زاوية ترصد شهداءنا الأبرار إبان فترة الاحتلال العراقي وتورد مآثرهم وبطولاتهم وقصص استشهادهم
إعداد: دارين العلي
كان محبوبا من الجميع، تميز بأخلاق كثيرة فاضلة، حيث أثنى عليه أقاربه وقالوا إنه كان طيب القلب، خلوقا، كريما يحب مساعدة الآخرين هادئ الطبع، ذا شخصية قوية، انه الشهيد محمد الحسيني.
لم يستطع الشهيد البطل ان يتحمل دخول القوات العراقية إلى الاراضي الكويتية والعبث فيها فقرر منذ اللحظة الاولى مقاومة هذا العدوان، فمارس مختلف انواع المقاومة سواء في مساعدة المواطنين او بالالتحاق بخلايا المقاومة العسكرية.
رفض الحسيني مغادرة الكويت وأصر على المرابطة فيها، وأصبح همه الأساسي ألا يترك الكويت يعبث بها الجنود العراقيون.
المقاومة الإنسانية
وفي البداية، كان الشهيد ناشطا من خلال المقاومة السلمية بالعمل على توزيع المواد الغذائية والتموينية لأهل منطقته، ليكون ذلك عونا لهم على الصمود في أرض الوطن، واجتهد بتجميعها من الجمعيات التعاونية والمخازن الغذائية، وقام أيضا بتوصيل عدد من الأسر الكويتية إلى المملكة العربية السعودية، حيث كانت له معرفة دقيقة بالطرق البرية الحدودية.
المقاومة العسكرية
وكان للشهيد دور آخر وهو المقاومة العسكرية وقد وصف الشهيد بشجاعته النادرة وعدم اكتراثه بجنود الغزو العراقي الآثم، ولذا كان كثيرا ما يقع في مشاجرات معهم في نقاط التفتيش دون خوف من العواقب الوخيمة.
وقد انضم الشهيد إلى إحدى خلايا المقاومة المنتشرة في الكويت، وفق ما افادت به زوجته التي اكدت أنه كان كثير الخروج من المنزل مع خلية المقاومة هذه، إلا أنه كان كتوما جدا عن تحركاتها وعملياتها العسكرية في الوقت الذي أعربت عن توقعاتها أن زوجها الشهيد استخدم السلاح ضد الغزاة، وهذا ما أكده شقيق الشهيد مصارع الذي قال ان شقيقه خطط مع خلية المقاومة بمهاجمة ارتال الجيش العراقي في منطقة المطلاع إلا أن كثرة عدد الجنود وقلة أفراد أبناء المقاومة حال دون تنفيذ هذه العملية، جازما بأن الشهيد مع أبناء خلية المقاومة كانوا يعملون خططا وكمائن لمقاومة الجنود العراقيين وقتلهم.
المهمة الأخيرة
كان الشهيد كعادته يقوم بتوصيل الأسر الكويتية إلى المملكة العربية السعودية وفي آخر المرات بتاريخ 30/10/1990 بعد أن أدى هذه المهمة زار زوجته هناك وودعها للذهاب إلى أرض الوطن، وعلى الرغم من إلحاح زوجته بعدم العودة إلا أنه أصر على ذلك، مؤكدا إصراره على مقاومة المعتدين، وقال «غدا راح تفتخرون فينا وأسامينا على كل لسان وإن شاء الله الكويت ترجع حرة ونحن من يرجعها ونحن لن نسكت عن الجنود العراقيين، وقال أيضا لابد أن أذهب إلى الكويت وأموت فيها».
ظروف الاعتقال
توجه الشهيد مع صديقه في المقاومة حمد سويد السعيد إلى الحدود السعودية ومنها إلى الحدود الكويتية وهناك واجهتهما نقطة تفتيش عراقية حيث قامت بإلقاء القبض عليهما، اذ يبدو ان اسم الشهيد كان مدرجا في قوائم المطلوبين من القوات العراقية وذلك لدوره في المقاومة العسكرية.
وبعد اعتقاله اقتيد إلى سجن الدوحة ثم إلى غيره من سجون الكويت مثل سجن الأحداث الذي مكث فيه منذ الأسبوع الأول من شهر نوفمبر 1990 إلى الأسبوع الأول من شهر ديسمبر، وكذلك اعتقل في مخفر الشامية، ومخفر الجهراء ثم تم ترحيله إلى العراق وهناك اعتقل في أكثر من معتقل مثل أمن البصرة السياسي، وسجن بغداد، وآخر المعلومات عن اعتقاله كان في سجن منطقة الرمادي.
إعلان الشهادة
ومن سجن الرمادي انقطعت اخبار الشهيد تماما حتى تم إثبات استشهاده بصدور حكم المحكمة الكلية الذي يقضي بموت المفقود محمد جزاع مصارع الحسيني موتا حكميا اعتبارا من يوم 20/4/2010.