توعدت طهران بالرد على القصف الاسرائيلي لقنصليتها في دمشق، فيما استمرت ردود الأفعال المنددة بانتهاك سيادة الدولتين المضيفة سورية، وصاحبة القنصلية المستهدفة ايران، وسط مخاوف من أن يكون الاستهداف الخطر والأول من نوعه لبعثة ديبلوماسية هو محاولة من إسرائيل لجر المنطقة لحرب أوسع في ظل إخفاق حربها على غزة في تحقيق أهدافها من تحرير المحتجزين والقضاء على حركة «حماس».
وقالت طهران إنها وجهت «رسالة مهمة» إلى الولايات المتحدة إثر استهداف قنصليتها. ونقلت هذه الرسالة، التي لم يتم الكشف عن مضمونها، إلى «مسؤول في السفارة السويسرية»، التي تمثل المصالح الأميركية في إيران، وذلك خلال استدعائه إلى وزارة الخارجية، حسبما أشار وزير الخارجية الإيرانية حسين أمير عبداللهيان.
وقال عبر موقع «إكس»: «أرسلت رسالة مهمة إلى الحكومة الأميركية باعتبارها شريكة للنظام الصهيوني. يجب أن تتحمل أميركا المسؤولية».
وأعلن بيان صادر عن المجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني، بعد اجتماع عقد مساء أمس الأول بحضور الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي، اتخاذ «القرارات اللازمة»، من دون تقديم تفاصيل.
دعوة لاجتماع مجلس الأمن
من جهتها، دعت البعثة الإيرانية لدى الأمم المتحدة في رسالة، إلى «اجتماع طارئ» لمجلس الأمن الدولي من أجل «إدانة هذا العمل الإجرامي وغير المبرر، وهذا الهجوم الإرهابي الذي ارتكبه النظام الإسرائيلي، بأشد العبارات الممكنة».
وشدد رئيسي على أن الاعتداء الإسرائيلي «لن يمر من دون رد».
وأكد خلال جلسة المجلس الأعلى للأمن، أن «الاعتداء الوحشي الإسرائيلي على القنصلية الإيرانية هو جريمة إرهابية جديدة وانتهاك للقرارات الدولية»، مشيرا إلى أن «الكيان الصهيوني يلجأ إلى الاغتيالات الجبانة نتيجة انهزامه وفشله أمام عزم مجاهدي جبهة المقاومة». واعتبر أن قياديي الحرس الثوري اللذين قتلا في الهجوم «محمد رضا زاهدي ومحمد هادي حاجي رحيمي كانا بطلين ووجودهما في سورية كان بصفة مستشار أعلى».
وتوجه في حديثه إلى الكيان الإسرائيلي قائلا: «فليعلموا أنهم لن يحققوا أهدافهم، وجريمة الاعتداء على القنصلية بدمشق لن تمر من دون رد».
وارتفع عدد قتلى القصف الجوي الإسرائيلي لمقر القنصلية الإيرانية في منطقة المزة بدمشق، إلى 13 قتيلا بينهم قياديان وضباط بالحرس الثوري، في ظل تصاعد التوتر الإقليمي.
وذكر المرصد السوري لحقوق الإنسان، من جهته، أن «صواريخ إسرائيلية دمرت بناء ملحقا بالسفارة الإيرانية على أوتوستراد المزة بالعاصمة دمشق».
وقال إن «عدد القتلى 11، منهم 8 إيرانيين بينهم 7 قياديين في الحرس الثوري، وعناصر حراسة هما سوريان ولبناني واحد، جميعهم مقاتلون وليس بينهم أي مدني».
وذكر المرصد ان 21 ضابطا من الحرس الثوري الإيراني قتلوا بضربات إسرائيلية على سورية منذ بداية العام.
وكانت قد قصفت طائرات إسرائيلية من المرجح أنها من طراز «إف 35» مبنى القنصلية الإيرانية المكون من أربعة طوابق والملاصق للسفارة الإيرانية في دمشق بعدة صواريخ، مما أدى الى تدميره بالكامل ومقتل عدد من قادة وضباط فيلق القدس ومساعديهم من بينهم العميد حرس محمد رضا زاهدي، قائد عمليات بلاد الشام (سورية ولبنان) في فيلق القدس. أو ما يطلق عليه «سباه سورية» والتي تعني باللغة الفارسية قائد فيلق القدس في سورية.
وأوضح بيان العلاقات العامة للحرس الثوري، أن الاستهداف الصاروخي أودى بحياة خمسة آخرين من مستشاري وضباط زاهدي ورحيمي، وهم: حسين أمان اللهي، سيد مهدي جلادتي، المهندس محسن صدقات، علي آغا بابايي، سيد علي صالحي روزبهاني.
