- الشطي: يستغلون تعاطف الناس في الشهر الكريم فلا تأخذكم العاطفة والرأفة بهم
- المري: علينا عدم تقديم المال لهم وإرشادهم إلى بيت الزكاة لو كانوا فعلاً محتاجين
- الحيدر: لا يعقل في الكويت أن يكون هناك متسول ولا بد من البحث والتدقيق عنهم
ظاهرة تشوه صورة الإسلام تنشط مع قدوم الشهر المبارك وهي تتدفق أعداد المتسولين، فتارة يطرقون أبواب المنازل، وتارة يقفون عند إشارات المرور بحجة البيع، والأسوأ أنهم يجعلون أطفالهم يقومون بهذه المهمة مما يعطي صورة غير حضارية في المجتمع الكويتي، ورغم وجود قانون يجرم التسول إلا أن الظاهرة مستمرة خاصة في المواسم، فنراها تبدأ قبل رمضان وتستمر خلال شهر رمضان.. فما الأسباب؟ وما العلاج الذي قدمه الإسلام لهذه المشكلة؟
كيف عالج الإسلام مشكلة التسول؟ يقول د.بسام الشطي: يغرس الإسلام في نفس المسلم كراهة السؤال للناس تربية له على عزة النفس والترفع عن الدنايا، وإن رسول الله ليضع ذلك في صف المبادئ التي يبايع عليها صحابته ويخصها بالذكر ضمن أركان البيعة، حين قال قائل: يا رسول الله إنا قد بايعناك فعلام نبايعك؟ قال: أن تعبدوا الله ولا تُشركوا به شيئا وتصلوا الصلوات الخمس، وتسمعوا وتطيعوا، وأسر كلمة خفية، قال: ولا تسألوا الناس شيئا».
ظاهرة غير حضارية
وذكر د.الشطي أدلة حرمة التسول بكل أشكاله، منها قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ما يزال الرجل يسأل الناس حتى يأتي يوم القيامة ليس في وجهه مزعة لحم، وقال: من سأل الناس أموالهم تكثرا فإنما يسأل جمرا، فليستقل أو ليستكثر».
وقال صلى الله عليه وسلم: «والذي نفسي بيده لأن يأخذ أحدكم حبله فيحتطب على ظهره ليتصدق به على الناس خير له من أن يأتي رجلا فيسأله أعطاه أو منعه». وعن واجبنا تجاه هؤلاء المتسولين الأطفال المدفوعين من أهاليهم، قال د.الشطي: يجب الأخذ على أيديهم ومنعهم من التسول وألا تأخذنا العاطفة والرأفة والشفقة بأولئك المتسولين، وعلينا التصدي لتلك الظاهرة والقضاء عليها، وهناك جمعيات خيرية ومبرات ومؤسسات خيرية منتشرة بحمد الله في جميع أنحاء الكويت تأخذ بيد المحتاج وتعينه على حياته.
وزاد: وقد علمنا الرسول صلى الله عليه وسلم مبدأين مهمين، المبدأ الأول أن العمل هو أساس الكسب وعلى المسلم أن يمشي في مناكب الأرض ويبتغي من فضل الله، والمبدأ الثاني أن الأصل في سؤال الناس وتكففهم هو الحرمة لما في ذلك من تعريض النفس للهوان والمذلة.
ويرى د.الشطي أن العلاج العلمي يتمثل في تهيئة توفير العمل المناسب لكل عاطل قادر على العمل، وهذا واجب الدولة الإسلامية نحو أبنائها، أما إذا كان هؤلاء الأطفال يتسولون لعجز عائلتهم عن العمل فهذا يعطي من الزكاة ما يغنيه رحمة بعجزه، كما ان الزكاة لو فهمت كما شرعها الإسلام وجمعت من حيث أمر الإسلام ووزعت حيث فرض الإسلام أن توزع لكانت أنجح وسيلة في قطع دابر التسول والمتسولين.
