الأنظار كلها توجهت إلى القاهرة أمس، حيث مفاوضات الربع ساعة الأخيرة للهدنة التي ينشدها أهل قطاع غزة الذين أهلكتهم 7 أشهر من القصف والدمار، فيما تتربص المجاعة التي تضرب شمال القطاع بجنوبه، حيث المخاوف تتصاعد من اجتياح رفح.
ووصل وفد من حركة المقاومة الإسلامية «حماس» إلى القاهرة لاستئناف مباحثات وقف إطلاق النار، بحسب ما أكدت قناة القاهرة الإخبارية التي نقلت عن مصدر مصري رفيع المستوى تأكيده حصول «تقدم ملحوظ»، مشيرة إلى أن الوفد المصري المفاوض «وصل إلى صيغة توافقية حول الكثير من نقاط الخلاف» بين الطرفين.
وكان مصدران مصريان رفيعا المستوى أكدا لوكالة أنباء «شينخوا» الصينية أن حركة حماس استجابت للورقة المصرية بشأن التهدئة في قطاع غزة بعد تقديم ضمانات بإمكانية وقف الحرب في غزة. وكانت حماس أعلنت خلال الأيام الماضية أنها تدرس المقترح الأخير بـ «روح إيجابية»، مع تمسكها بأهم مطالبها في هذه المرحلة، وهو أن تؤسس الهدنة إلى وقف شامل لإطلاق النار يضع حدا للحرب.
ونقلت وكالة الأنباء الفرنسية عن مسؤول في الحركة أن الجولة الأولى من المفاوضات أمس كانت بحضور كل الوفود «القطري والمصري وحتى الأميركي موجود بالمكان»، مضيفا «اذا تطورت الأمور فسيتم إحضار الوفد الإسرائيلي في قاعة منفصلة.. لمحاولة إنجاز الاتفاق».
وأكد أن حماس «تنظر بعقل منفتح للتغيرات في موقف الاحتلال والموقف الأميركي لكن هناك أمور يجب أن يتم إحكامها». وذكر موقع أكسيوس أن رئيس وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية (سي آي إيه) وليام بيرنز وصل مساء أمس الأول إلى القاهرة، ما قد يؤشر إلى أن ساعة القرارات الأساسية قد تكون حانت.
بيد ان هيئة البث الإسرائيلية أكدت نقلا عن مسؤول أن حكومة بنيامين نتنياهو لن ترسل وفدا للقاهرة لمواصلة المفاوضات بشأن صفقة تبادل «قبل وصول رد حماس». وأضاف: لا نريد أن نلتزم بإرسال وفد قبل أن نرى مرونة من حركة حماس.
أما إذاعة الجيش الإسرائيلي فنقلت عن مصدر سياسي قوله إنهم لن يوافقوا على إنهاء الحرب، مضيفا أن الجيش سيدخل رفح سواء تمت الهدنة أم لم تتم. وهذا الموقف سبق وأكده نتنياهو، اذ يشدد على أن الهجوم على رفح ضروري لـ«القضاء» على آخر كتائب حماس، وهدد بالمضي فيه «مع اتفاق أو من دونه»، في إشارة لمباحثات الهدنة.
واعتبر عضو المكتب السياسي لحماس حسام بدران أن تصريحات نتنياهو هدفها «إفشال أي إمكان لعقد اتفاق».
وقبل هذه التطورات تصاعدت الضغوط لاسيما الأميركية على الحركة للقبول بالمقترح الذي اعتبره وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن «سخيا جدا» من قبل إسرائيل. وقال إن «الواقع في هذه اللحظة أن العقبة الوحيدة لوقف إطلاق نار هي حماس».
وقال بلينكن مساء أمس الأول إن إسرائيل لم تقدم «خطة ذات مصداقية لتأمين حماية حقيقية للمدنيين» في رفح، محذرا بأنه «في غياب مثل هذه الخطة، لا يمكننا دعم عملية عسكرية كبيرة في رفح لأن الضرر الذي ستحدثه يتجاوز حدود المقبول».
كذلك حذر المدير العام لمنظمة الصحة العالمية تيدروس أدهانوم غيبرييسوس بأن «عملية عسكرية واسعة النطاق في رفح قد تؤدي إلى حمام دم»، في وقت تعد المنظمة تحسبا لذلك خطة طوارئ «لمواجهة تزايد في أعداد الجرحى والقتلى».
وكانت دول الوساطة تنتظر ردا من حماس على المقترح الذي يشمل وقفا للنار لمدة 40 يوما وتبادل عشرات المحتجزين الإسرائيليين الذين أسروا خلال هجوم حماس، بعدد من الأسرى الفلسطينيين لدى إسرائيل الذين يعدون بالآلاف.
وينص على الوقف المؤقت للعمليات العسكرية المتبادلة بين الطرفين، وعودة النازحين المدنيين إلى مناطق سكنهم في قطاع غزة.
كما تنص على تسهيل إدخال كميات مكثفة ومناسبة من المساعدات الإنسانية ومواد الإغاثة والوقود، بما في ذلك الوقود اللازم لتشغيل محطة الكهرباء، والمعدات اللازمة لإزالة الركام وإعادة تأهيل وتشغيل المستشفيات والمراكز الصحية والمخابز في قطاع غزة.
وفي غضون ذلك، أكدت المديرة التنفيذية لبرنامج الأغذية العالمي سيندي ماكين أن المجاعة الشاملة في شمال قطاع غزة تمتد نحو الجنوب.
وذكرت وكالة «وفا» أن ماكين أكدت في تقرير نشر على الموقع الرسمي للمنظمة أن أهالي القطاع يعانون من نقص حاد في الغذاء وانعدام الأمن الغذائي بعد مرور سبعة أشهر من الحرب وفق ما وثق البرنامج على أرض الواقع.
ميدانيا، ارتفعت حصيلة الضحايا في قطاع غزة إلى «34654 شهيدا، و77908 مصابين» غالبيتهم من المدنيين، وفق ما أفادت وزارة الصحة التابعة للحركة أمس.
وواصلت إسرائيل شن غارات جوية على أنحاء مختلفة من القطاع المحاصر خصوصا رفح قرب الحدود مع مصر، والتي يقيم فيها أكثر من مليون ونصف فلسطيني نزحوا في معظمهم من مناطق أخرى في القطاع جراء الحرب.
وتتواصل جهود الوساطة التي تقودها مصر وقطر والولايات المتحدة، سعيا للتوصل إلى هدنة والإفراج عن رهائن إسرائيليين في القطاع لقاء إطلاق سراح فلسطينيين من السجون الإسرائيلية.
وأفادت مصادر استشفائية عن ضربات إسرائيلية على رفح وكذلك على مدينة خان يونس المدمرة، فيما أكدت وكالة فرانس برس وقوع قصف ومعارك عنيفة في مدينة غزة.
إلى ذلك، أكد الدفاع المدني انتشال 3 جثث و3 جرحى إثر استهدف منزل لعائلة حوراني في شمال مدينة غزة. كما طالت الغارات الإسرائيلية وسط القطاع، إضافة إلى مدينة رفح.
وعثر في أحد أحياء رفح على عدة جثث بينها جثث أطفال، تحت أنقاض منزل عائلة شاهين الذي استهدفته غارة إسرائيلية.