بيروت - اتحاد درويش
رأى خبير المخاطر المصرفية والباحث في الاقتصاد د.محمد فحيلي «أنه لا تغييرات جذرية طرأت على الأزمة الاقتصادية والمالية التي تجاوزت عامها الرابع».
وقال في حديث لـ«الأنباء»: «لم يحصل أي تقدم على صعيد الإصلاحات بعد مرور عامين على توقيع الاتفاق المبدئي مع صندوق النقد الدولي».
ورأى ان صندوق النقد «يعتبر الاتفاق خطوة أساسية للوصول إلى برنامج إنقاذي، بحسب بيان خبراء بعثة الصندوق بعيد زيارتهم إلى لبنان في مارس الماضي لإجراء مشاورات المادة الرابعة، وتقييم الوضع الاقتصادي الذي بين فيه أن التقدم المحرز بقي محدودا نحو تنفيذ حزمة شاملة من الإصلاحات الاقتصادية التي نص عليها الاتفاق على مستوى الموظفين».
وأشار إلى أنه «لم تحصل أي انعطافة إستراتيجية في المصرف المركزي بعد مغادرة (الحاكم السابق) رياض سلامة التي لاتزال بصماته موجودة في السياسة النقدية، ومعظم التعاميم التي لم يكن المجلس المركزي للمصرف موافقا عليها لاتزال قائمة».
وتناول فحيلي في قراءته للمشهد الاقتصادي والمالي بعد أربع سنوات على الأزمة الجانب المتعلق بالقطاعين العام والخاص واستقرار سعر صرف الدولار.
واعتبر «أن المشاكل الكبيرة التي تراكمت منذ بداية الأزمة، كنا فيها تحت رحمة السلطة السياسية، ومعاناتنا مع الاحتكار والاستنسابية والزبائنية السياسية التي خدمت المستوردين والمحتكرين من خلال دعم دولار الاستيراد على حساب دعم الصناعة الوطنية. وقد حاول القطاع الخاص قدر المستطاع التأقلم مع المتغيرات الاقتصادية ليحافظ على الاستثمار الخاص به، وأظهر قدرة استثنائية على الصمود والتأقلم مع هذه المتغيرات. واليوم يعيش القطاع العام تحت رحمة القطاع الخاص الذي ذهب باتجاه الدولرة بطلب من السلطة السياسية التي استجابت لهذا الأمر.
وخرجت موازنة 2022 بضرائب كبيرة على القطاع الخاص بسبب الدولرة، وجرى رفع سعر الدولار إلى 15 ألفا ثم إلى 45 ألفا. ولاحقا، جرى إبطال المواد التي تشكل عبئا إضافيا على القطاع الخاص في موازنة 2024 من قبل المجلس الدستوري من أجل تخفيف العبء الإضافي عليه، وبات أفضل مما كان عليه في 2020 و2021».
واعتبر أنه «بعدما اعتمدت الدولرة الكاملة في القطاع الخاص لناحية الإيرادات والنفقات، لحق به القطاع العام في هذا الموضوع. وباتت فواتير الكهرباء والمياه والاتصالات والانترنت وغيرها على سعر دولار السوق الموازية.
وعليه، فإن القطاع العام ذاهب إلى تدهور إضافي وإلى استبعاد اقتصادي، بسبب عدم اتخاذه قرارات صحيحة للتأقلم مع المتغيرات الاقتصادية، على الرغم من قراراته المتعلقة بتعديل الرواتب والأجور.
لكن لا تؤخذ في الحسبان مسألة أساسية، أن هذا التعديل لا يمكن أن يصل إلى تحسينها، لأن الدولة لا تتصرف بطريقة تستطيع فيها تحصيل إيرادات كافية لتحسين الرواتب، أي تحسين الظروف المعيشية لموظف الدولة لتعود كما كانت عليه في العامين 2018 و2019، وهذا أمر شبه مستحيل».
وأشار إلى أن تعديل الرواتب «يعني زيادة مبالغ شهرية على رواتب الموظفين، وهذا لا يعني تحسين أحوالهم المعيشية وعلى تقديم خدمات، لذا جاء القرار الأخير الذي ذهب باتجاه رفع الحد الأدنى للأجور إلى 18 مليون ليرة، سخيفا بالمقارنة بما يطالب به الاتحاد العمالي العام وهو 52 مليون ليرة».
واعتبر أن المشهد الاقتصادي «يذهب بشكل عام نحو أغلبية مكونات القطاع الخاص، دون أن يذهب لمصلحة أغلبية مكونات القطاع العام. ويعود ذلك إلى غياب القرارات الصحيحة من قبل السلطة صاحبة الاختصاص. ويلاحظ أن التأثيرات المتصلة بغياب هذه القرارات، جعل الجزء الأكبر من القطاع الخاص يتفادى أن يكون تحت رحمة القطاع العام.
وكان الحل باعتماد اقتصاد الظل، أي التداول النقدي، وهو ما لا تستطيع التعايش معه السلطة السياسية، لأنه يحد من قدرتها في تحصيل الإيرادات وفي اعتماد قراءة موضوعية وواقعية للمشهد الاقتصادي، إذ يحصل الكثير من التبادل التجاري والاقتصادي بعيدا عن أعين السلطات الرقابية».