غير محتاجين
ويؤكد الباحث الشرعي حمد المري أن التسول ظاهرة مذمومة اجتماعيا، لأنها تريق ماء وجه السائل وتهدر كرامته أمام الآخرين بتوسله لهم أن يعطوه بعض النقود، وحذر رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم من قبح هذه الظاهرة بقوله: «ما يزال الرجل يسأل الناس حتى يأتي يوم القيامة ليس في «وجهه مزعة لحم»، وقال أيضا صلى الله عليه وسلم: «لو يعلم صاحب المسألة ما فيها ما ،فجميع الأنبياء كانوا يأكلون من صنعة يدهم، وكان من الصحابة رضي الله عنهم من هو شديد الفقر، لا يجد قوت يومه، ومع ذلك لم يتسولوا بل صبروا، وكانوا يجلسون في المسجد لعل أحدا يدعوهم للأكل، أو يرسل عليهم ولو عذق رطب، أو يستخدمهم لعمل ما مقابل سد جوعهم.
ظاهرة التسول في وقتنا الحالي انتشرت انتشارا كبيرا، وتنوعت وسائلها، من التسول في الأسواق، وعند المساجد، وإشارات المرور، إلى استخدام قنوات التواصل الاجتماعي، وتنشط كثيرا في المناسبات الإسلامية، كشهر رمضان، كون الناس يسارعون في عمل الطاعات، كصلاة التراويح والقيام، وقراءة القرآن، والتصدق، اتباعا لسنة نبينا محمد صلى الله عليه وسلم، الذين قال عنه ابن عباس رضي الله عنه: «أنه صلى الله عليه وسلم أجود الناس بالخير، وكان أجود ما يكون في شهر رمضان، إن جبريل عليه السلام كان يلقاه في كل سنة في رمضان حتى ينسلخ، فيعرض عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم القرآن، فإذا لقيه جبريل كان صلى الله عليه وسلم أجود بالخير من الريح المرسلة». ولهذا يلجأ الكثير من ضعفاء النفوس الى امتهان التسول كمهنة لكسب المال بسهولة ويسر، مستغلين هذا الشهر الفضيل، حتى ان البعض يزج بأطفاله في الأسواق، وعند إشارات المرور، وعند المساجد، حتى يكسبوا تعاطف الناس، وهذه الظاهرة ذميمة، فيها قتل لروح الطفولة، وتعويد لهم على امتهان التسول وعدم البحث عن العمل بعد أن يكبروا ويصبحوا قادرين على العمل.
هناك من هم فعلا محتاجون للمساعدات المالية، كونهم يتعرضون لأزمات مالية مؤقتة، وهم عدد قليل من الوافدين، لأننا ولله الحمد نعيش في دولة تتكفل بمواطنيها منذ ولادتهم الى مماتهم، كما ان الوافد يقدم الى البلاد وفق عقد عمل، وإذا تعرض لأزمة مالية فإن هناك الكثير من اللجان الخيرية المتخصصة في تقديم المساعدات للأسر المحتاجة، بعد أن تقوم بدراسة حالتهم الاجتماعية والمالية والتأكد من حاجتهم، فلا يحتاج الى التسول.
لذا علينا المساهمة في محاربة ظاهرة التسول، بعدم تقديم المال للمتسولين، وإرشادهم إذا كانوا فعلا محتاجين إلى بيت الزكاة، واللجان الخيرية، كما يجب على الجهات المختصة معاقبة كل من يزج بأطفاله للتسول.
بيت الزكاة
من جهته، قال الباحث الشرعي عبدالله الحيدر: من العجيب اليوم أصبح التسول صناعة واحترافا ودقة وتجارب تراكمية، والسبب عدم دقة البحث الاجتماعي بالكويت، بل ربما هناك ضعف واضح في دقة بحث الحالات، وطبعا بل بشكل واضح اللوم ليس على الجهات الخيرية الأهلية بل اللوم يقع على الجهات الحكومية وبالأخص بيت الزكاة، هذا الصرح الخيري وهو لديه إمكانات تفوق كل الجمعيات الخيرية بل عمر بيت الزكاة يتجاوز 40 سنة في بقعة أرض محدودة ومحافظات معروفة وسهل جدا جدا التدقيق والبحث (المحترف)، لكن الواقع هي طريقة فيما يبدو لدراسة الحالات بسيطة وتعتمد على البيانات دون التمحيص القوي والمتابعة المستمرة.
ولا يعقل في الكويت يكون هناك أي متسول لو فعلت الأنظمة البشرية ان صح التعبير والأنظمة الآلية.
ان موضوع التسول يجب أن ينتهي بإخلاص المؤسسات الخيرية وفهم الواقع ومواجهة كل التحديات.