بدأ الفرنسيون في أقاليم ما وراء البحار الإدلاء بأصواتهم أمس في الجولة الثانية والحاسمة من انتخابات تشريعية تاريخية تراقبها عن كثب عواصم عديدة في اوروبا والعالم مع صعود اليمين المتشدد وتشكل «جبهة جمهورية» لمواجهته.
أما ناخبو فرنسا القارية وباقي الأقاليم فسيدلون بأصواتهم اليوم.
ونادرا ما أثارت انتخابات تشريعية في فرنسا قدرا مماثلا من القلق لدى البعض والأمل لدى آخرين يريدون منح اليمين المتشدد إمكانية الحكم من خلال التصويت لحزب التجمع الوطني برئاسة جوردان بارديلا (28 عاما) الطامح الى تولي رئاسة الحكومة.
وقبل ساعات من اختتام الحملة الانتخابية منتصف ليل الجمعة - السبت وبدء فترة الصمت الانتخابي، أظهرت عدة استطلاعات لنوايا التصويت تقاربا بين الكتل الثلاث: في اليمين المتشدد حزب التجمع الوطني وحلفاؤه، في اليسار تحالف «الجبهة الشعبية الجديدة»، وفي يمين الوسط معسكر الرئيس إيمانويل ماكرون. وتحدث رئيس الوزراء المنتهية ولايته غابرييل أتال عن احتمال حصول عرقلة سياسية، مؤكدا أن بإمكان حكومته ضمان استمرارية الدولة «للوقت اللازم» إذا لم تنبثق غالبية واضحة عن صناديق الاقتراع.
وأدت المخاوف من صعود اليمين، إلى مفاوضات شاقة أفضت إلى تشكيل «جبهة جمهورية» جديدة، مع انسحاب حوالى 200 مرشح من اليمين ويمين الوسط واليسار لقطع الطريق أمام مرشحي التجمع الوطني في الجولة الثانية.
وتشير خبيرة الدستور من جامعة روان آن شارلين بيزينا لوكالة فرانس برس الى السيناريوهات المحتملة لما بعد الانتخابات، ما بين غالبية مطلقة وحكومة أقلية وحكومة خبراء، فيما يبقى السؤال مطروحا عمن سيكون رئيس الوزراء المقبل ومتى سيتولى مهامه.
وأول هذه السيناريوهات: غالبية مطلقة (289 نائبا على الأقل) للتجمع الوطني. وتغير الوضع حسابيا على ضوء الانسحابات الكثيرة، لكن معرفة بأي نسبة سيتبع الناخبون»الجبهة الجمهورية «عند الإدلاء بأصواتهم يبقى أمرا في غاية الصعوبة.
وثمة خيار آخر هو غالبية نسبية للتجمع الوطني:
ـ مريحة (نحو 270 مقعدا)، ما قد يسمح لجوردان بارديلا بالبحث عن دعم في صفوف الجمهوريين (يمين) وأن يصبح رئيسا للوزراء من غير أن يخشى أن تطيح بحكومته مذكرة بحجب الثقة في الجمعية.
ـ محدودة (نحو 250 مقعدا)، وهو سيناريو عرفته مؤخرا إليزابيت بورن رئيسة الحكومة عن الغالبية النسبية الرئاسية بين 2022 ومطلع 2024.
ـ ضعيفة (نحو 220 مقعدا) مع شرعية تكاد تكون مماثلة لأحزاب المعارضة التي سيتكون حجمها قريبا من التجمع الوطني».
وتستبعد بيزينا أن يبقى أتال في رئاسة الحكومة بعد الفشل في الانتخابات الأوروبية والنتائج السيئة المتوقعة في الانتخابات التشريعية. و«إذا رفض جوردان بارديلا رئاسة الحكومة، ثمة احتمالان:
قيام حكومة وحدة وطنية تجمع المعسكر الماكروني وقسما من الجبهة الشعبية الجديدة (تحالف أحزاب اليسار) واليمين الجمهوري. هذا السيناريو يبدو معقدا، فهذا الائتلاف المتنافر الذي سيتشكل من دون فرنسا الأبية، لن يكون مسلحا بما يكفي للصمود بوجه مذكرة حجب ثقة. ثم من الصعب لشخصيات على هذا القدر من التناقض مثل الجمهوري أوليفييه مارليكس والبيئية ساندرين روسو، أن تتفق ولو على برنامج بالحد الأدنى. وثمة فرضية أخرى هي تشكيل حكومة خبراء تستمر حتى الانتخابات التشريعية المقبلة، وتلتزم مختلف القوى السياسية عدم الإطاحة بها. خبراء اقتصاد وموظفون كبار وديبلوماسيون.. يكونون بدورهم تحت سلطة شخصية موضع إجماع في ماتينيون. والهدف هو طمأنة المستثمرين والأسواق المالية وشركائنا.