يسود الترقب حكم محكمة العدل الدولية بشأن وقف اطلاق النار في قطاع غزة، مع استمرار الهجمات الاسرائيلية جوا وبرا وبحرا على مختلف أجزاء القطاع، في وقت اعلنت الحكومة الاسرائيلية عودتها للمفاوضات الرامية للتوصل إلى هدنة.
واستهدفت غارات جوية وقصف مدفعي مكثف مدينة رفح جنوبا وجباليا شمالا وما بينهما.
ميدانيا، أكد الدفاع المدني في قطاع غزة مقتل 26 فلسطينيا بينهم 15 طفلا على الأقل، على الأقل في ضربتين جويتين إسرائيليتين استهدفتا منزلا ومسجدا في حي الدرج في مدينة غزة.
وأكد المتحدث باسم الدفاع المدني محمود بصل «انتشال 16 ضحية بينهم 10 أطفال بقصف صاروخي اسرائيلي استهدف منزلا في حي الدرج بمدينة غزة».
وأوضح أن الضربة الثانية استهدفت «مدرسة لتعليم القرآن داخل مسجد فاطمة الزهراء بمنطقة الصحابة في حي الدرج بمدينة غزة».
وفي النصيرات وسط القطاع، كان أطفال يتفقدون أنقاض منزل دمرته غارة جوية إسرائيلية أمس.
أما في في رفح فواصلت القوات الإسرائيلية التي بدأت في المدينة عمليات برية في 7 مايو تسببت في نزوح أكثر من 800 ألف شخص بحسب الأمم المتحدة، عملياتها في حيي البرازيل والشابورة، بحسب الجيش.
قرار «العدل الدولية»
إلى ذلك، استبقت الحكومة الاسرائيلية قرار محكمة العدل الدولية اليوم، وقال المتحدث باسمها إنه «لا توجد قوة على الأرض يمكنها أن تمنع إسرائيل من حماية مواطنيها وملاحقة حماس في غزة» على حد قوله.
وكانت المحكمة وهي أعلى هيئة قضائية تابعة للأمم المتحدة أعلنت أمس أنها ستصدر قرارها اليوم بشأن طلب جنوب إفريقيا توجيه أمر لإسرائيل بوقف إطلاق النار في غزة.
وتريد بريتوريا من المحكمة أن تأمر إسرائيل بالوقف «الفوري» لجميع العمليات العسكرية في غزة، بما يشمل مدينة رفح التي باشرت عمليات برية فيها في 7 مايو رغم معارضة المجتمع الدولي.
وقالت المحكمة في بيان إن «جلسة عامة ستعقد في الساعة الثالثة بعد الظهر في قصر السلام في لاهاي».
وقالت جنوب افريقيا في جلسات الاستماع الأسبوع الماضي إن «الإبادة الجماعية» التي ترتكبها إسرائيل وصلت إلى «مستوى مروع»، مشيرة إلى العثور على مقابر جماعية وتسجيل أعمال تعذيب وعرقلة المساعدات الإنسانية.
وسبق أن بتت محكمة العدل الدولية في النزاعات بين الدول، وأحكامها ملزمة قانونا لكن ليست لديها آليات لتنفيذها. ومع ذلك، فإن اتخاذ قرار لصالح بريتوريا سيكون بمنزلة ضربة جديدة لإسرائيل بعدما طلب المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية كريم خان إصدار مذكرات توقيف بحق رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ووزير دفاعه يوآف غالانت بتهمة ارتكاب «جرائم ضد الإنسانية»، إلى جانب ثلاثة من قادة حماس.
وذكرت القناة 12 الإسرائيلية - نقلا عن الناطق باسم الحكومة الألمانية- أنه لو تم إصدار مذكرة اعتقال ضد نتنياهو، فإن برلين ستكون مجبرة على اعتقاله، لأنها ملتزمة بالقانون وتحترم محكمة العدل الدولية.
