تحتفل الكويت بالذكرى الـ 20 لإعلانها من قبل الولايات المتحدة حليفا استراتيجيا من خارج الناتو باعتبار الدولتين تتشاركان مبادئ وقيما عالمية تدعو لحفظ السلام والاستقرار في العالم وتقديم المساعدات الإنسانية لدول العالم.
وتلك الصفة التي اكتسبتها الكويت في 1 ابريل 2004 من قبل الولايات المتحدة عززت العلاقات الثنائية الوثيقة وجاءت تتويجا لعلاقات قديمة تعود إلى عام 1951 عندما افتتحت الولايات المتحدة اول قنصلية في العاصمة الكويت.
واعتبار الكويت حليفا استراتيجيا للولايات المتحدة يعني أنه بإمكانها الحصول على ما تسعى لحيازته من التكنولوجيا الحديثة عسكريا اضافة إلى كونه يشمل جوانب اقتصادية وعلمية أخرى مثل حصولها على صفة مميزة وتفضيل كبير وشراكة دائمة مع الولايات المتحدة.
وتتميز العلاقات الكويتية -الأميركية بالتاريخية وبدأت مطلع القرن الـ 19 وشهدت تطورا خلال العقود الماضية ولاسيما من خلال مجموعات العمل الأساسية الست في الحوار الاستراتيجي وهي التعاون الدفاعي والأمني والتعليمي والاقتصادي والقنصلي والجمارك وأمن الحدود فضلا عن التعاون في القضايا العالمية.
وأصبحت الكويت حليفا استراتيجيا وشريكا أساسيا للولايات المتحدة بفضل جهودها في تعزيز الامن والاستقرار وخفض التصعيد في منطقة الشرق الأوسط لاسيما قيامها بدور الوساطة وتقريب وجهات النظر في عدد من الازمات الاقليمية والعالمية.
وعن التحالف الاستراتيجي بين البلدين، قالت القائم بأعمال رئيس قسم العلوم السياسية في جامعة الكويت د. هيلة المكيمي لوكالة الانباء الكويتية (كونا) ان العلاقات الكويتية -الأميركية مرت بمراحل تاريخية طويلة وممتدة يمكن تصنيفها بخمس مراحل رئيسية.
وأضافت ان أولى تلك المراحل هي مرحلة الوجود المبكر والعلاقات المبكرة حيث تعود هذه العلاقات إلى فترة مبكرة مبينة ان من الأمثلة عليها المستشفى الامريكاني الذي كان يعتبر معلما مهما لمرحلة ما قبل استقلال الكويت وانشاء القنصلية الأميركية في الكويت عام 1951.
وأوضحت ان المرحلة الثانية هي مرحلة بدء العلاقات الديبلوماسية في 1961 مبينة انه بعد استقلال الكويت تحولت القنصلية إلى سفارة اعترافا من الولايات المتحدة بالكويت كدولة مستقلة تتمتع بجميع حقوق السيادة على أراضيها، وبالتالي كانت الولايات المتحدة مبادرة وبشكل سريع بهذا الاعتراف ودعم الكويت في مواجهة الادعاءات العراقية آنذاك وهو ما يعتبر مرحلة مهمة في تاريخ العلاقات الثنائية.
وأفادت المكيمي بان المرحلة الثالثة هي مرحلة العلاقة الاستراتيجية التي ظهرت على اثر الحرب العراقية -الإيرانية، حيث طلبت الكويت من الولايات المتحدة في عام 1986 ان تضع اعلامها على الناقلات الكويتية لضمان نقل نفطها للعالم وتكون الناقلات تحت حماية دولة كبرى.
وقالت ان المرحلة الرابعة هي مرحلة تعزيز العلاقة الاستراتيجية بصورة كبيرة وتمثلت في حرب تحرير الكويت، مضيفة ان الكويتيين يدركون اهمية الدور الأميركي في تحرير الكويت من براثن الغزو العراقي في 1991 حيث شكل ذلك علاقة مفصلية بين البلدين.
وبينت ان المرحلة الخامسة هي مرحلة تتويج العلاقة الأميركية -الكويتية في عام 2004 وتمثلت في اعلان الكويت حليفا استراتيجيا للولايات المتحدة من خارج حلف الناتو، مضيفة ان هذا التتويج جاء بعد زيارة الأمير الراحل الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح، طيب الله ثراه للولايات المتحدة الأميركية.
