية، البغدادي، وثكنة راميم بصاروخين من نوع «بركان».
وأغار الطيران الاسرائيلي على جبل بلاط، مركبا، طير حرفا، اطراف مروحين، العديسة، كفركلا، الجبين وميس الجبل التي نجت من صاروخين لم ينفجرا.
وحلق الطيران الاستطلاعي الاسرائيلي فوق قرى القطاعين الغربي والأوسط وصولا حتى مشارف مدينة صور واطلق القنابل المضيئة فوق قرى قضاءي صور وبنت جبيل.
وأعلن «حزب الله» عن استهدافه تجمعا للجنود الإسرائيليين قبالة بلدة الوزاني بالأسلحة المناسبة وأصابهم بدقة.
هذا الواقع العسكري في الجنوب، لا يختلف عنه كثيرا، الوجه الآخر من الصورة في بيروت، حيث انتهت كل جولات المعركة على حلبة الاستحقاق الرئاسي بلا نقاط، و«الصراخ» اللبناني مستمر بصوت «يعلو» حينا و«يخفت» حينا آخر، إلى أن تنتهي آخر جولة، تحت قبة مجلس النواب بالفائز بالرئاسة الذي سيتولى قيادة الجانب اللبناني من الحرب بالمفاوضات والتوقيع.
وهنا يكمن الدور الحاسم للولايات المتحدة الأميركية وفرنسا والمملكة العربية السعودية ومصر وقطر ضمن «المجموعة الخماسية».
وفي هذه المرحلة تبدو «الخماسية» الملاذ للبنانيين في إنهاء مأزق انتخاب رئيس، ويتطلع الجميع إلى كل اجتماع تعقده أو لقاء يتم بين سفرائها لدى بيروت، فضلا عن جولاتها على المسؤولين والقيادات لتقريب وجهات النظر والمتوقع ان تبدأ اليوم، بعد عام وخمسة أشهر تقريبا، وذلك ولا أحد يعلم بما سيطرحونه على من يلتقونهم، وهم بذلك يجمعون أفكارا يدونونها لرفعها إلى أعضاء «الخماسية» في ضوء المفاوضات الممهدة لتحقيق هدنة غزة وهدأة الجبهة الجنوبية.
واستغربت الدائرة الإعلامية في حزب «القوات اللبنانية»، في بيان، «الأخبار المعروفة المصدر عن ان الخماسية تراهن على القيادات المارونية لإحداث خرق رئاسي»، مشيرة إلى أن «الرهان يجب أن يكون على تغيير موقف الممانعة».
وتقابل ذلك، تفاعلات كلمة رئيس «التيار الوطني الحر» جبران باسيل، في العشاء السنوي للتيار، خصوصا دعوته بكركي لجمع القوى المسيحية والتي تلقفتها بكركي، حيث رعت المؤتمر الوطني الماروني بالتعاون مع الرابطة المارونية و«تجمع موارنة من أجل لبنان» و«المؤتمر المسيحي الدائم» في جبيل.
واستتباعا لحديثه عن تفاهم مار مخايل، قال باسيل في لقاء نظمه «التيار الوطني الحر» بعنوان «من جيل لجيل» أمس الأول: «لا يفكر أحد أننا نندم عليه، وفي أي ساعة يعود الحزب إلى التفاهم نعود اليه. التفاهم أعطانا 15 سنة استقرار في البلد، وفي وقت كانت هناك نية لعزل الحزب جاء التفاهم فنسجنا الشراكة وأدى إلى إرساء الاستقرار». وأضاف «خسرنا شعبيا جراء التفاهم لأن تسويق حزب الله في الشارع اللبناني صعب خصوصا لدى الشباب، ورغم ذلك قمنا بالتضحية بشعبيتنا مقابل الاستقرار، ولكن عندما وصلنا إلى مكان الحزب لم يعد يسير معنا بالشراكة ابتعدنا، من هنا نقول: إذا عدتم عدنا، أي اذا عاد حزب الله إلى الشراكة نعود».
وعن الوضع السياسي، قال البطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي في عظة قداس الاحد في بكركي «إن مكمن الأزمة السياسية عندنا مخالفة الدستور الذي هو مقدس في العالم كله أي لا يمس»، لافتا إلى أن الدستور هو فخر الأوطان وملجأ المواطن.
وسأل: كيف يمكن مخالفة الدستور وعدم انتخاب رئيس؟ مشيرا إلى أن بانتخابه تعود الثقة في لبنان ومؤسساته.