مفاوضات الهدنة
من جهة أخرى، أعطت حكومة الحرب الإسرائيلية الضوء الاخضر لاستئناف المفاوضات الرامية إلى وقف اطلاق النار في قطاع غزة وتبادل الاسرى والمحتجزين مع حركة حماس.
وتعثرت المفاوضات التي تتوسط فيها الولايات المتحدة وقطر ومصر في مطلع مايو، بعد رفض اسرائيل احدث المقترحات حول الهدنة على وقع تصعيدها العسكري في مدينة رفح جنوب القطاع.
وجاء القرار الحكومي غداة نشر شريط فيديو يظهر لحظة اعتقال مقاتلين من حركة حماس جنديات إسرائيليات في هجوم 7 أكتوبر خلال عملية طوفان الأقصى. وكانت عائلات الجنديات الإسرائيليات الخمس المحتجزات في غزة سمحت بنشر الصور، وهي لقطات مأخوذة من كاميرات «غو برو» كانت مثبتة على رؤوس مقاتلين من حماس خلال الهجوم.
وتظهر الشابات في اللقطات، وبعضهن وجوههن ملطخة بالدماء، يجلسن على الأرض في ملابس النوم وأيديهن مقيدة خلف ظهورهن.
وقال مكتب رئيس الوزراء الاسرائيلي في بيان في وقت لاحق إن ذلك دفع حكومة الحرب إلى الطلب من فريق التفاوض الإسرائيلي «مواصلة المفاوضات من أجل عودة الرهائن».
وتتعرض الحكومة الإسرائيلية لضغط كبير من الداخل للإفراج عن الرهائن الذين كان عددهم 252، ولا يزال 124 منهم اليوم محتجزين، وتوفي 37 منهم، وفق الجيش الإسرائيلي.
في غضون ذلك، قال مسؤول السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل، إن جميع الجهات المانحة في الاتحاد الأوروبي استأنفت دعمها لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين «أونروا»، معتبرا أن «الأونروا» شريان حياة لا غنى عنه في غزة والمنطقة، وعلينا «أن نزيد دعمنا لها فالاحتياجات تتزايد»، وكانت بعض الدول اوقفت التمويل بعد اتهامات اسرائيل لعدد من موظفي اونروا بالمشاركة بهجوم حماس في السابع من اكتوبر، وطالبت بالتحقيق.
استطلاع رأي
وفي اطار هذه الضغوط، أظهر استطلاع للرأي أجرته هيئة البث الإسرائيلية أن 48% من الإسرائيليين يرون أن إسرائيل لا يمكنها إخضاع حركة المقاومة الإسلامية (حماس) مقابل 35% يرون ذلك ممكنا.
كما أظهر الاستطلاع الذي اورده موقع قناة «الجزيرة»، أن 48% من الإسرائيليين يرون الضغط العسكري كفيلا بتحقيق تبادل للأسرى والمحتجزين لدى المقاومة الفلسطينية، فيما دعا 40% لإبرام صفقة تبادل وإنهاء الحرب الإسرائيلية على غزة.
كما تأتي هذه التطورات في وقت تزداد الضغوط على إسرائيل من الخارج، اذ وعقب قرار اسبانيا وايرلندا والنرويج الاعتراف بدولة فلسطين، أعلنت كولومبيا التي يعتبر رئيسها غوستافو بيترو الحرب الإسرائيلية في غزة بأنها «إبادة جماعية»، أنها ستفتح سفارة لها في رام الله في الأراضي الفلسطينية.
وقال وزير الخارجية الكولومبي لويس موريلو للصحافيين إن الرئيس بيترو الذي يعد من أشد منتقدي نتنياهو، أصدر تعليمات «بفتح سفارة لكولومبيا في رام الله» في الضفة الغربية.
وقطعت كولومبيا علاقاتها مع إسرائيل بعد أن وصف الرئيس الكولومبي نتنياهو بأنه «مرتكب لإبادة جماعية». وكان بيترو قد دعا المحكمة الجنائية الدولية بداية هذا الشهر إلى إصدار مذكرة توقيف بحق رئيس الوزراء الاسرائيلي.