- المذكور: كيف يسعد المسلم ويطلب من الله أن يستجيب دعاءه دون أن يعطيه حقه ؟
من المؤسف أن بعض المسلمين يصومون شهر رمضان ولكنهم لا يصلون وعندما تسألهم لماذا لا تصلون؟ يقولون إن الصيام شيء والصلاة شيء آخر، مع أن الصلاة عماد الدين حيث يقول النبي صلى الله عليه وسلم: «الصلاة عماد الدين من أقامها فقد أقام الدين ومن تركها فقد هدم الدين»، فما رأي علماء الشرع فيمن يصومون ولا يصلون؟ هذا ما يوضحه لنا بالتفصيل د. خالد المذكور.
يقول د. خالد المذكور: مفسرا ذلك بقوله: تارك الصلاة إما أن يكون جاحدا لها وينكرها ولا يقربها، وإما أنه يقر بها ولا يجحدها ولكنها يتركها إهمالا وانشغالا أو تكاسلا. فإن كان تارك الصلاة جاحدا لها، تاركا لها عمدا وهو لا يجهل حكمها فهو كافر مرتد، قال الإمام النووي: إذا ترك الصلاة جاحدا لوجودها فهو مرتد بإجماع المسلمين (المجموع) وقد اتفقت المذاهب الفقهية على ذلك.
أما عن حكم الإنسان الذي لا يصلي فيوضح د.المذكور بأن له أن يستتاب فيطلب منه أن يتوب ويعود إلى أداء الصلاة، وإلا يقتل كافرا، فلا يصلى عليه ولا يدفن في مقابر المسلمين. وأما إن ترك الصلاة تهاونا وتكاسلا فقد اختلف الفقهاء في ذلك، فذهب الحنفية والمالكية والشافعية ورواية عن أحمد بن حنبل، وأكثر السلف والفقهاء انه لا يعتبر كافرا وإنما هو عاص وفاسق فيطلب منه ان يصلي ويحبس ثلاثة أيام ويدعى إلى الصلاة في كل فرض فإن صلى وإلا قتل، لكن أبا حنيفة يقول: لا يقتل ولكن يحبس حتى يموت لقوله صلى الله عليه وسلم: «أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا لا إله إلا الله فإن قالوها عصموا مني دماءهم وأموالهم إلا بحقها» (متفق عليه) وتارك الصلاة تكاسلا لا يشهد أن لا إله إلا الله، فدمه معصوم إلا بحقه فيما يوجب القتل من الردة والقتل العمد، والزاني المحصن.
واضاف د.المذكور: وقد استدل من قال انه كافر ويقتل كفرا بأحاديث منها ما رواه جابر بن عبدالله رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم انه قال: «إن بين الرجل وبين الشرك والكفر ترك الصلاة» رواه مسلم، وما رواه بريدة رضي الله عنه ان النبي صلى الله عليه وسلم قال: «من تركها فقد كفر» (الترمذي).
يقتل حداً لا كفراً
وذكر د.المذكور بعض الاحاديث التي يستدل بها على أن تارك الصلاة يقتل حدا لا كفرا منها، ما رواه عبادة بن الصامت قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «خمس صلوات كتبهن الله على العباد فمن جاء بهن لم يضيع منهن شيئا استخفافا بحقهن كان له عند الله عهد أن يدخله الجنة، ومن لم يأت بهن فليس له عند الله عهد إن شاء عذبه وإن شاء أدخله الجنة» (ابو داود) فلو كان كافرا لم يدخل تحت المشيئة.
أعذار واهية
ولفت د. المذكور إلى أنه إذا كان تارك الصلاة لا ينكرها أو يجحدها بدليل أنهم ،ولو سئل أحدهم عن حكم الصلاة لم ينكر وجوبها ويتعلل بكثير من الاعذار لنفسه، مع أن هذا لا يعذر فهو خطر عظيم في الدنيا والآخرة لتهاونه في الصلاة وقد يفسد سائر عمله يوم الدين، قال صلى الله عليه وسلم: «أول ما يحاسب عليه العبد يوم القيامة الصلاة، فإن صلحت فقد أفلح ونجح وإن فسدت فقد خاب وخسر» (الترمذي وحسنه). ولكن الله عز وجل لا يضيع أجر عمل أحسنه، بل له عند الله بقدر عمله له مثوبة ما أدى، وعليه وزر ما فرط، قال تعالى: (وكل صغير وكبير مستطر) (القمر: 53)، (فمن يعمل مثقال ذرة خيرا يره ومن يعمل مثقال ذرة شرا يره) (الزلزلة: 7 - 8) وقال صلى الله عليه وسلم: «بين العبد وبين الكفر ترك الصلاة» فالمسلم مطالب بأن يؤدي العبادات كلها فإذا كان الصيام وكان من الانحراف فإن الصلاة ضرورة من ضرورات وجود المسلم وهي التي تميزه عن الكافر فالواجب علينا ونحن في شهر الصيام أن نصحح من اخطائنا وزلاتنا وأن نتقرب إلى الله عز وجل بالطاعات ونحرص على أداء فرائضه لنعيش آمنين مطمئنين وحتى يتقبل الله منا الصيام لأنه كيف يسعد الانسان ويشعر بطعم الصيام دون أن يؤدي فريضة الصلاة؟
وزاد: فمن المؤسف حقا ان يبتعد البعض عن الله فلا يؤدي فريضة الصلاة ويتظاهر أمام الناس فقط بالإمساك عن الطعام والشراب بصوم رمضان ويتحدث أمام الناس وكأنه قد أدى ما عليه من حقوق الله، فإذا اردنا السعادة الحقيقية فلن نجدها إلا بالصلح مع الله والصلح مع الله لا يكون إلا يوم نخلص له ونؤدي فرائضه بأمانة وصدق ولا نكتفي بواحدة دون الأخرى.