يشهد سوق العقارات لاسيما في دمشق، حالة ركود منذ فترة ليست بقليلة اذ إن العرض يفوق الطلب، وذلك إثر تراجع مستوى الدخل ورغبة الكثير من الناس بالتخلص من العقارات الفائضة لديهم لإعادة استثمار الأموال في السفر أو نشاطات أخرى. ويقدر الحد الأدنى لأسعار العقارات في دمشق بـ 500 مليون ليرة سورية وقد يتجاوز الحد الأعلى 20 مليار ليرة سورية، مما تسبب في أن تصبح فكرة شراء عقار ضربا من الجنون بالنسبة للأجور التي يحصل عليها الأفراد في سورية إذ يتراوح متوسط الراتب الشهر بين 300 و400 ألف ليرة.
وبينما اعتبر البعض أن هذه الأسعار وهمية بهدف رفع أسعار العقارات قدر المستطاع، اعتبر الخبير بالاقتصاد الهندسي د.محمد الجلالي أن ظاهرة «فقاعة العقارات» لا تنطبق على حالة العقارات في سورية وعلى العكس فإن أسعار العقارات في دمشق حقيقية وعادلة وهي دون التكلفة بالنظر إلى تكاليف البناء المرتفعة باستمرار.
وقال في تصريح لصحيفة «الوطن» الموالية إنه لا يمكن أن تقل تكلفة متر البناء حاليا عن 1.5 إلى مليوني ليرة على الهيكل إضافة لتكاليف المرافق العامة ومساحات الأراضي المحيطة للبناء والأقبية، وكذلك متر الإكساء الذي في أدنى حد له يوازي تكلفة متر البناء في حالة الإكساء الشعبي، ويزداد ضعفين وثلاثة أضعاف حسب نوعية مواد الإكساء، وفيما إذا كانت مستوردة أم محلية الصنع، بالتالي فإن تكلفة إنشاء عقار لا يمكن أن تقل عن 700 حتى 800 مليون ليرة سورية وهذه تكلفة البناء فقط بغض النظر عن كلفة الأرض والمرافق العامة.
ورأى الجلالي أن المشكلة تكمن في تدني الدخل والفجوة الهائلة بين الأسعار والرواتب، حيث قبل الحرب كان راتب الموظف 50 ألف ليرة سورية وثمن العقار 5 ملايين، وبالتالي باستطاعته براتب مائة شهر أن يشتري عقارا ولكن اليوم ثمن العقار مليار والرواتب تضاعفت مرتين أو 3 في القطاع العام واستحالة أن يستطيع الموظف شراء العقار اليوم اعتمادا على راتبه كمصدر دخل وحيد.
واعتبر الجلالي أن سورية من أكثر الدول التي تعاني من ظاهرة «البيوت الفارغة» والتي تستدعي اهتمام وعناية وزارة الإسكان عبر دراسة أسباب هذه الظاهرة وسبل معالجتها، حيث تعتبر الهجرة السبب الرئيس إضافة الى عدم وجود منافذ استثمار أخرى بمعنى أن من يملك أموالا فائضة فإنه يستثمرها في بناء عقارات لا حاجة له بها، وذلك لتفاوت الدخل أيضا، حيث يملك شخص ما 5 عقارات وآخر بحاجة لغرفة، بالتالي لهذه الظاهرة عدة أسباب يجب دراستها للتخفيف من آثارها السلبية، أهمها عدم الاستثمار في القطاعات الأخرى وضرر البيئة عبر استهلاك المساحات الخضراء لإنشاء وحدات سكنية.