وأضافت المكيمي ان الولايات المتحدة الأميركية لاتزال تشكل أهم الوجهات السياحية للكويتيين والوجهة الأولى لدراستهم، مبينة ان العلاقات الكويتية -الأميركية تتسم بانها ذات بعدين رسمي وشعبي.
وأوضحت ان وصول الكويت لهذه المكانة ليس بالأمر البسيط، فهناك عدد محدود من الدول تمكنت من كسب هذه الصفة وهي انضمامها لأحد اهم الاحلاف العسكرية بقيادة الولايات المتحدة الأميركية، مبينة ان ذلك يعكس عدة أمور منها دور الكويت المحوري في حفظ السلم والامن الإقليمي والعالمي والجهود المشتركة والتنسيق المعلوماتي بين الطرفين.
ولفتت إلى ان هذه الصفة التي اكتسبتها الكويت تمنحها معاملة مميزة في موضوع التعاون العسكري والحصول على كل ما يخص الجانب العسكري من عتاد، مبينة ان الكويت لاتزال تراهن على مثل هذه الشراكات الدولية خصوصا ان منطقتها هي منطقة مضطربة وغير مستقرة وتحتاج إلى دور دولي يسهم في تعزيز الامن فيها.
وأشارت إلى وجود جانب مهم في موضوع الحلف العسكري خصوصا في تعامل الكويت مع ما يتعلق بالامن العالمي، فالكويت مرتبطة بشكل كبير بالقانون الدولي وكونها مرت بتجربة غزو وتحرير من قبل الأمم المتحدة وترسيم حدود وإيداعها في الأمم المتحدة فكل ذلك اسهم في رسم سياسة الكويت الخارجية وركائزها العامة.
وقالت المكيمي ان حصول الكويت على هذه الصفة يعزز من دورها الدولي في حفظ السلام والامن فضلا عن البعد الإنساني والاغاثي لها لاسيما انها صارت تعتبر منذ عام 2004 مركز إغاثة عالميا وهو ما عزز من دورها كدولة داعية للسلام العالمي.
وذكرت ان الكويت احتضنت العديد من المبادرات المتعلقة بدعم السلام وإعادة الاعمار كالمؤتمرات الخاصة بسورية التي نظمتها بطلب من الأمم المتحدة اضافة إلى استضافة مؤتمر إعادة الاعمار في العراق.
وأفادت بان «الكويت عندما تشعر بالأمن خصوصا من قبل الحلفاء فان ذلك لايؤدي إلى تغول القوة والافراط في استخدامها بل على العكس فانه يساهم في تهذيب النظام الإقليمي وتعزيز ادبيات القانون الدولي وتعزيز جهود الإغاثة والدعم الإنساني».
من جهته، قال أستاذ العلوم السياسية في جامعة الكويت د.عبدالله الشايجي ان اعلان الكويت حليفا استراتيجيا من خارج حلف الناتو يعتبر امرا مهما وترقية للعلاقة بين الكويت والولايات المتحدة الأميركية.
وأضاف ان هذه الصفة مهمة جدا لأن الولايات المتحدة تعامل الدول التي تسميها حليفا رئيسيا معاملة خاصة، مبينا ان عدد الدول الحليفة الرئيسية للولايات المتحدة من خارج حلف الناتو 18 فيما يبلغ عدد الدول الأعضاء في حلف الناتو 32 دولة.
وأوضح ان هذا التصنيف بدأ في أيام الرئيس الأميركي رونالد ريغان في عام 1987 واستمر حتى الرئيس جو بايدن الذي اعلن انضمام قطر وكولومبيا في عام 2022 كحليفين استراتيجيين، مبينا ان مصر كانت اول دولة عربية تعلنها الولايات المتحدة بهذه الصفة وذلك في عام 1987 فيما كانت البحرين اول دولة خليجية وذلك عام 2002.
وأفاد بأن هناك ثلاث دول خليجية اكتسبت صفة حليف استراتيجي للولايات المتحدة من خارج الناتو وهي البحرين والكويت وقطر، معتبرا ذلك صفة مميزة لما فيها من تبادل المعلومات الامنية والتدريب للقوات المسلحة والتزويد بالأسلحة والمشاركة بالمعلومات الأمنية والاستخباراتية.
وقال الشايجي ان هذه الصفة جعلت للكويت ميزة مهمة، فأصبح للكويت حوار استراتيجي تضمن خمس جولات خلال السنوات الخمس او الست الماضية وهو ما يعني ان العلاقة بين البلدين في ارفع مستوياتها.