يوما بعد يوم يتكشف حجم الدمار الذي خلفه الجيش الاسرائيلي في مدينة خان يونس قبل انسحابه ما يعكس صورة الوضع في كامل قطاع غزة، الذي تتعلق فيه آمال الغزيين بالجهود الديبلوماسية للتوصل لاتفاق يوقف إطلاق النار ويعطيهم فسحة لالتقاط انفساهم واحصاء خسائرهم والبحث عن مفقوديهم ودفن جثامين قتلاهم.
فقد نقلت وكالة «أسوشيتد برس» عن خبراء في تتبع الدمار بواسطة الأقمار الصناعية أن نحو 45 ألف مبنى في منطقة خان يونس قد دمرت أو تضررت.
وأفادت وكالة «وفا» ان مواطنين ومسعفين انتشلوا نحو 84 جثمانا في خان يونس، غالبيتها متحللة وتم نقل عدد من الجثث إلى مستشفى أبو يوسف النجار.
وقد شيع أهالي المدينة عشرات الجثث التي انتشلت بعد انسحاب القوات الاسرائيلية، وأكدوا أن أبناءهم تغيبوا عن منازلهم منذ أكثر من شهر، ليجدوا جثثهم بعد انسحاب القوات الاسرائيلية من المنطقة.
وقالت امرأة بين آلاف العائدين للمدينة «لا ماء ولا كهرباء، ولا أعمدة ولا جدران ولا أبواب، لم يبق شيء. غزة لم تعد غزة، إنها خراب».
عشرات الجثث
في موازاة ذلك، لم تتوقف الغارات على مختلف مناطق قطاع غزة، التي سقط فيها قتلى وجرحى، بينما تواصل فصائل المقاومة الفلسطينية استهداف وحدات عسكرية قتالية اسرائيلية.
وقال المتحدث الرسمي باسم وزارة الصحة في قطاع غزة أشرف القدرة إن حجم القتل والدمار الذي تسببت فيه قوات الاحتلال الإسرائيلي في قطاع غزة هائل ويفوق الوصف وحتى الخيال.
وأضاف القدرة في مقابلة مع الجزيرة أن 90% من المباني والمنشآت والأبراج السكنية والمنازل في القطاع مسح بشكل كامل.
وأعلنت وزارة الصحة في قطاع غزة أنه وصل إلى المستشفيات 32 شهيدا، و47 مصابا، بينما لايزال عدد من الضحايا تحت الركام وفي الطرقات.
وبذلك يرتفع عدد ضحايا الحرب «إلى 33 ألفا و207 شهداء، و75 ألفا و933 جريحا» بحسب الوزارة.
ونقلت قناة «الجزيرة» عن الطواقم الطبية أنها انتشلت 381 جثة لضحايا بمحيط مجمع الشفاء الطبي بغزة منذ انسحاب القوات الإسرائيلية منه.
وقد أعلن الجيش الإسرائيلي أمس القضاء على رئيس لجنة الطوارئ الحكومية التابعة لحركة المقاومة الإسلامية (حماس) وسط قطاع غزة.
وقال الناطق باسم الجيش للإعلام العربي أفيخاي أدرعي في بيان عبر منصة «إكس» إن طائرات حربية تابعة لسلاح الجو أغارت وقضت بتوجيه استخباراتي من هيئة الاستخبارات العسكرية مساء الاثنين على حاتم الغمري رئيس لجنة الطوارئ في مخيمات الوسطى.
من جهته، أدان المكتب الإعلامي الحكومي بغزة في بيان مقتل الغمري، معتبرا أن «اغتيال الغمري جريمة حرب منافية للقوانين الدولية التي تمنح الحصانة والحماية للشخصيات المدنية».
مفاوضات الهدنة
سياسيا، تباينت التسريبات بشأن قرب التوصل لصفقة تبادل أسرى بين حركة حماس وإسرائيل، فيما يعرض الوسطاء مقترح صفقة جديدة من 3 مراحل.
وأعلنت حركة حماس أنها تدرس اقتراح الهدنة الذي عرض عليها في محادثات القاهرة ويشمل الإفراج عن رهائن مقابل إطلاق سراح سجناء، في حين أعلن رئيس الوزراء الإسرائيلي «تحديد موعد» لشن هجوم على رفح حيث لجأ 1.5 مليون فلسطيني، هربا من المعارك في أنحاء أخرى من القطاع، وأكدت الولايات المتحدة أنها لاتزال ترفض عملية اسرائيلية واسعة النطاق في رفح.
وطرحت الدول الوسيطة وهي قطر ومصر والولايات المتحدة اقتراحا على ثلاث مراحل، تنص الأولى على هدنة لمدة ستة أسابيع، حسبما أفاد مصدر داخل حماس.
وقالت حماس في بيان أمس إنها «وإذ تقدر الجهود الكبيرة التي بذلها الوسطاء، ومع حرص الحركة على التوصل لاتفاق يضع حدا للعدوان على شعبنا، إلا أن الموقف (الإسرائيلي) مازال متعنتا ولم يستجب لأي من مطالب شعبنا ومقاومتنا، ورغم ذلك فإن قيادة الحركة تدرس المقترح المقدم بكل مسؤولية وطنية، وستبلغ الوسطاء بردها حال الانتهاء من ذلك».
وبالإضافة إلى وقف إطلاق النار لمدة ستة أسابيع، ينص المقترح في البداية على إطلاق سراح 42 رهينة إسرائيلية في مقابل إطلاق سراح 800 إلى 900 فلسطيني تعتقلهم إسرائيل، ودخول 400 إلى 500 شاحنة من المساعدات الغذائية يوميا وعودة النازحين من شمال غزة إلى بلداتهم، بحسب مصدر في حماس.
وقال المتحدث باسم الخارجية القطرية ماجد الأنصاري لهيئة «بي بي سي» إنه أكثر «تفاؤلا» مما كان عليه قبل أيام قليلة، لكن المفاوضات ما زالت بعيدة عن الوصول إلى خط النهاية.
وعلى الرغم من قول وزير الدفاع الإسرائيلي يؤاف غالانت إن التوقيت مناسب لإبرام هدنة، لم يترجم ذلك إلى وقف القصف المدفعي والغارات الجوية على القطاع.
المانيا تدافع عن موقفها
في هذه الأثناء، يستمر السجال في محكمة العدل الدولية، حيث دافعت ألمانيا عن موقفها، ضد اتهامات نيكاراغوا لها بتسهيل ارتكاب اسرائيل «ابادة جماعية» في غزة من خلال استمرار تزويدها بالأسلحة.
وأكدت برلين أمام المحكمة أن أمن إسرائيل وحقها في الوجود هو «في صميم» سياستها الخارجية رافضة بشكل حازم اتهامات ماناغوا.
وقالت المحامية تانيا فون أوسلار-غليشين متحدثة باسم ألمانيا أمام أعلى محكمة للأمم المتحدة إن إسرائيل تمارس حقها في الدفاع عن نفسها أمام هجمات حماس، وان ألمانيا تقدم أسلحة لإسرائيل بناء على الوضع في الأرض، واتهمت نيكاراغوا باتخاذ موقف متحيز، مؤكدة في الوقت نفسه انها دعمت حقوق الشعب الفلسطيني وحل الدولتين إلى جانب أمن إسرائيل.