وقد أدانت المملكة العربية السعودية استهداف مبنى القنصلية الإيرانية.
وأكدت وزارة الخارجية السعودية، في بيان، رفض المملكة القاطع لاستهداف المنشآت الديبلوماسية لأي مبرر كان وتحت أي ذريعة والذي يعد انتهاكا للقوانين الديبلوماسية الدولية وقواعد الحصانة الديبلوماسية.
وجاء في بيان وزارة الخارجية السعودية «تعرب وزارة الخارجية عن إدانة المملكة العربية السعودية لاستهداف مبنى القنصلية الإيرانية في العاصمة السورية دمشق، معبرة عن رفض المملكة القاطع استهداف المنشآت الديبلوماسية لأي مبرر كان، وتحت أي ذريعة، والذي يعد انتهاكا للقوانين الديبلوماسية الدولية وقواعد الحصانة الديبلوماسية».
كما أدانت الإمارات العربية المتحدة الاعتداء الإسرائيلي الإرهابي.
ونقلت وكالة الأنباء الإماراتية (وام) عن بيان صادر عن وزارة الخارجية قوله: إن الإمارات العربية المتحدة تدين استهداف البعثة الديبلوماسية الإيرانية في العاصمة السورية دمشق.
من جهته، أعرب الأمين العام لمجلس التعاون لدول الخليج العربية جاسم البديوي عن إدانته واستنكاره.
وأكد في بيان أهمية الالتزام بالقوانين والمعاهدات والحصانات الديبلوماسية الدولية الداعية لحماية وصون البعثات الديبلوماسية والقنصلية.
وأعربت الولايات المتحدة عن قلقها ازاء التصعيد في منطقة الشرق الأوسط. وقالت المتحدثة باسم البيت الأبيض كارين جون بيير للصحافيين إن «الإدارة الأميركية على علم بالتقارير حول الهجوم وفريقنا يبحث في الأمر.. لكنني لن اذهب إلى ابعد من ذلك».
الحرب بالوكالة
وتناولت وسائل الإعلام العالمية الهجوم، ولفتت صحيفة «واشنطن بوست» الأميركية، إلى أن هذا الهجوم يختلف عن الغارات الإسرائيلية السابقة في سورية، سواء من حيث موقعه أو من حيث أهمية الهجمات، مبينة أن المجمعات الديبلوماسية كانت تقع تقليديا بعيدا عن مناطق القتال.
واعتبر موقع «اكسيوس» الأميركي، أن «هذه ضربة كبيرة لإيران، ومن المرجح أن يؤدي الحادث إلى تصعيد حرب الظل بين إيران وإسرائيل التي اشتدت في السنوات الأخيرة»، بينما رأت هيئة الإذاعة البريطانية أن هذه الضربة قد تؤدي إلى «رد فعل إيراني من خلال وكلاء»، معتبرة أنه «سيتعين على إيران معايرة ردها بعناية بينما تسعى جاهدة لمواصلة صراعها مع إسرائيل من خلال وكلائها الإقليميين دون الانزلاق إلى حرب شاملة».
وأشارت صحيفة «الغارديان» البريطانية، إلى أن «أهمية الحادث على المدى الطويل تكمن في اعتبار إيران للغارة الجوية هجوما على الأراضي الإيرانية، وهو ما قد يمثل تصعيدا»، مشيرة إلى أنه «من المرجح أن تراقب طهران عن كثب الرد الأميركي وتراقب أي علامات على موافقة الرئيس جو بايدن على الهجوم أو إذا تم إخطاره ببساطة عندما بدأ».
وقالت وزارة الدفاع السورية ان الهجوم أدى إلى تدمير البناء بكامله ومقتل وإصابة كل من بداخله. وندد وزير الخارجية السوري فيصل المقداد بشدة بالضربة الإسرائيلية بعد تفقده الموقع.
وقال في بيان نقلته وكالة «سانا» أمس الأول «ندين بقوة هذا الاعتداء الإرهابي الشنيع الذي استهدف مبنى القنصلية الإيرانية بدمشق وأدى إلى استشهاد عدد من الأبرياء»، مضيفا أن «كيان الاحتلال الإسرائيلي لن يستطيع التأثير على العلاقات التي تربط بين إيران وسورية».
ونددت وزارة الخارجية الروسية بالهجوم «غير المقبول»، محملة الجيش الإسرائيلي مسؤولية الضربة.
وأدانت بكين الهجوم، مذكرة بحرمة المباني الديبلوماسية.
وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية وانغ وينبين «الصين تدين هذا الهجوم»، مضيفا أنه «لا يمكن انتهاك أمن المؤسسات الديبلوماسية ويجب احترام سيادة سورية واستقلالها وسلامة أراضيها».